بكين تتعهد بانفتاح أكبر على الواردات لمواجهة الحرب التجارية

رسوم ترامب تقلص طلبيات التصدير الصينية للولايات المتحدة، وقمة العشرين جدار الصد الأخير للبلدين لإنهاء التصعيد.
الثلاثاء 2018/11/06
هدوء مؤقت

أبدت الصين أمس مرونة في درب مواجهة الحرب التجارية، التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أشهر عليها، عبر الالتزام بانفتاح أكبر على الواردات، رغم شكوك البعض في جدوى هذه الخطة، التي ستكون محور جدل خلال قمة العشرين المقررة نهاية هذا الشهر.

شنغهاي (الصين) – تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ مجددا أمس بفتح السوق الصيني بشكل أكبر أمام الواردات، معطيا بذلك درسا في التبادل الحر لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وللانتقادات التي تتهم بلاده بالتراجع عن وعودها بإجراء إصلاحات.

وأمام عدد من القادة العالميين المجتمعين في المعرض الأول للواردات بشنغهاي، أكد الرئيس الصيني أن بلاده “ستزيد من جهودها” لفتح سوقها وزيادة شراءاتها من الخارج وتبسيط الإجراءات الجمركية ومحاربة التقليد، لكن دون أن يعلن إجراءات كبيرة ملموسة.

ووعد شي، الذي يقود ثاني أكبر اقتصاد في العالم، في الذكرى الاربعين لإطلاق عهد الإصلاحات والانفتاح في الصين “سنشجع قيام بيئة تجارية من مستوى عالمي”.

وتعقد الصين هذا الأسبوع في عاصمتها الاقتصادية شنغهاي أول “معرض دولي للواردات”، وهي تظاهرة بدت أشبه برد على الحرب التجارية التي أطلقها في يوليو ترامب الغاضب من العجز الهائل المتراكم في بلاده.

ودون أن يسمي الولايات المتحدة، ندد الرئيس الصيني بـ”النزعة الحمائية والانعزالية”، معتبرا أنه يتعين على كل الدول أن “تنظف أمام بابها”.

شي جين بينغ: النزعة الحمائية والانعزالية غير مجدية وعلى كل دولة أن تنظف أمام بابها
شي جين بينغ: النزعة الحمائية والانعزالية غير مجدية وعلى كل دولة أن تنظف أمام بابها

وشدد على أنه ليس من شأن هذه الدول أن “تشير بأصابع الاتهام إلى الغير لحجب مشكلاتها الخاصة ولا ينبغي لها أن تتجول بمصباح تسلطه على أخطاء الآخرين دون أن تضيء على أخطائها”.

وفرض البلدان في الأشهر الأخيرة رسوما جمركية عقابية على واردات كل منهما بينهما، لكن الفائض الثنائي الصيني في تراكم متواصل.

وفرضت واشنطن رسوما بين عشرة و25 بالمئة على سلع صينية هذا العام بسبب ما تصفه بممارسات تجارية غير عادلة من جانب بكين ومن المقرر أن ترفع نسبة العشرة بالمئة إلى 25 بالمئة في نهاية العام.

كما فرض البلدان رسوما على سلع الدولة الأخرى بمئات المليارات من الدولارات، وهدد الرئيس دونالد ترامب بفرض رسوم على بقية صادرات الصين إلى بلاده التي تقدر بما يزيد على نصف تريليون دولار، ما لم يُحل النزاع التجاري.

ومع أن نحو نصف الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بات يخضع لهذه العقوبات، فإن ترامب هدد باستهداف كافة المنتجات الصينية. ولم تتمثل إدارة ترامب في معرض شنغهاي.

ومن المقرر أن يلتقي شي وترامب وجها لوجه في نهاية هذا الشهر على هامش قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين، ما يثير أملا بتهدئة التوتر التجاري، لكن النجاح الهائل للتجارة الصينية يثير انتقادات خارج الولايات المتحدة.

وإذا لم يحرز الاجتماع أي تقدم لحل الخلاف فمن المتوقع أن يفرض ترامب المزيد من الرسوم ليضر أكثر بآفاق الصادرات.

وذكر الرئيس الكيني يوهورو كينياتا، الذي تحدث في المعرض، أن التجارة بين بلاده والصين تضاعفت حوالي ثماني مرات في السنوات العشر الأخيرة في مؤشر إلى الاستثمارات الهائلة للصين في أفريقيا.

وأضاف “غير أن هذه التجارة غير متوازنة بشكل كبير لصالح الصين. ومن المهم بالتالي أن نصحح هذا الخلل بهدف التوصل إلى تقاسم منصف لثمار التجارة”.

وفي مرمى العديد من الفاعلين الأجانب، الدعم الذي تمنحه تقليديا بكين للشركات العامة على حساب المستثمرين الخواص والأجانب.

كريستين لاغارد: إصلاح أكبر للسوق الصينية سيساهم كثيرا في تعزيز النظام التجاري العالمي
كريستين لاغارد: إصلاح أكبر للسوق الصينية سيساهم كثيرا في تعزيز النظام التجاري العالمي

وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد “يبقى هناك هامش لإصلاح أكبر للسوق الداخلية في الصين ما سيساهم في تعزيز النظام التجاري العالمي وتبني إصلاحات تساعد على إطلاق القدرات الكاملة للكثير من الشركات في القطاع الخاص”.

وتشارك أكثر من ثلاثة آلاف شركة من 130 دولة في معرض شنغهاي بينها شركات أميركية عملاقة مثل جنرال موتورز وفورد ووالمارت وتيسلا، لكن مشاركين أجانب أبدوا خيبة أمل من خطاب الرئيس الصيني.

وقال نائب رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين، كارلو دييغو داندريا “لم نسمع شيئا جديدا لم يقل في الماضي” باستثناء إشارة إلى فتح قطاعي التربية والخدمات الطبية.

وقال رئيس غرفة التجارة الأميركية بشنغهاي، كينيث جارات، إن “الصين التي باتت ثاني أكبر اقتصاد عالمي، يمكنها أن تفتح أبوابها على مصاريعها”.

وتشتكي شركات وحكومات أجنبية بانتظام من الحواجز التي تعترضها في الصين مع قوانين مبهمة وبيروقراطية وتمييز مقارنة بالشركات الصينية العامة وحماية نسبية جدا للملكية الفكرية.

والصين في الترتيب التاسع والخمسين بين 62 دولة قيمت منظمة التجارة والتنمية في أوروبا مدى انفتاحها على الاستثمارات الأجنبية.

وتراجع إجمالي قيمة صفقات التصدير في معرض كانتون، الذي يقام مرتين كل عام واختتم الأحد الماضي، واحدا بالمئة إلى 29.86 مليار دولار، وذلك مقارنة مع آخر نسخة من المعرض.

10