بكين تستكشف الفرص الاستثمارية الواعدة في عُمان

توسيع شراكات الصين الإستراتيجية في إطار طريق الحرير، وتوقيع اتفاقية لإنشاء منطقة صناعية في منطقة الدقم بأكثر من 10.7 مليار دولار.
الثلاثاء 2019/05/21
التركيز على الشراكات ذات العوائد المربحة

دخلت الشراكة المستقبلية بين سلطنة عمان والصين مرحلة جديدة بتكريس علاقتهما الاقتصادية ضمن الإطار الموسع لمبادرة طريق الحرير الجديد، في تأكيد على أهمية موقع الدولة الخليجية الاستراتيجي، والذي سيتيح لها تعزيز معدلات النمو بشكل أكبر.

يونان (الصين) - أكد مسؤولون صينيون رغبة بلادهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع سلطنة عمان وزيادة الاستثمارات في كافة المجالات، بما يعود بالمنافع المشتركة على البلدين.

ومن الواضح أن الصين تتلمس طريق الحرير في الدولة الخليجية عبر مطاردة الفرص الاستثمارية الواعدة واستغلال كل الظروف لتعزيز الروابط التجارية في المستقبل وعلى أسس مستدامة.

وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد كشف في عام 2013 عن عزم بلاده قيادة جهود العالم لتحرير التجارة وتعزيز التنمية، ضمن مخطط متكامل رصدت له أكثر من تريليون دولار في أكثر من 60 بلدا.

وعبّرت يانغ مو نائبة مدير عام مكتب الخارجية في حكومة يونّان أمس خلال لقائها بوفد الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات العُمانية (إثراء) في عاصمة المقاطعة كونمينغ، عن طموحات بلادها للاستثمار في مختلف القطاعات في عُمان.

ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية لمو قولها إن “هناك العديد من الفرص والمجالات لتعزيز التعاون بين البلدين، وتشجيع الاستثمارات المشتركة”.

يانغ مو: هناك عدة مجالات يمكن أن تعزز التعاون المشترك
يانغ مو: هناك عدة مجالات يمكن أن تعزز التعاون المشترك

وأكدت مو أن هناك رغبة كبيرة من حكومة المقاطعة للاستثمار في عدد من القطاعات الاقتصادية بالسلطنة، كالبنية التحتية والسياحة والطاقة واللوجستيات والمعادن وإدارة النفايات والتعاون في المجال الثقافي.

ويعتزم وفد من المقاطعة تنظيم زيارة إلى السلطنة في النصف الثاني من العام الجاري لوفد تجاري واستثماري متخصص في عدد من القطاعات الاقتصادية المهمة.

وكانت مو قد زارت السلطنة الشهر الماضي والتقت بمسؤولين في جهات حكومية كإثراء وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم ووزارة التجارة والصناعة ووزارة المالية والصندوق الاحتياطي العام للدولة والبنك المركزي العماني.

وقالت نسيمة بنت يحيى البلوشية المديرة العامة لإثراء خلال اللقاء مع مو إن بلادها ترحب بالمستثمرين الصينيين، مؤكدة أن الهيئة سوف تقدم لهم التسهيلات اللازمة، خاصة وأن السلطنة بها العديد من المناطق الحرة والصناعية.

كما أن للقطاع السياحي دورا مهما في تعزيز الشراكات التجارية والاقتصادية بين البلدين، خاصة وأن مسقط لديها استراتيجية لتوسيع نطاق هذا النشاط في السنوات المقبلة.

وتعليقا على رغبة وزارة السياحة العمانية افتتاح مكتب في الصين للترويج السياحي، قالت شي لن نائبة مدير عام السياحة والثقافة بيونان إن “هذه الخطوة سوف تساهم في تعزيز التبادل السياحي بين الجانبين، وتعرّف كل بلد على ثقافة البلد الآخر ومميزاته السياحية”.

وأشادت شي لن بتسهيلات التأشيرات الإلكترونية للسياح والمستثمرين الصينيين التي تقدّمها السلطات العمانية، متوقعة أن تساهم هذه التسهيلات في زيادة أعداد السياح والمستثمرين الصينيين بالسلطنة.

ودعت خلال لقائها بوفد إثراء السياحَ العمانيين إلى زيارة مقاطعة يونّان والتعرف على ما تتميز به من ثراء سياحي وتنوع إثني ومناخ معتدل على مدار العام.

شراكة إستراتيجية
شراكة إستراتيجية

وأكدت أنها بعد عودتها من مسقط أوصت بأن تُوضع السلطنة ضمن اهتمامات المستثمرين الصينيين في مقاطعة يونّان، وقالت “نحن جاهزون لتسويق السلطنة أمام مواطنينا”.

ويسعى البلدان من وراء تعزيز العلاقات الاقتصادية أيضا إلى تطوير المبادلات التجارية التي لا تزال ضعيفة على ما يبدو.

وتشير بيانات جمعية الصداقة العُمانية الصينية إلى أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والصين يبلغ سنويا قرابة 17 مليار دولار.

ويعتقد المسؤولون العمانيون أن الأسواق الأفريقية تعد واحدة من الأسواق المهمة في الوقت الحالي في ظل الظروف الحاليّة التي تمر بها السلطنة.

ورغم أن مساعي الصين لإحياء التجارة على طريق الحرير تواجه عقبات كثيرة من بينها إتمام مشاريع سكك الحديد، إلا أن بكين مصرّة على إنجاز مشروعها الطموح.

وتعتبر بكين مسقط أحد أهم شركائها للاستثمار في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة بعد توقيع اتفاقية في مايو العام الماضي لإنشاء منطقة صناعية في منطقة الدقم بأكثر من 10.7 مليار دولار.

نسيمة بنت يحيى البلوشية: سنقدم للمستثمرين الصينيين كافة التسهيلات اللازمة
نسيمة بنت يحيى البلوشية: سنقدم للمستثمرين الصينيين كافة التسهيلات اللازمة

ومشروع المنطقة، الممتدة على ساحل قاحل يبعد 550 كيلومترا جنوب مسقط، الأكبر في تاريخ الدولة الخليجية، وهو يأتي ضمن الجهود الهادفة إلى وقف الاعتماد على صادرات النفط الخام والغاز، وتنويع مواردها لتشمل صناعات أخرى، قبل أن تنفد الاحتياطيات النفطية.

ويمثل تنويع الموارد في الخطة الخماسية للحكومة والتي بدأت في 2016 ركيزة استراتيجية لتخفيف الاعتماد على النفط وإحداث تغييرات هيكلية في بنية الاقتصاد في ظل توقعات بنفاذ احتياطات البلاد النفطية خلال 15 عاما.

وخصصت الحكومة العمانية مليارات الدولارات لإنفاقها على تطوير المنطقة المحيطة بقرية الدقم النائية، التي يعمل أهلها بالصيد لتصبح منطقة نشاط اقتصادي كبيرة بهدف جذب شركات لتوفير فرص عمل جديدة.

ويعتقد خبراء أن هذه الاستراتيجية تحمل في طياتها بعضا من المخاطرة، إذ إنها تقوم على الإنفاق بسخاء على البنية التحتية وإطلاق صناعات أساسية بتمويل حكومي، فضلا عن حث القطاع الخاص على المشاركة في ذلك المخطط.

ومع ذلك، يمثل هذا الاتجاه عاملا رئيسيا في السياسة الاقتصادية للدولة، البالغ عدد سكانها 4.4 مليون نسمة، باعتبارها لا تملك من موارد الدخل ما يضاهي جيرانها من مصدري النفط مثل السعودية والإمارات.

ويقول المسؤولون العمانيون إن الدقم باتت الآن على خارطة العالم، وإن الكثير من المستثمرين أصبحوا يهتموا بالمنطقة فالموقع الجغرافي سيسمح لكثير من البضائع للدخول إلى السلطنة والخروج إلى مختلف الأسواق العالمية وخاصة أفريقيا وأوروبا.

11