بعد عام على انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان… طالبان تحتفل بـ"الحرية"

كابول - شوهدت فرق المفجرين الانتحاريين التابعة لطالبان، والقنابل محلية الصنع المجمعة في حاويات النفط، والحراس القدامى وهم يمتطون الدراجات النارية بأزياء محلية في عرض الأربعاء، فيما احتفلت الحركة الأفغانية بمرور عام على انسحاب التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي سمح للأصوليين الإسلاميين باستعادة السلطة بعد حرب دامت عشرين عاما.
واستعرضت طالبان قوتها بتنظيم موكب عسكري بمعدات عسكرية أميركية بقيمة سبعة مليارات دولارات تركتها القوات الغربية خلال عملية الانسحاب الفوضوية للقوات بقيادة الولايات المتحدة من البلاد.
وأقيمت الفعالية في قاعدة باغرام الجوية بشمال كابول. وكانت تلك القاعدة أكبر مركز قيادة عسكري للأميركيين خلال العقدين اللذين تواجدوا فيهما في أفغانستان. وكانت تُستخدم لتنظيم وتنسيق العمليات العسكرية ضد طالبان.
وغادر آخر جندي أميركي مطار كابول الدولي في الثلاثين من أغسطس 2021 وسط فوضى مثلت نهاية الجهود الغربية لمقاومة طالبان.
ونقلت القنوات التلفزيونية المحلية الأفغانية مراسم الاحتفالات على الهواء مباشرة. وجرى إعلان الأربعاء عطلة وطنية رسمية وأحيت قوات طالبان ليلة أول ذكرى سنوية لهم في العاصمة كابول بإطلاق الألعاب النارية وإطلاق الرصاص في الهواء.

الملا حسن أخوند: قاتلنا الأعداء لمدة عشرين عاما من أجل هذا اليوم
ورفعت لافتات تحتفل بالانتصارات على ثلاث إمبراطوريات بعدما خسرت بريطانيا والاتحاد السوفياتي السابق أيضا حروبا في أفغانستان، في شوارع العاصمة بينما ترفرف أعلام طالبان البيضاء التي تحمل الشهادتين، على أعمدة الإنارة في الشوارع والمباني الحكومية.
وقال رئيس وزراء طالبان الملا حسن أخوند في الفعالية إنهم قاتلوا لعشرين عاما من أجل هذا اليوم. غير أنه أقر بأن اقتصاد البلاد قد شل بسبب العقوبات الأميركية ودعا العالم إلى الانخراط معهم.
ولم تعترف أيّ دولة حتى الآن بنظام طالبان الذي أعاد إلى حد، كبير منذ توليه السلطة مجددا، تطبيق الشريعة الإسلامية بشكل صارم على غرار ما كان يفعل إبّان فترة حكمه الأولى بين 1996 و2001، عبر فرض قيود متشددة على حرية المرأة خصوصا.
وقال الصيدلاني في كابول زلماي “نحن سعداء لأن الله خلّصنا من الكفار في بلادنا وبإقامة الإمارة الاسلامية”، أي نظام طالبان.
وقالت الحكومة في بيان الأربعاء إن الأربعاء يصادف الذكرى الأولى لـ“تحرير البلاد من الاحتلال الأميركي”، مؤكدة أن “الله وهب أمتنا الإسلامية هذه الحرية والنصر الهائلين”.
وأضافت الحكومة أن “عددا كبيرا من المجاهدين جرحوا وتيتم الكثير من الأطفال وترملت الكثير من النساء”، داعية المجتمع الدولي إلى اتباع “سياسة معقولة” من أجل الحوار.
ومساء الثلاثاء، أضاءت أسهم نارية السماء وأطلقت حركة طالبان بحماس كبير أعيرة نارية في الهواء سمع أزيزها في كل أنحاء كابول، بينما تردد هتاف “الموت لأميركا” في ساحة مسعود قرب السفارة الأميركية السابقة.
وفي الثلاثين من أغسطس 2021 قبل دقيقة واحدة من منتصف الليل، غادر آخر جندي أميركي مطار كابول قبل 24 ساعة من الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأميركي جو بايدن لانسحاب القوات من البلاد.
وأنهى رحيل القوات الأميركية أطول تدخل عسكري للولايات المتحدة في الخارج بدأ ردا على اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في نيويورك.
وقال الجيش الأميركي إن الحرب أودت بحياة أكثر من 2400 جندي أميركي وأكثر من 3500 عسكري من الدول الأخرى في حلف شمال الأطلسي (ناتو). وقتل عشرات الآلاف من الأفغان خلال هذه الحرب.
وقبل أسبوعين من انسحاب القوات الأميركية، استولت حركة طالبان على السلطة في هجوم خاطف على مستوى البلاد ضد القوات الحكومية السابقة.
ونشرت طالبان على مواقع التواصل الاجتماعي العشرات من مقاطع الفيديو والصور لقوات تم تشكيلها حديثًا ويظهر فيها عدد كبير من المعدات العسكرية الأميركية التي تُركت في عجلة الانسحاب الفوضوي.
وكتب في تعليق على صورة وضعت على تويتر لعلم عملاق لطالبان رُسم على جدار مبنى السفارة الأميركية السابقة “هكذا تسخر من قوة عظمى بعد إذلالها وإجبارها على الخروج من بلدك”.
لكن، تواجه أفغانستان التي يبلغ عدد سكانها 38 مليون نسمة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حسب الأمم المتحدة، منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة.
وقد تردى الوضع في البلاد، مع وقف المساعدات الخارجية البالغة قيمتها المليارات من الدولارات والتي دعمت الاقتصاد الأفغاني لعقود، مع انسحاب القوات الأميركية.
وزادت مصاعب الأفغان ولاسيما النساء. فقد أغلقت المدارس الثانوية للبنات في عدد من الولايات وحُرم النساء من عدد كبير من الوظائف العامة. كذلك، أُمرن بتغطية أنفسهم بشكل كامل في الأماكن العامة مع تفضيل ارتداء البرقع.
وقالت زُلال الموظفة الحكومية السابقة في هرات (غرب) التي فقدت وظيفتها بعد عودة طالبان إلى السلطة إن “النساء يعانين من مشاكل نفسية لأنه ليس لديهن عمل ولا تعليم ولا حقوق”.
وأضافت “الفتيات في حالة حزن بعد إغلاق مدارسهن وهذا يظهر على وجوههن”.