بغداد تحذر واشنطن من تصعيد غير مسؤول ضد ميليشيات إيرانية

بغداد – أعلنت الحكومة العراقية رفضها للضربات الأميركية التي استهدفت مواقع للحشد الشعبي في محافظتي بابل والأنبار، وشددت على أنه سيتم التعامل مع مثل هكذا عمليات على أنها "أفعال عدوانية"، فيما لوحت الفصائل المسلحة بخطة هجوم ثانية، بعد مقتل اثنين من مسلحيها في غارات على مقراتها.
وقال اللواء يحيى رسول عبدالله الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني في بيان الأربعاء، إنه "في إصرار واضح على الإضرار بالأمن والاستقرار في العراق، تعود الولايات المتحدة لتنفيذ ضربات جوية ضد أماكن وحدات عسكرية عراقية من الجيش والحشد الشعبي، في منطقتي جرف النصر والقائم".
وأضاف أنه "في الوقت الذي قطعت فيه التفاهمات، بشأن دور ومهام عناصر التحالف الدولي ومستشاريه المتواجدين في العراق، شوطاً إيجابياً على طريق تنظيم العلاقة المستقبلية، نجد هذه الأفعال ترتكب لتتسبب في عرقلة هذا المسار، والإساءة لكل الاتفاقات ومحاور التعاون الأمني المشترك".
وأشار الناطق العسكري باسم السوداني إلى أن "هذا الفعل المرفوض، يقوّض سنوات من التعاون ويتجاوز على سيادة العراق بشكل سافر، ويؤدي إلى تصعيد غير مسؤول، في وقت تعاني منه المنطقة من خطر اتساع الصراع، وتداعيات العدوان على غزّة، ونتائج حرب الإبادة غير الأخلاقية التي يواجهها الشعب الفلسطيني".
ومضى قائلا "بينما سكتت القوى العظمى، ومنها الولايات المتحدة، إزاء تلك الجرائم، نراها تنزلق إلى أفعال مُدانة وعدوانية غير مبررة على الأراضي والسيادة الوطنية العراقية".
وتابع "إننا ندعو المجتمع الدولي إلى تولّي مسؤوليته في دعم السلم والأمن، ومنع كل التجاوزات التي تهدد فعلياً استقرار العراق وسيادته، في وقت سنتعامل فيه مع هذه العمليات على أنها أفعال عدوانية، وسنتخذ كل ما يمليه علينا الواجب وما تحتمه المسؤولية، من أجل حفظ أرواح العراقيين وكرامتهم على أرض بلادنا الآمنة المستقرة، بفضل التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا".
وأدان مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي الضربات الجوية الأميركية وقال عبر منصة إكس، إن "استهداف مقرات الحشد الشعبي في القائم (بمحافظة الأنبار)، وجرف الصخر (بمحافظة بابل) هو اعتداء وانتهاك صارخ للسيادة العراقية ولا يساعد على التهدئة".
وأضاف أنه "على الجانب الأميركي الضغط لإيقاف استمرار العدوان على غزة، بدلا من استهداف وقصف مقرات مؤسسة وطنية عراقية".
وأعلن أبوآلاء الولائي، الأمين العام لكتائب سيد الشهداء وهي جماعة مسلحة فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات العام الماضي على خلفية تورطها في هجمات على قوات أميركية، بدء المرحلة الثانية من الهجمات، وحث الجماعات المسلحة العراقية المتحالفة مع إيران والتي تعمل تحت راية المقاومة الإسلامية في العراق على أن توسع نطاق عملياتها من خلال "إطباق الحصار على الملاحة البحرية الصهيونية في البحر المتوسط".
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الولايات المتحدة نفذت ضربات في العراق ضد ثلاث منشآت مرتبطة بفصائل متحالفة مع إيران الثلاثاء، وذلك بعد هجوم في مطلع الأسبوع على قاعدة جوية عراقية أدى إلى إصابة جنود أميركيين.
وتعرضت قوات أميركية في العراق وسوريا للهجوم حوالي 150 مرة من مسلحين متحالفين مع إيران منذ بدء الحرب بين إسرائيل وغزة في أكتوبر، مما يشكل ضغطا على الرئيس جو بايدن للرد عسكريا على الرغم من الحساسيات السياسية في بغداد.
وأصيب أربعة جنود أميركيين السبت بإصابات دماغية رضية بعد تعرض قاعدة عين الأسد الجوية العراقية لعدة صواريخ بالستية وصواريخ أطلقها مسلحون متحالفون مع إيران من داخل العراق.
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في بيان "نفذت قوات الجيش الأميركي ضربات ضرورية ومتناسبة على ثلاث منشآت تستخدمها ميليشيا كتائب حزب الله المدعومة من إيران وجماعات أخرى تابعة لإيران في العراق".
وأضاف أوستن "هذه الضربات الدقيقة رد مباشر على سلسلة من الهجمات التصعيدية ضد جنود أميركيين وقوات التحالف في العراق وسوريا من الميليشيات التي ترعاها إيران".
وذكر أوستن أن الولايات المتحدة "لن تتردد في اتخاذ الخطوات اللازمة للدفاع عن مصالحها"، وزعم أنها لا تحاول تصعيد الصراعات في المنطقة، ودعا إلى الوقف الفوري للهجمات المدعومة من إيران.
وقالت القيادة المركزية الأميركية، التي تنفذ عمليات في الشرق الأوسط، إن الضربات استهدفت "مقرا ومنشأة تخزين ومواقع تدريب على الصواريخ والقذائف" وقدرات خاصة بالطائرات المسيرة لكتائب حزب الله.
ونقلت قناة "النجباء" العراقية عن قيادة عمليات الجزيرة لـ"الحشد الشعبي" القول إن مواقع تابعة لها تعرضت لما وصفته بأنه "عدوان إجرامي جديد باستهداف مقر لمقاتلينا، والإضرار بالمقرات المجاورة له في منطقة السكك التابعة لقضاء القائم، غربي الأنبار، أثناء أداء واجبهم لحماية حدودنا من الجهة السورية".
وقال مصدر طبي عراقي ومصدر من جماعة مسلحة إن ضربات أميركية قتلت اثنين على الأقل من المسلحين وأصيب أربعة أشخاص آخرون.
وتعد الهجمات ضد الولايات المتحدة انتقاما منها لدعمها إسرائيل في حربها ضد حركة حماس الفلسطينية المتحالفة مع إيران. واتسع نطاق الحرب في غزة، إذ تضرب القوات الأمريكية أهدافا للحوثيين الذين يشنون هجمات على السفن في البحر الأحمر.
وللولايات المتحدة 900 جندي في سوريا و2500 جندي في العراق يقدمون المشورة والمساعدة للقوات المحلية لمنع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية الذي استولى في 2014 على مناطق كبيرة من كلا البلدين قبل هزيمته.
وأعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن خطوات لإخراج القوات الأميركية بعد غارة أميركية بطائرة مسيرة في بغداد في وقت سابق من الشهر الجاري أدانتها الحكومة. وقالت البنتاغون إن الغارة أسفرت عن مقتل زعيم ميليشيا مسؤول عن الهجمات الأخيرة على أفراد أميركيين.
وسيطرة السوداني محدودة على بعض الفصائل المتحالفة مع إيران، والتي كان يحتاج إلى دعمها للفوز بالسلطة قبل عام والتي تشكل الآن كتلة قوية في ائتلافه الحاكم.
وقالت البنتاغون إنها لم يتم إخطارها رسميا بأي خطط لإنهاء وجود القوات الأميركية في البلاد، وتقول إن قواتها منتشرة في العراق بناء على دعوة من الحكومة في بغداد.