بعد 26 عاما.. الجزائريون يعودون للتصويت على تعديلات دستورية جديدة

قرابة 25 مليون جزائري يصوتون على تعديل الدستور وسط إجراءات صارمة لتجنّب عدوى فايروس كورونا المستجدّ.
الأحد 2020/11/01
من أجل جزائر الغد

الجزائر- بدأ قرابة 25 مليون جزائري التصويت الأحد على تعديل دستوري بمحافظات البلاد الـ48، موزعين على أكثر من 60 ألف مكتب تصويت.

ويجري الاستفتاء في ظروف استثنائية فرضتها جائحة كورونا، فضلا عن تزامنه مع ذكرى ثورة التحرير، وغياب الرئيس عبدالمجيد تبون، حيث سافر في رحلة علاجية بألمانيا منذ أيام.

وقال تبون، وهو صاحب مشروع تعديل الدستور، في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية السبت إنّ “الشعب الجزائري سيكون مرّةً أخرى على موعد مع التاريخ من أجل التغيير الحقيقي المنشود (…) من خلال الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، من أجل التأسيس لعهد جديد يُحقّق آمال الأمّة وتطلّعات شعبنا الكريم إلى دولة قويّة عصريّة وديموقراطيّة”.

وانطلقت عملية التصويت، في الثامنة بالتوقيت المحلي (07:00 ت.غ)، وتستمر لغاية 19:00 بالتوقيت المحلي (18:00 ت.غ).

ويجرى هذا الاستفتاء، وهو الأول من نوعه منذ ربع قرن (آخر استفتاء حول الدستور عام 1996) في ظروف صحية استثنائية، حيث وضعت السلطة العليا المستقلة للانتخابات “بروتوكولا صحيا”، عبر مراكز التصويت للوقاية من كورونا.

ويتم تطبيق إجراءات صارمة لتجنّب عدوى فايروس كورونا المستجدّ، من بينها تحديد عدد الذين يدخلون إلى مركز الاقتراع بشخصين أو ثلاثة أشخاص في وقت واحد والالتزام بوضع كمامة، فيما ألغيت الستائر في مقصورات الاقتراع لمنع لمسها من قبل الناخبين.

وبدأ البدو الرحل (يقطنون المناطق الصحراوية)، الخميس، التصويت على الاستفتاء، حيث ينص قانون الانتخابات على تصويتهم قبل 72 ساعة من اقتراع الناخبين في باقي مناطق البلاد. كما شرع أفراد الجالية الجزائرية بالخارج، السبت، في التصويت عبر المراكز الدبلوماسية.

وتزامن الاستفتاء أيضا، مع الاحتفالات بالذكرى الـ66 لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954، ضد الاستعمار الفرنسي.

ونقل تبون (74 عاما) إلى ألمانيا الأربعاء لإجراء “فحوصات طبية متعمقة” بعد أنباء عن الاشتباه بإصابة محيطين به بمرض كوفيد -19. وأوضحت الرئاسة الجزائرية أن حالته “مستقرة وغير مقلقة”.

ويتألف مشروع تعديل الدستور من ديباجة و7 أبواب، ويضم في أبرز مواده منع الترشح للرئاسة لأكثر من فترتين (5 سنوات لكل واحدة) سواء كانتا متتاليتين أو منفصلتين.
كما يشمل تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية، والسماح بمشاركة الجيش في مهام خارج الحدود، بشرط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان.

خطوة نحول مستقبل أفضل

وانتقدت “منظمة العفو الدولية” مقترحات الدستور التي تتعارض مع “قوانين قمعية” مثل التعديلات التي أدخلت على قانون العقوبات في أبريل الماضي، وكذلك الممارسة اليومية من خلال “سجن الصحافيين والناشطين في الحراك”.

ويعتبر الرئيس تبون تعديل الدستور بمثابة حجر الأساس في إصلاحات جذرية تعهد بها قبل وبعد اعتلائه سدة الحكم في 19 ديسمبر الماضي، من أجل بناء ما سماه “جزائر جديدة”، فيما غابت المعارضة عن الحملة الانتخابية للدستور.

وتنقسم المعارضة الجزائرية بين تيارين، الأول يقاطع بشكل كامل ويعتبر الاستفتاء محاولة لفرض خارطة طريق للنظام، والثاني يتحفظ على مضمون المشروع ويعتبره غير توافقي.

ويقود تيار المقاطعة تحالف يسمى “قوى البديل الديمقراطي” ويضم أحزاب ومنظمات يسارية وعلمانية (لائكية) أكدت في بيان لها قبل أيام بأن “النظام يصر على فرض سياسة الأمر الواقع من خلال الاستفتاء لتمرير تعديل الدستور”.

أما التيار الثاني من المعارضة، فيمثله الإسلاميون الذين دعت أغلب أحزابهم ومنظماتهم إلى التصويت بـ “لا” على المشروع بدعوى أنه يمثل “تهديدا لهوية البلاد الإسلامية، كما أنه صيغ بطريقة غير توافقية”.

وترى المعارضة الجزائرية أن الدستور بتعديلاته الجديدة يُحافظ على جوهر النظام الرئاسي ويخدم مصالحه لا تطلّعات الحراك.

وبحسب المحلّل السياسي حسني عبيدي، المتخصّص في شؤون العالم العربي، يواجه تبون “وضعا معقّدا” بسبب نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات الرئاسيّة التي جاءت به، لذلك تدرك “السلطة أنّ العلاقة مع الشعب مقطوعة إلى الأبد”.

وترى لويزة آيت حمدوش، أستاذة العلوم السياسيّة في جامعة الجزائر، أنّ الحكم على قوّة الحراك سيكون من خلال نسبة الامتناع عن التصويت واستمرار طبيعته السلميّة.

وأشارت إلى أنّ “الاستفتاء لا يمثّل أيّ رهان من حيث التغيير السياسي وتغيير أسلوب الحكم” لكنّه “يمثّل رهانًا كبيرًا في ما يتعلّق بتوطيد السلطة، بالاعتماد في المقام الأوّل على نسبة المشاركة”.

وقرّرت حركة مجتمع السلم، الحزب الإسلامي الرئيسي، المشاركة في الاستفتاء، لكنّها دعت إلى التصويت بـ”لا”.

وحذّر عبيدي من أنّ “نسبة المشاركة هي مؤشّر على دعم الناخبين. لكن من الضروري ألّا تخضع الأرقام لعمليّة تجميل (من الحكّام) كما هو معتاد في مثل هذه الظروف”.

وقال “في هذه الحالة، ستكون الجزائر قد أضاعت فرصة غير مسبوقة لتبدأ مسارًا حقيقيًا للانتقال الديموقراطي”.