بطاقة التعريف على الجبهة… تونسيون سود يندّدون بالمضايقات

الحكومة التونسية تطلق حملة أمنية ضد المهاجرين من أفريقيا تطال المواطنين السود.
الخميس 2023/03/02
تونس أرض أفريقية

تونس - يندّد تونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي بجو من الريبة والشك طال المواطنين السود وسط حملة تعاطف مع المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء.

وأطلق تونسيون سود هاشتاغ #فوقي_وراقي_على_ما_ياتي (وثائق هويتي معي تحسبا لما يأتي) للتنديد والسخرية من حملة الاعتقالات ومراقبة الهويات العشوائية التي يتعرضون لها منذ انطلاق الحملة الأمنية منتصف فبراير الماضي من طرف الحكومة التونسية ضد المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء.

ودعت صاحبة هذه المبادرة مها عبدالحميد من تنسيقية صوت النساء التونسيات السوداوات، النساء التونسيات صاحبات البشرة السوداء إلى التقاط صور لهن مع بطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر على الجبهة.

وقالت على مجموعة مفتوحة على فيسبوك تحمل اسم “فوقي وراقي على ما ياتي”:

Maha Abdelhamid

على إثر خطابات حزب القومية التونسية ورئيس الدولة التي تشرعن للعنف ضد الأفارقة من جنوب الصحراء، تعرضت نساء تونسيات سوداوات للعنف اللفظي والجسدي في وسط العاصمة تونس. ولنعلن عن تضامننا المطلق معهن وكذلك للتنديد بما وقع لهن وما سيقع مستقبلا وأيضا للتحسيس بخطورة هذا الوضع وتأثيره على التونسيين السود والتونسيات السوداوات. ندعوكم/ن إلى التقاط صورة شخصية مصحوبة بوثيقة هوية رسمية ونشرها. لا بد من التحسيس بخطورة هذا الوضع.

وتهدف هذه الحملة إلى التعبير عن التضامن مع المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الذين تستهدفهم حملة اعتقالات وخطاب سياسي رسمي معاد للأجانب، إلى جانب توعية التونسيين بشأن العنف الممارس ضد السود سواء كانوا تونسيين أو أجانب.

ومن حملات تحقق من الهوية على أساس لون البشرة واعتقالات عشوائية وصولا إلى غياب المساعدة القضائية، يجد مهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء أنفسهم مستهدفين في تونس منذ بداية فبراير ويصل عددهم إلى عشرات الآلاف. وتحول شعور الريبة منهم شيئا فشيئا إلى خطاب معادٍ للأجانب على وسائل التواصل الاجتماعي زادت من حدته التصريحات الأخيرة لرئيس البلاد قيس سعيّد الذي رأي فيهم تهديدا لـ”التركيبة الديموغرافية لتونس”.

ولم يسلم التونسيون السود من جانبهم من مضايقات عنصرية واعتقالات خاطئة.

وفي فبراير الماضي أكدت فاطمة الزهراء، وهي ناشطة تونسية سوداء، تعرضها لهجوم لفظي تحول إلى تبادل لكمات مع امرأة تونسية أخرى في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية. وتوضح فاطمة أن المرأة التي استوقفتها في الطريق ظنت أنها من دولة أفريقية جنوب الصحراء. وقالت “قمت بالرد عليها وقلت لها إنني تونسية لكنها قالت لي في كل الأحوال، أنت لست منا وسيتم ترحيلك معهم”. وتشابكت المرأتان بالأيدي عندما أصرت فاطمة الزهراء على تقديم شكوى بها في مركز الشرطة. وقالت:

وتحدثت تونسيات سوداوات في منشورات على فيسبوك عن تعرضهن لملاحظات ومضايقات عنصرية في الشوارع من قبل المارة.

وتروي إحداهن كيف توقف سائق دراجة نارية وسط شارع بتونس لمساءلتها، فيما قال لها آخر متعجبا “ما زلتم (السود) هنا؟” أو مجموعة أخرى من الفتيات قلن “إنهم (السود) يقتلون التونسيين” في شارع آخر. وتؤكد هذه الشابة “لسلامتي الجسدية، سأبقى في المنزل ولن أخرج إلا في الحالات القصوى”.

وتروي على فيسبوك أنه تم وصمها بأنها أجنبية وسط العاصمة التونسية من طرف امرأتين. ولكن بعد أن انتهى الخلاف، قالت لها إحداهن “ظننا أنك أفريقية، تعلمين أننا مقهورون منهم في هذه الفترة”.

وعلى تيك توك، يروي تونسي آخر تعرضه للإيقاف من قبل الشرطة في مدينة صفاقس في الرابع والعشرين فبراير عندما كان يتسوق بصحبة زوجته.

وقال “كانت هناك سيارة شرطة لاعتقال المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء بالجملة. وسط هذه الحشود، زج بي رجال الشرطة في الباص وطلبوا مني الصعود، ورغم احتجاجي، وصلنا إلى منطقة الحرس الوطني في المحرس (مدينة تقع على بعد 30 كيلومترا جنوب صفاقس) وهناك وضحت لهم وضعيتي. وبعد التثبت من وثائق الهوية، قدم قائد الفرقة اعتذاره وأكد أنه كان خطأ.. ولكنني سأختبئ في بيتي ريثما تنتهي موجة الاعتقالات. ماذا بعد ذلك، هل سيتم ترحيلي من بلادي؟”.

ورفض البعض الحملة على اعتبار أنها تغذي العنصرية. وقال معلق:

إبراهيم شعيرات

سامحوني كان بش نتدخل، أما حملة كيف هذه (مثل هذه) تغذي العنصرية أكثر ماللي تحاربها… ما يلزمش نرضخوا لفكرة “إذا كنت مواطنا ذا لون لازم نثبت أني تونسي” هذا يخدم التفرقة… وربي يصلح حالنا.

في المقابل دشن تونسيون على فيسبوك حملات لجمع تبرعات للمهاجرين الأفارقة تشمل لباسا وطعاما ومالا لخلاص الفواتير وكراء المساكن.

يذكر أن البرلمان التونسي صادق في سنة 2018 على قانون للتصدي للتمييز العنصري ينص على فرض غرامة مالية بثلاثة آلاف دينار (أي ما يعادل نحو 890 يورو) والسجن لمدة شهر لمرتكب جريمة التمييز العنصري.

وم السبت، خرج  تونسيونن للاحتجاج في وسط تونس العاصمة على ما وصفوه بمبادرات “سعيد الفاشية”، وهتف المحتجون في شارع الحبيب بورقيبة بعبارات مثل “تسقط الفاشية” و“تونس أرض إفريقية” و“التضامن مع إخواننا بلا أوراق”. وحمل أحد المتظاهرين لافتة تذكّر بأن نيلسون مانديلا  زار تونس قبل 61 سنة في مهمة سرية لكسب الدعم للمقاومة المسلحة ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وقدم الرئيس الحبيب بورقيبة آنذاك لمانديلا مساهمة مالية لمساندة الجهود.

5