بلازما دم المتعافين تمنح أملا جديدا لعلاج مرضى كورونا

دول العالم تستعد لبدء استخدام بلازما دم الناجين من فايروس كورونا في علاج المرضى المصابين به، بعد أن سمحت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية باستخدام هذا العلاج في المستشفيات. مع ذلك، تسود مخاوف لدى بعض العلماء من خطر حدوث آثار جانبية أو انتقال عوامل أخرى مُعدية.
واشنطن - أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المصادقة على استخدام بلازما دم المتعافين من فايروس كورونا لعلاج المصابين بالوباء الذي أدى إلى أكثر من 176 ألف وفاة في الولايات المتحدة.
ووصف ترامب الإعلان بأنه “اختراق تاريخي” على مسار علاج كوفيد – 19، من شأنه “إنقاذ عدد كبير من الأرواح”.
وقبل دقائق فقط من المؤتمر الصحافي للرئيس الأميركي، أعلنت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية “أف.دي.أي” عن المصادقة العاجلة التي تندرج ضمن اختصاصها وليس ضمن اختصاص رئيس الدولة.
وقالت إدارة الغذاء والدواء إن مؤشرات مبكرة تدل على أن بلازما الدم من المتعافين يمكنها أن تقلل احتمالات الوفاة وتحسن الحالة الصحية إذا تلقاها المرضى في الأيام الثلاثة الأولى من دخولهم المستشفى.
وأضافت أنها قررت أمان تلك الطريقة في العلاج بعد تحليل بيانات 20 ألف مريض تلقوه وأن 70 ألفا عولجوا حتى الآن باستخدام بلازما دم المتعافين من المرض.
وأشارت الإدارة إلى أن المرضى الذين ظهرت عليهم أقصى استفادة بطريقة العلاج تلك كانوا أقل من 80 عاما ولم يكونوا على أجهزة تنفس صناعي.
ويُعتقد أن البلازما (مصل الدم) تحتوي على أجسام مضادة قوية يمكن أن تساعد المصابين بكوفيد – 19 في محاربة الفايروس بوتيرة أسرع، كما يمكن أن تسهم في الحد من التداعيات الخطرة للإصابة بالوباء.
وعلى الرغم من أن البلازما مستخدمة حاليا في علاج مصابين بكوفيد – 19 في الولايات المتحدة ودول أخرى، لا يزال الجدل قائما بين الخبراء حول مدى فاعليتها، وقد حذّر بعضهم من آثار جانبية لها.
وأشار وزير الصحة الأميركي، أليكس عازار، إلى أن النتائج الأولية تبيّن أن معدّل البقاء على قيد الحياة أعلى بنسبة 35 في المئة لدى المصابين الذين تلقوا هذا العلاج.
ويقول لين هوروفيتس، المتخصص في الأمراض الرئوية في مستشفى لينوكس هيل في مدينة نيويورك، إنّ “بلازما المتعافين مفيدة على الأرجح، على الرغم من أن هذا الأمر غير مثبت بتجارب سريرية، لكنها ليسات علاجا إنقاذيا لمرضى مصابين بعوارض حادة”.
ويرجّح أن تكون البلازما أكثر فاعلية لدى الذين خالطوا للتو مصابين بالفايروس، أي في المرحلة التي يحاول فيها الجسم القضاء على الالتهاب.

وسبق أن وافقت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية على استخدام بلازما دم المتعافين من فايروس كورونا في علاج مصابين وفق شروط معينة على غرار التجارب السريرية والمرضى الذين يعانون عوارض بالغة الخطورة.
وأوردت صحيفة واشنطن بوست أن أكثر من 70 ألف مصاب بالوباء في الولايات المتحدة تلقوا هذا العلاج.
وبدأت تجارب المصل في أبريل الماضي، وسُمح بهذا العلاج في المستشفيات، لاسيما في فرنسا والولايات المتحدة والصين والنمسا التي أعلنت نتائج مقنعة لدى ثلاثة مرضى الخميس الماضي.
واعتبر خبير كبير في الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية أن استخدام بلازما الدم في فترة النقاهة نهج “صحيح للغاية” لكنه شدد على ضرورة منح التجربة الوقت الكافي لتحقيق أكبر قدر من الفائدة للجهاز المناعي.
وقال الدكتور مايك رايان مدير برنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية للصحافيين في فبراير الماضي، إن البلازما في فترة النقاهة أثبتت أنها “فعالة ومنقذة للحياة” وذلك عند استخدامها لعلاج أمراض معدية أخرى ومنها الدفتيريا.
وأوضح “ما يقوم به الغلوبيولين مفرط المناعة هو أنه يركز الأجسام المضادة داخل المريض عند تعافيه. إنك في الأساس تمنح الجهاز المناعي للمريض الجديد دفعة من الأجسام المضادة”.
لكن الأكاديمية الفرنسية للطب أشارت إلى أن عدد وفعالية الأجسام المضادة “يتغيران كثيراً من متبرع لآخر” وهناك خطر حدوث آثار جانبية أو انتقال عوامل أخرى مُعدية.
وهي تعول بدلاً من ذلك على “الغلوبيولين المناعي مفرط المناعة” الذي يمكن إنتاجه من بلازما دم المرضى الذين يحملون عدداً كبيراً من الأجسام المضادة. ويمكن استخدام هذه البروتينات “ليس فقط لعلاج الأشكال الحادة”، ولكن أيضاً “للوقاية” لدى أقارب المرضى و”منذ بداية الإصابة لدى الأشخاص الضعفاء”.
وأعلنت معاهد الصحة الوطنية الأميركية في 4 أغسطس الجاري بدء تجارب إكلينيكية واسعة النطاق لاختبار دواء مصمم خصيصاً لعلاج كوفيد – 19.
والدواء عبارة عن جسم مضاد لفايروس كورونا المستجد اكتشفته، في دم مريض تعافى، شركة “أبسيليرا بَيولوجيكس” الكندية وطورته من أجل إنتاجه بكميات كبيرة مختبرات أبحاث شركة “ليلي ريسرتش” البحثية الأميركية.
وستبدأ تجربة المرحلة الـثالثة (المرحلة الأخيرة) باستقطاب 300 متطوع في جميع أنحاء العالم هم مرضى دخلوا المستشفى ولكن مع أعراض خفيفة أو معتدلة. وسيتلقى نصفهم الدواء (عن طريق الحقن) والنصف الآخر علاجاً وهمياً من أجل اكتشاف الفعالية الحقيقية للعلاج. وسيتم علاج الجميع بشكل طبيعي ضد كوفيد – 19.
وفي فرع آخر للتجربة الإكلينيكية ستُختبر الأجسام المضادة المخلقة على مرضى لم يدخلوا المستشفى.
والأجسام المضادة هي بروتينات ينشرها الجهاز المناعي لتلتصق بالفايروسات التي تهاجم الجسم وتمنعها من دخول خلاياه.
وتهدف اللقاحات إلى تحفيز الجهاز المناعي لإنتاج هذه الأجسام المضادة لدى مرضى غير مصابين بالفايروس، بطريقة وقائية، وفق عدة طرق يتم اختبارها في جميع أنحاء العالم.
أما الأشخاص الذين يعانون بالفعل من المرض، فقد تمت الموافقة على إعطائهم علاجين حتى الآن هما ريمديسيفير وديكساميثازون.
النتائج الأولية تبيّن أن معدّل البقاء على قيد الحياة أعلى بنسبة 35 بالمئة لدى المصابين الذين تلقوا هذا العلاج ببلازما دم المتعافين
وتُجرى من جهة أخرى تجارب في عدة دول في جميع أنحاء العالم، لمعرفة ما إذا كان استخدام البلازما من متبرعين تعافوا من فايروس كورونا وصارت لديهم أجسام مضادة للفايروس، قادرا على علاج مرضى آخرين.
يواصل الوضع الصحي المرتبط بفايروس كورونا المستجدّ التدهور في العالم خصوصا في فرنسا وإيطاليا، وهو ما يؤجج الخشية من موجة ثانية.
ومنذ بضعة أيام، تواجه إيطاليا التي تفشى فيها الفايروس بشكل واسع في مارس وأرهق نظامها الاستشفائي، ارتفاعا ملحوظا في عدد الإصابات بالمرض خصوصا بسبب التنقلات والنشاطات الصيفية للمصطافين.
وبحسب آخر حصيلة رسمية نُشرت الأحد، سُجلت 1210 إصابات جديدة بكوفيد – 19 في البلاد خلال 24 ساعة. ويرتبط ثلث الإصابات المسجّلة في منطقة روما بأشخاص عائدين من عطل في جزيرة سردينيا.
ورغم الارتفاع المفاجئ في عدد الإصابات، أراد وزير الصحة الإيطالي روبيرتو سبيرانزا أن يكون مطمئنا الأحد معتبرا أن الوضع تحت السيطرة ومستبعدا فرض عزل عام مجددا في بلاده.
لكن على المستوى المحلي، يتزايد القلق. فقد اقترح رئيس منطقة كامبانيا المحيطة بنابولي الحدّ من التنقلات بين المناطق من الآن وحتى عودة التلاميذ إلى المدارس.
في فرنسا، يتدهور الوضع الصحي أيضا. فقد سُجّلت أكثر من 4500 إصابة جديدة بكوفيد – 19 خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، وفق أرقام نشرتها السلطات الصحية الفرنسية الأحد.
في المجمل، سُجّلت 4897 إصابة مؤكدة مقابل 3602 السبت.
وحذّر وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران “نحن في وضع محفوف بالمخاطر” في مواجهة وباء كوفيد – 19، متخوفا من انتقال العدوى من الشباب إلى الأشخاص الأكبر سنا الذين يعتبرون أكثر ضعفا.
على غرار إيطاليا، لا تعتزم السلطات الفرنسية إعادة فرض عزل عام وترجّح في هذه المرحلة تدابير محلية متعهّدة بتشديد المراقبة.
وكانت قوات الأمن مساء الأحد تراقب التزام المواطنين بالقواعد المفروضة في باريس على هامش بثّ المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم بين بايرن ميونخ الألماني وباريس سان جرمان. وأفادت الشرطة أن عناصرها فرضت غرامات على 274 شخصا لعدم وضعهم كمامات، خصوصا في حانة تم إخلاؤها على مقربة من جادة الشانزيليزيه.
وفي المجمل، أودى الوباء بحياة ما لا يقلّ عن 805.470 شخصا في العالم منذ ظهوره في الصين في ديسمبر الماضي.