بغداد ترسل وفدا إلى طهران لوقف استهداف إقليم كردستان

بغداد – بعد الهجمات الأخيرة التي شنها الحرس الثوري الإيراني على مواقع إقليم كردستان العراق، والتي مثلت إحراجا للحكومة الاتحادية، قرر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مساء الثلاثاء إرسال وفد رفيع المستوى برئاسة مستشار الأمن القومي إلى طهران، لمناقشة تلك الاعتداءات.
واستهدفت ضربات نسبت إلى إيران في الأول من أكتوبر الحالي مواقع لتنظيم كردي إيراني مسلّح في إقليم كردستان في شمال العراق، كما أفاد مسؤول فيه، بعد أيام على قصف أسفر عن مقتل 14 شخصا في الإقليم، بعدما اتهمت معارضين إيرانيين مسلحين من الأكراد بالضلوع في الاضطرابات المستمرة في البلاد، لاسيما في الشمال الغربي، حيث يعيش معظم أكراد إيران البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة.
وترى أوساط سياسية أن هذه الخطوة التي جاءت متأخرة، خصوصا وأن تلك الانتهاكات للأراضي العراقية مرّ عليها نحو أسبوعين، هي لرفع العتب، لاسيما في ظل تصاعد الغضب الشعبي، واتهام السلطات في بغداد بأنها لا تقوم بما يكفي لمواجهة القصف الإيراني لإقليم كردستان.
وقال وزير الخارجية العراقي وفق بيان من الدائرة الإعلامية لمجلس النواب إنه سيرسل وفدا إلى إيران لبحث اعتداءاتها على إقليم كردستان.
ووفق البيان الذي نشرته وكالة "شفق نيوز"، فإن "لجنة العلاقات الخارجية برئاسة النائب عامر الفائز وبحضور النائب الأول لرئيس المجلس محسن المندلاوي وأعضاءها، استضافت الثلاثاء وزير الخارجية فؤاد حسين ووكيل الوزارة وعددا من مسؤوليها".
وأوضح أنه "تمت مناقشة ما جاء بتوجيهات رئيس المجلس لمناقشة القصف الإيراني والتركي الأخير على إقليم كردستان العراق".
وأضاف البيان أن "وزير الخارجية استعرض أثناء الاستضافة التي حضرها الأمين العام لمجلس النواب، أهم الخطوات التي اتخذتها الوزارة بشأن الاعتداء على إقليم كردستان، وأولاها استدعاء السفير الإيراني وتسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة، ومن ثم اللقاء بوفد من الجانب الإيراني في مقر الوزارة يوم الخامس من الشهر الحالي لمناقشة كيفية إيجاد حلول ووضع حد للانتهاكات المستمرة على سيادة العراق".
وشدد الوزير، وفق البيان، على أنه "تم الاتفاق على مواصلة المباحثات من خلال إرسال وفد عراقي إلى إيران برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي"، موضحا أن "العراق قدم مذكرة احتجاج لمنظمة الأمم المتحدة وطالبها بوضع حد للانتهاكات التركية والإيرانية، وأصدرت المنظمة على إثرها بيان استنكار ورفض لتلك الانتهاكات والاعتداءات المتكررة على أمن وسيادة الأراضي العراقية وأرواح مواطنيه".
وأكد الوزير أن "بيانات الشجب والاستنكار لم تعد تكفي، وعليه يجب أن تكون للمجتمع الدولي خطوات ملموسة لوضع حد لكل الاعتداءات العسكرية التي تحدث بصورة متكررة على الأراضي العراقية"، مشيرا أن "الحكومة العراقية تبذل جهودا لحث المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات فعلية بهذا الصدد".
وكانت بغداد قد استدعت السفير الإيراني بالبلاد محمد كاظم الصادق وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة تنديدا بالهجمات الإيرانية.
ويرى نشطاء أن استدعاء السفير الإيراني خطوة غير كافية، لا بل هي شكلية لامتصاص ردود الفعل، معربين عن حالة من اليأس حيال إمكانية أن تتخذ بغداد أي خطوات حقيقية لوقف الاعتداءات الإيرانية كما التركية.
ومنذ سبتمبر الماضي تشنّ إيران ضربات متفرقة في شمال العراق، كانت أعنفها في الثامن والعشرين من الشهر ذاته، بأكثر من 70 صاروخا وضربات لطائرات بلا طيار في الإقليم المتمتع بحكم ذاتي، استهدفت مجموعات كردية إيرانية معارضة.
وقتل على الأقلّ 14 شخصا، بينهم امرأة حامل في هذا القصف، وأصيب 50 آخرون بجروح "معظمهم من المدنيين وبينهم أطفال دون سن العاشرة"، بحسب جهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم.
واعتبر مراقبون أن قصف الحرس الثوري الإيراني مجددا مناطق في إقليم كردستان في شمال العراق، يعكس عمق الأزمة التي يتخبط فيها نظام طهران في مواجهة الاحتجاجات الداخلية المستمرة منذ أسابيع، ويسعى هذا النظام للبحث عن شماعة كإلقاء مسؤولية ما يجري على معارضين إيرانيين في شمال العراق.
وتتخذ أحزاب وتنظيمات معارضة كردية - إيرانية يسارية من إقليم كردستان العراق مقرا لها، وهي أحزاب خاضت تاريخيا تمردا مسلحا ضدّ النظام في إيران، على الرغم من تراجع أنشطتها في السنوات الأخيرة.
لكن هذه التنظيمات لا تزال تنتقد بشدّة الوضع في إيران على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر مشاركة مقاطع فيديو للتظاهرات التي تشهدها إيران حاليا منذ وفاة مهسا أميني منتصف سبتمبر الماضي، بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق.
وأثارت هذه الهجمات انتقادات عربية ودولية واسعة، حيث وصفت بـ"الوقحة"، كما طالبت الحكومة العراقية والعديد من الدول والمنظمات بوقف الانتهاكات لسيادة ووحدة أراضي العراق.