بطء الإصلاحات الاقتصادية يُفقد الأردن قدراته التنافسية

الحكومة الأردنية في حاجة إلى أدوات فاعلة لترجمة خططها واقعيا.
الأربعاء 2021/06/23
لابد من محفزات جديدة

يقف بطء الحكومة الأردنية في تنفيذ برنامجها لإصلاح الاقتصاد حجر عثرة أمام تعزيز أغلب القطاعات الإنتاجية لقدراتها التنافسية، وبات هاجسا أمام معظم الشركات في طريق تحفيز استثماراتها المتراجعة بسبب تكبيلها بمتاهة الضرائب والرسوم، والتي زاد من أوجاعها سوء إدارة الأوضاع رغم كل الجهود المبذولة.

عمان - اعتبرت الأوساط الاقتصادية الأردنية أن تقاعس الحكومة عن إدخال العديد من التعديلات على الضرائب والرسوم الجمركية والإسراع في التحول الذكي في مجمل الأنشطة التجارية والصناعية والاستثمارية حدّ من القدرة التنافسية للبلد.

وتدرك الحكومة الأردنية أهمية إيجاد مستوى تنسيق أكبر بين السياستين المالية والنقدية لما للتناغم المطلوب بينهما من آثار إيجابية على استقرار الاقتصاد الكلي بوصفه محفزا أساسيا للتنافسية، لكنها تجد نفسها مكبلة بالكثير من التحديات.

ويتطلب الوصول إلى مرحلة التعافي الاقتصادي المنشود خططاً قصيرة وطويلة المدى تتجاوز الحكومات لمعالجة الأزمات واستعادة نسق النمو والتي تمر أساسا عبر تنفيذ إصلاحات ضريبية وجمركية وتغيير التشريعات والقوانين لتسهيل التعافي.

نقاط تفعيل برنامج الإصلاح

  • توحيد الإعفاءات الضريبية وخاصة تلك التي تحكمها ضرورات تشجيع الاستثمار
  • إعادة النظر في السياسة الجمركية لمساعدة الشركات على تصدير منتجاتها
  • حتمية معالجة عجز الحساب الجاري والنهوض بسوق عمّان المالي (البورصة)
  • إطلاق صناديق متخصصة لتمويل المشاريع الكبرى التي عجزت الحكومة عن تنفيذها
  • تحفيز عملية الاندماج بين المصارف وشركات التأمين وتطوير أدوات السياسة النقدية
  • إضفاء قدر أكبر من المرونة بربط أسعار صرف الدينار بسلة من العملات

وأكدت دراسة حديثة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بعنوان “تنافسية الاقتصاد الأردني 2021” نشرتها الثلاثاء وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) أهمية تسريع خطوات الإصلاح لتحسين تنافسية الأردن التنافسية، والتي تصنف بالمرتبة المتوسطة وفق تصنيفات معظم التقارير الدولية.

وبحسب الدراسة فإن مؤشرات المتغيرات الاقتصادية الكلية تشير إلى أهمية الإصلاح الضريبي، وإعادة النظر في السياسة الجمركية، ووضع برنامج زمني استرشادي ملزم يضبط انفلات الدين العام، ومراجعة شاملة لنهج السياسة المالية.

كما تشير إلى حتمية معالجة عجز الحساب الجاري والنهوض بسوق عمّان المالي (البورصة)، وإطلاق صناديق متخصصة لتمويل المشاريع الكبرى، وتحفيز عملية الاندماج بين المصارف، وتطوير أدوات السياسة النقدية، وتشجيع شركات التأمين على الاندماج، وإضفاء قدر أكبر من المرونة بربط أسعار صرف الدينار بسلة من العملات.

وجاء تصنيف الأردن عام 2019 في المرتبة 111 من بين 141 دولة في تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، وفي المرتبة 62 من بين 63 دولة في التقرير السنوي للتنافسية الصادر عن معهد الإدارة الدولي عام 2020، وفي مرتبة مماثلة تقريبا في التقارير الدولية الأخرى.

ويبرز تقرير المجلس كيف أن المؤشرات تأخذ منحى سلبيا تصاعديا كل عام وخاصة من حيث الميزانية السنوية للدولة وكذلك حجم الاحتياطات النقدية وأيضا نسبة الدين العام، وجميعها تعتبر من بين الأعلى على مستوى العالم.

والمفارقة الوحيدة التي أوردتها التقارير هي أن الأردن أفضل دولة في العالم بمقياس نسبة التغير السنوي في التضخم في عامي 2019 و2020.

وتتزايد الضغوط على الحكومة لتوحيد الإعفاءات الضريبية وفق منهجية مستقرة واضحة وبالحد الأدنى من الاستثناءات التي تحكمها ضرورات تشجيع الاستثمار والتنافسية.

ويشير تقرير صندوق النقد الدولي الأخير عن الأردن إلى أن تعدد المناطق الاقتصادية والخاصة وتعدد الأنظمة الضريبية التي تحكمها أدّيا إلى تعقيد النظام الضريبي وتشوهه والذي انعكس سلبا على التحصيل الضريبي وخلق منافسة غير عادلة بين دافعي الضرائب وأضر بمبدأ المنافسة القائمة على تكافؤ الفرص وشكّل منفذا للتهرب الضريبي.

ولذلك فإن الحكومة أمام حتمية تعديل قانوني ضريبة الدخل والمبيعات باعتماد المعايير الموضوعية التي تهتم بعدالة توزيع العبء الضريبي أساسا ومدخلا لعدالة توزيع الدخل، وهو الهدف الأول للضريبة.

كما يتطلب برنامج الإصلاح الضريبي إزالة كافة التشوهات الحالية التي يعاني منها هيكل ضريبة الدخل والمبيعات، الذي تغولت فيه ضريبة المبيعات على ضريبة الدخل لتشكل نحو 71.4 في المئة من هيكل الإيرادات الضريبية فيما لم تكن هذه النسبة تتعدى 44.3 في المئة عام 2000.

ويحتاج الأردن الذي يعاني من أزمة مالية حادة بسبب تراجع محركات النمو إلى تعزيز إدارة الإيرادات الضريبية، وتحسين كفاءة التحصيل لاسيما في تحصيل المتأخرات المتراكمة المستحقة للحكومة، والتوسع باستخدام التقنيات وتكنولوجيا المعلومات في هذا النطاق.

Thumbnail

وركز المجلس الاقتصادي والاجتماعي في تقريره على إعادة النظر في السياسة الجمركية ضمن إطار شمولي لمختلف الرسوم والضرائب التي أصبح بعضها يشكل عائقا رئيسيا أمام اجتذاب الاستثمارات والارتقاء بالتنافسية.

وبحسب الدراسة انخفضت نسبة الإيرادات غير الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى نصف ما كانت عليه قبل عقدين، فيما بقيت نسبة الإيرادات الضريبية ثابتة وكانت نسبة الإنفاق الرأسمالي إلى مجمل الإنفاق العام تتآكل تدريجيا خلال تلك المدّة.

ويرتبط هذا الموضوع بمراجعة شاملة لنهج السياسة المالية من حيث وضع أهداف محددة لتخفيض نسبة العجز المتفاقم في الموازنة العامة وموازنات المؤسسات العامة والوحدات المستقلة، وذلك بمراجعة آليات ترشيد النفقات العامة وإجراءاتها والتركيز على الإنفاق الرأسمالي في المشاريع كثيفة الاستخدام للعمالة.

كما يرتبط بإعادة توجيه الدعم إلى مستحقيه، والمعالجة التدريجية لعجز سلطة المياه وعجز شركة الكهرباء الوطنية وإطفاء خسائرهما، والتوسع في استخدام الأنظمة الإلكترونية المساندة، وتعزيز الرقابة المالية المرنة، وتعزيز الشفافية والإفصاح المالي بالالتزام بنشر البيانات المالية وفق المعايير الدولية شهريا دون تأخير.

والأهم من ذلك فإن الخبراء يرون ضرورة إضفاء قدر أكبر من المرونة يربط أسعار صرف الدينار بسلة من العملات تعكس التوزيع الجغرافي لمدفوعات تجارة الأردن الخارجية.

ويعيش الأردن منذ سنوات أزمة اقتصادية مزمنة زاد من حدتها انتشار الوباء، ويرى محللون أن مواصلة تغيير الحكومات لا يعالج الإشكاليات الهيكلية حيث يحتاج دفع النمو إلى إجراءات موجعة.

وشهد الأردن على مدار الأعوام الأخيرة تغييرات متواصلة للحكومات حيث تم تشكيل حكومة هاني الملقي ثم الإطاحة بها عقب حراك شعبي خلال العام 2018، تلتها حكومة عمر الرزاز التي حلت بمقتضى دستوري في علاقة بإجراء الانتخابات في أكتوبر العام الماضي لتأتي بعدها حكومة بشر الخصاونة.

10