بعد مرور قرن على تأسيسه.. الجيش العراقي "مهزوز" وضعيف أمام سطوة الميليشيات

بغداد - يحتفل العراق الأربعاء بالذكرى المئوية على تأسيس جيشه الذي تواجهه العديد من التحديات في مقدمتها الترهل والفساد ومزاحمة الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، فضلا عن الهجمات المتكررة لخلايا تنظيم داعش.
وتأسس الجيش العراقي قبل قرن من الزمان وتشكلت أولى وحداته في فترة الانتداب البريطاني وبدأ يتنامى تدريجيا ليصل إلى ذروته من حيث العدد في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي بعدما وصل عدد أفراده تقريبا إلى مليون جندي بمختلف الصنوف العسكرية.
وشهد الجيش منذ تأسيسه حروبا وانقلابات وتطورات كبيرة وانتكاسات، من بينها سقوط مدينة الموصل بقبضة تنظيم داعش منتصف عام 2014.
وخاض الجيش حربا امتدت لثماني سنوات مع إيران وبعدها بعامين غزا الكويت قبل أن يصدر قرار بحله في أعقاب سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين عام 2003. ومنذ ذلك العام جرى إنفاق أكثر من 25 مليار دولار على تدريب ورفع كفاءة الجيش العراقي، ولكن هذه العملية تواجه انتكاسات حتى اللحظة.
ويعاني الجيش العراقي من الترهل وانعدام القيادة الكفؤة لأسباب عديدة أبرزها الزيادة السريعة في عدد المتطوعين وما خلفته الحرب الطائفية في العام 2006، إضافة إلى منح المناصب بطرق ملتوية ما أدى إلى زيادة الفساد في الجيش وقلل من كفاءته.
ولاح ترهل الجيش العراقي في سقوط محافظات كاملة بيد تنظيم داعش في العام 2014 على الرغم من التفوق العددي واللوجستي الذي يتمتع به، قبل أن يتم تشكيل تحالف لميليشيات الحشد الشعبي الشيعي، الذي أصبح اليوم بمثابة جيش مواز رغم أنه يخضع نظريا للمؤسسة العسكرية.
وقبل أشهر، قامت مجموعة من عناصر ميليشيات تابعة للحشد الشعبي، بالدوس على صور مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، في رسالة واضحة للجيش والقوات الرسمية مفادها أن لا أحد أعلى من سلطة الميليشيات التي حرصت على نسب الانتصار على داعش إليها وتهميش دور الجيش فيه.
وتراجع الجيش العراقي خمس مراتب في تصنيف أقوى جيوش العالم لعام 2020، واحتل المرتبة الـ52 من أصل 138 جيشا، فيما كان احتل في تصنيف 2019 المركز الـ47 دوليا والرابع عربيا.
ويأتي عيد الجيش العراقي هذا العام بينما تمر البلاد بأزمة مالية خانقة بسبب تفشي فايروس كورونا وما خلفه من تبعات أسهمت في انهيار أسعار النفط، كما يأتي في ظل التهديدات للمنطقة الخضراء شديدة التحصين التي تضم مقرات الحكومة ومنازل المسؤولين والبعثات الدبلوماسية الأجنبية، بما فيها السفارة الأميركية التي تتعرض لهجمات صاروخية متكررة.
وحذر جمعة عناد وزير الدفاع العراقي الأربعاء من "حرب أهلية" يريد البعض جر العراق إليها بسبب قصف البعثات الدبلوماسية.
وقال في تصريح صحافي إن "استهداف المنطقة الخضراء والبعثات الدبلوماسية قد يجر البلاد إلى حرب أهلية يكون المواطن العراقي ضحيتها، لذا على القادة السياسيين وضع مصلحة البلاد أولا"، مضيفا "ما زلنا بحاجة إلى التحالف الدولي لدعم الجيش العراقي، ونعمل على تأمين البعثات الدبلوماسية وملاحقة مطلقي الصواريخ".
واعتبر الرئيس العراقي برهم صالح الأربعاء أن "بناء الجيش لن يتحقق دون ضبط السلاح المنفلت وحصره بيد الدولة، وتعزيز التكاتف والتلاحم بين العراقيين"، مشددا على ضرورة "المحافظة على بقاء الجيش مؤسسة وطنية دستورية حامية للسيادة والوطن، لا أداة بيد الاستبداد والدكتاتورية".
وأكد رئيس الوزراء العراقي مساء الثلاثاء أن العراق "لن يكون ملعبا للصراعات الإقليمية أو الدولية بعد اليوم"، مضيفا "لن نسمح باختطاف القرار الوطني العراقي من أي جهة كانت.. ولن نخضع للمزايدات السياسية والانتخابية".
ويتزامن الاحتفال هذا العام مع استهداف مسلحي داعش في وقت مبكر الأربعاء موقعا للجيش العراقي في ناحية جلولاء ما أسفر عن جرح جندي وقتل آخر.
والثلاثاء الماضي هاجم مسلحو داعش من أربعة محاور قرية أم حنطة التابعة لناحية جلولاء بقضاء خانقين، وتصدى أهالي القرية للهجوم، قبل وصول قوات من الجيش العراقي إلى موقع المعركة التي استمرت أكثر من ساعة وأصيب فيها اثنان من أهالي القرية أحدهما فارق الحياة فور وصوله إلى المستشفى.
وخلال السنة الأخيرة، اشتدت وتيرة هجمات مسلحين يشتبه بأنهم من تنظيم داعش، لاسيما في المنطقة بين كركوك وصلاح الدين وديالى، المعروفة باسم "مثلث الموت"، وكانت أبرز هذه الهجمات في مطلع مايو الماضي على قرية ميخاس ذات الأغلبية الكردية.
وأعلن العراق في العام 2017 تحقيق النصر على داعش باستعادة كامل أراضيه التي كانت تقدر بنحو ثلث مساحة البلاد اجتاحها التنظيم في صيف 2014، إلا أن التنظيم لا يزال يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق واسعة بالعراق ويشن هجمات في فترات متباينة.