بعد غزو طالبان.. مخاوف متزايدة بشأن قدرة واشنطن على مكافحة الإرهاب

واشنطن - تتزايد المخاوف داخل إدارة الرئيس جو بايدن بشأن قدرة واشنطن على مكافحة الإرهاب ومنع تحوّل أفغانستان إلى أرض خصبة لتنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات المتطرفة، في ضوء غياب القوات الأميركية وسيطرة حركة طالبان على الحكم.
وكانت قوات الأمن الأفغانية التي ساعدت الولايات المتحدة في تدريبها قد تهاوت عندما اجتاح مقاتلو طالبان أفغانستان في أقل من أسبوعين، وأدى رحيل القوات الأميركية الذي أمر به بايدن بحلول الحادي والثلاثين من أغسطس إلى تجريد وكالة المخابرات المركزية الأميركية وغيرها من المؤسسات الأمنية من الحماية، الأمر الذي أرغمها على إغلاق قواعدها وسحب العاملين فيها.
وأدى ذلك إلى اعتماد واشنطن على تنظيم عمليات لمكافحة الإرهاب من قواعد أميركية في الخليج، والتعويل على التزام طالبان باتفاق تم التوصل إليه في 2020 لسحب القوات الأميركية ووقف هجمات المتطرفين على الولايات المتحدة وحلفائها.
وقال مسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية إن إدارة بايدن لا يمكنها الاعتماد على الدول المجاورة، لأنها عجزت حتى الآن عن إبرام اتفاقات بشأن قواعد لقوات مكافحة الإرهاب والطائرات المسيّرة الأميركية.
وأشار المسؤولون إلى أن تسيير طائرات عسكرية من الشرق الأوسط أقرب المراكز العسكرية الأميركية لواشنطن في المنطقة، قد يكلفها في النهاية أكثر مما كلفها وجود 2500 جندي في أفغانستان حتى وقت سابق من العام الجاري.
وقدّر القادة العسكريون الأميركيون في يونيو أن جماعات مثل تنظيم القاعدة قد تشكل خطرا من أفغانستان على الأراضي الأميركية في غضون عامين، غير أن المسؤولين قالوا إن سيطرة طالبان على الوضع تفرغ هذا التقدير من مضمونه.
ويرى نيثان سيلز، منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية حتى يناير الماضي، أن تنظيم القاعدة سيستغرق الآن ستة أشهر لاستعادة قدرته على تنفيذ عمليات خارجية.
وفي حين أكدت طالبان الالتزام بتعهداتها بمنع تنظيم القاعدة من التخطيط لهجمات دولية من أفغانستان، فقد شكك خبراء في هذا التعهد.
وأعرب دانييل هوفمان، الرئيس السابق لعمليات وكالة المخابرات المركزية السرية في الشرق الأوسط، عن شكه في تقييد طالبان لتنظيم القاعدة، مشيرا إلى علاقاتهما القديمة واشتراكهما في أيديولوجيات واحدة.
وكان بايدن صرح بأن الولايات المتحدة ستراقب الجماعات المتطرفة في أفغانستان عن كثب ولديها القدرة على تتبع التهديدات المتزايدة وتحييدها، لكنه حاد عن الصواب عندما قال الأسبوع الماضي إن تنظيم القاعدة لم يعد موجودا في البلاد، الأمر الذي أثار حالة من البلبلة بين المسؤولين الأميركيين، إلا أن جيك سوليفان مستشار بايدن للأمن القومي أوضح أن الرئيس كان يشير إلى قدرة التنظيم على مهاجمة الولايات المتحدة من أفغانستان.
وخلال قمة افتراضية الثلاثاء مع نظرائه من مجموعة السبع، استبعد بايدن فكرة تمديد التواجد العسكري الأميركي في كابول إلى ما بعد الحادي والثلاثين من أغسطس، لإفساح المجال أمام المزيد من عمليات الإجلاء.
وبرر بايدن قراره بأنه كلّما طالت مدّة بقاء الولايات المتحدة في أفغانستان كلّما كان هناك "خطر حادّ ومتزايد بوقوع هجوم من قبل جماعة إرهابية تُعرف باسم الدولة الإسلامية - خراسان" أو "ولاية خراسان" في تنظيم الدولة الإسلامية.
وأضاف "كلّ يوم نكون فيه على الأرض هو يوم إضافي نعرف فيه أنّ تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان يسعى لاستهداف المطار ومهاجمة القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها".
وتشير سلسلة من تقارير الأمم المتحدة إلى أن المئات من مقاتلي تنظيم القاعدة وكبار قياداته لا يزالون في أفغانستان تحت حماية طالبان، فيما تتنامى المخاوف في أعقاب ورود المزيد من التقارير بشأن قيام طالبان بعمليات انتقامية، وإصدار تهديدات لوقف الأفغان الذين يتوجهون إلى مطار كابول لمغادرة البلاد.