بطء عمل اللجنة الملكية في الأردن يعزز الشكوك بشأن أهدافها

الملك عبدالله الثاني يتهم أطرافا بعرقلة الإصلاحات السياسية.
الثلاثاء 2021/08/03
رهان على دور أكبر للعاهل الأردني

يثير بطء لجنة الإصلاح السياسي في الأردن تساؤلات بشأن الحدود التي يمكن أن تصل إليها هذه الإصلاحات على ضوء التجارب السابقة المخيبة للآمال. وفي وقت يراهن فيه شق من الأردنيين على مخرجات اللجنة لتجاوز حالة الغليان يرى آخرون أن اللجنة مجرد مناورة لامتصاص الغضب.

عمان - اتهم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الاثنين، أطرافا لم يسمها بعرقلة مسار الإصلاح السياسي في المملكة، فيما تتصاعد الشكوك بشأن الأهداف الحقيقية التي تشكلت لأجلها اللجنة: هل الغاية الإصلاح فعلا أم أن اللجنة مناورة لتهدئة غضب الشارع؟

وقال العاهل الأردني خلال لقائه برئيس اللجنة سمير الرفاعي، ورؤساء ومقرري اللجان الفرعية المنبثقة عنها وأعضاء مكتبها التنفيذي إن مسيرة التحديث والتطوير مستمرة، بالرغم من محاولة البعض وضع المعيقات أمامها، دون إدراكهم أن العمل يجري بشفافية لأجل مستقبل أفضل للأردن.

وأشار إلى أن اللجنة أمامها الكثير من المهام لإنجازها، مؤكدا أهمية مواصلة عملها بشفافية ووضع المواطنين بصورة النقاشات والتوافقات العامة، حتى يعرف الجميع ما هو المطلوب للمضي قدما نحو بناء المستقبل.

ويراهن الملك عبدالله الثاني على لجنة التحديث السياسي لامتصاص غضب الشارع الأردني الذي يطالب بإصلاحات سياسية وإدارية.

وأطلق العاهل الأردني مبادرة الإصلاح السياسي في المملكة بعد أسابيع من أزمة الأمير حمزة أو ما يعرف بـ”قضية الفتنة” التي نشبت داخل الأسرة المالكة التي سارعت إلى لملمة الأزمة بإصدار حكم قضائي مستعجل على كل من رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله والشريف عبدالرحمن حسن بن زيد أحد أفراد العائلة المالكة، بتهمتي “جناية التحريض على مناهضة نظام الحكم السياسي القائم بالمملكة” و”جناية القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وإحداث الفتنة”.

سمير الرفاعي: صياغة مشاريع القوانين بالتوافق أمر غير مسبوق

وفشلت اللجنة إلى حد الآن في تحقيق أي تقدم في عملها بل على العكس من ذلك أثارت تصريحات بعض أعضائها ومقترحات قوانينها جدلا واسعا في الشارع الأردني، ما يضعها محل تشكيك خاصة أن مدة عملها تنتهي الخريف المقبل.

ويعوّل الكثير في الأردن على تدخل الملك عبدالله الذي كان في عطلة في الولايات المتحدة التقى خلالها الرئيس الأميركي جو بايدن وكبار المسؤولين، من أجل إحداث اختراق صلب اللجنة ودفعها باتجاه الانفتاح أكثر على المطالب الشعبية وهو ما حصل فعلا، حين حث الملك أعضاء اللجنة قائلا “اللجنة مازال أمامها الكثير لإنجازه ولابد من وضع المواطنين بصورة النقاشات والتوافقات”.

وينتظر أن يقدم رئيس اللجنة سمير الرفاعي في أكتوبر المقبل نتائج مشاوراته مع القوى السياسية المختلفة في البلاد للخروج بتوصيات لإحداث الإصلاح السياسي المنشود في المؤسسة البرلمانية والقانونية في المملكة.

ومازالت التساؤلات تطرح حول إمكانية تحقيق تقدم في مخرجات اللجنة التي بدأت اجتماعاتها مؤخرا ضمن لجان فرعية تبحث قوانين الأحزاب والانتخاب وحرية التعبير.

وأعلنت اللجنة المؤلفة من 92 عضوا أنها لم تنجز شيئا في مجال التوافق على قانون انتخاب عصري.

ويمثل القانون المنتظر أحد أركان الإصلاح السياسي الذي يفترض أن ينتهي إلى تشكيل حكومات منتخبة تحد من سلطات الملك وتقوم على التمثيل الحزبي في البرلمان.

والأحد، أثار توجه لجنة الأحزاب في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية إلى نقل المقعد المسيحي في الكرك إلى الدائرة الخامسة في العاصمة عمان، حالة من الاستياء في المحافظة.

وقال ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إن الأردنيين المسيحيين في مدينة الكرك هم جزء أساسي من مكونات المحافظة، ويجب عدم المساس بحقوقهم.

وأشار الناشط ناصر الحباشنة عبر منشور على صفحته على الفيسبوك إلى أن “اختطاف مقعد مسيحي من الكرك ونقله للعاصمة عمان اعتمادًا على الديموغرافيا وإحصاء لعدد المسيحيين في الكرك فهذا أمر مرفوض تماما ويؤسس لما هو أخطر وطنيا”.

وتابع الحباشنة أن الدخول بالأعداد والتقسيمات طائفيا وربما لاحقا إقليميا أمر مُعيب على لجنة من المفترض بأنها تسعى للتطوير والتحديث لمستقبل أردني ديمقراطي.

الصورة
ملفات ضاغطة

وتعزو اللجنة أسباب ذلك إلى أن عدد الناخبين المسيحيين في الدائرة الخامسة ضعف عددهم في محافظة الكرك وأن ذلك لا يؤثر على حصة المسيحيين في القانون.

ويهدف عمل هذه اللجنة، حسب ما هو معلن، إلى وضع إطار تشريعي يؤسس لحياة سياسية نشطة تهيئ المجال لبرلمان قائم على البرامج وليس برلمانا “صوريّا” هدفه تزكية خطوات السلطة التنفيذية. وتعهد الملك شخصيا بالوقوف على مخرجات عمل اللجنة.

وتقول أوساط سياسية أردنية إن الوتيرة التي تسير بها أعمال اللجنة تجعل من الصعب عليها الالتزام بالمهلة المحددة لعملها، أي الخريف المقبل، محذرة من أن مسار الأمور يشي بأن عمل اللجنة قد يستغرق عدة أشهر، وهذا من شأنه أن يعزز مخاوف البعض من أن يكون الأمر متعمدا رغبة في امتصاص غضب الشارع من خلال الادعاء بوجود تمش إصلاحي هو ليس موجودا في الواقع.

وقال الرفاعي خلال عرض ما توصلت إليه لجنة على العاهل الأردني إن “ما خاضته اللجنة من تجربة في النظر وإعادة صياغة مشروعي قانوني الانتخاب والأحزاب بشكل تكاملي أمر غير مسبوق”.

2