بعد التحقيق السويسري.. حاكم مصرف لبنان يواجه اتهامات بإساءة الأمانة

بيروت- ادعت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان (وسط) القاضية غادة عون الخميس على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومسؤولة في البنك المركزي بجرم “الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة” في عملية إدارة الدولار المدعوم.
وقالت مصادر سياسية لبنانية، إن الاتهامات الجديدة بحق حاكم مصرف لبنان لا تخلو من خلفيات سياسية تحاول استغلال مراسلة القضاء السويسري التي تتضمّن طلب مساعدة بشأن تحقيق جنائي تجريه بحق سلامة وعدد من المسؤولين في المصرف عن تحويلات مالية من لبنان.
وتزامن قرار القاضية عون مع تصريحات لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل هاجم فيها الخميس سلامة، معتبرا “أن الإجراء القضائي السويسري في قضيّة حاكم مصرف لبنان يشكّل سابقة على المستوى اللبناني”، داعيا الحكومة إلى التحرك “دبلوماسيا وأن تكلّف محاميا أو مكتب محاماة متخصّصا في هذه القضايا يقوم بالبحث داخليا وخارجيا عن الأموال المنهوبة والموهوبة”.
وأوضحت المصادر في تصريحات لوكالة “أخبار اليوم” المحلية أن تصريحات باسيل “تؤكد بما لا يقبل أي شك الخلفيات السياسية الفاضحة للحملة على حاكم المصرف المركزي بهدف الدفع إلى محاولة الإطاحة به لفرض تعيين حاكم بديل يدين بالولاء لباسيل، ما يفتح أبواب المركزي بدولاراته الباقية من الاحتياطي الإلزامي وأبواب خزنات الذهب، إضافة إلى الإمساك بشركة ‘الميدل إيست’ وتعيين المحاسيب فيها إضافة إلى شركة ‘إنترا’ وبنك التمويل وغيرها من المؤسسات التي يملك مصرف لبنان فيها أكثرية الأسهم”.
ويواجه حاكم مصرف لبنان المركزي حملة شرسة منذ أشهر لاسيما من التيار الوطني الحر وحليفه حزب الله في محاولة لدفعه إلى التنحي. وقال المصدر القضائي إن عون ادعت على سلامة ورئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دبّاغ بجرم “الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة”.
كما ادعت على ميشال مكتّف، وهو صاحب شركة بارزة تستورد الدولار من الخارج وعلى الصرّاف عبدالرحمن الفايد، بجرم مخالفة قرار إداري. وأحالتهم جميعا على قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور لاستجوابهم.
وأوضح المصدر أنّ الادعاء “مبني على معطيات تفيد بأن عملية صرف الدولار المدعوم لم تذهب كلّها في الاتجاه المحدد لها”، أي دعم استيراد المواد الغذائية الأساسية، بل “جرى توزيع مبالغ كبيرة على صرافين محظيين حققوا أرباحا طائلة على حساب دعم الأسر الفقيرة”.
وقال إنّ قيمة “المبالغ التي ذهبت إلى جيوب صرافين ومؤسسات مالية تفوق الخمسة ملايين دولار” في وقت يرزح لبنان تحت عبء أسوأ أزماته الاقتصادية.
ويواجه سلامة الذي كان يعدّ على مدى سنوات عرّاب استقرار الليرة، ضغوطا متزايدة. ويحمله التيار الوطني الحر وحزب الله مسؤولية انهيار العملة الوطنية. إلا أن سلامة دافع مرارا عن نفسه قائلا إن المصرف المركزي “موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال”. وتسلّم القضاء اللبناني الأسبوع الماضي مراسلة من القضاء السويسري تتضمّن طلب مساعدة بتحقيق جنائي يجريه بشأن تحويلات مالية من لبنان.
وتتطرق المراسلة، وفق ما قال مصدر قضائي لبناني، إلى تحويلات بقيمة 400 مليون دولار، تخصّ سلامة وشقيقه ومساعدته ومؤسسات تابعة للمصرف المركزي، بينها شركة طيران الشرق الأوسط وكازينو لبنان. إلا أنّ النيابة العامة الفيدرالية في سويسرا أوضحت أن طلبها مرتبط “بتحقيق حول غسيل أموال (..) على ارتباط باختلاس أموال محتمل من مصرف لبنان” من دون أن تذكر أسماء المشتبه بهم. وكرّر سلامة من جهته التأكيد على أن “أي تحويلات لم تحصل من حسابات لمصرف لبنان أو من موازناته”، وأكد استعداده للمثول أمام القضاء السويسري.