بطء إيقاع التنمية يعوق الطموحات الاقتصادية للكويتيين

الكويت - تتراكم المؤشرات بين أيدي الكويتيين وحتى المحللين كدليل على أن البلد لا يزال بعيدا عن اللحاق بركب النمو الاقتصادي لدى جيرانه الخليجيين وخاصة السعودية والإمارات وقطر وبدرجة أقل سلطنة عمان.
ومنذ سنوات خلت دأب المسؤولون الحكوميون على إدارة ملف الاقتصاد بعقلية قديمة حيث لم تسهم محاولات الحكومات المتعاقبة في الخروج من هذه المعضلة جراء بطء الإصلاحات والخلافات السياسية المستمرة.
وتعدّ الكويت العضو في منظمة أوبك أكثر دول الخليج العربي انفتاحا من ناحية النظام السياسي، لكنها تشهد أزمات سياسية متكرّرة تعوق رغبتها في الإصلاح وتزيد الفجوة بينها وبين الدول النفطية المجاورة.
ويشكو سكان البلاد البالغ عددهم نحو 4.5 مليون نسمة من تدهور البنية التحتية والخدمات العامة في البلاد التي تمتلك نحو 7 في المئة من احتياطي النفط العالمي.
وتعد هيئة الاستثمار الكويتية من أكبر الصناديق السيادية في العالم، وهو الثاني على مستوى الخليج بعد جهاز أبوظبي للاستثمار بحجم أصول يبلغ 708 مليار دولار.
وفي دليل على التذمر يقول رجل الأعمال أحمد الصراف لوكالة الصحافة الفرنسية “لست مطمئنا وأشعر بقلق كبير على أسرتي وعلى مستقبل أحفادي وعلى تعليمهم وعلى صحتي لأن المستشفيات لا توفر العلاج الكافي رغم أني مقتدر ماليا”.
وتتناقض هذه الشكاوى مع الأوضاع في الدول المجاورة مثل الإمارات أو قطر حيث تحسّن مستوى جودة الحياة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة بفضل تدفّق الاستثمار الأجنبي.
ويتذكّر الصراف بحسرة “هوية الدولة كانت ليبيرالية حين كانت الكويت مبدعة ومنفتحة في الثمانينات”، مضيفا “فيما انطفأنا، نمت الدول من حولنا”.
وفي مؤشر على انحسار جاذبيتها، احتلت الكويت المرتبة الأخيرة بين 52 وجهة شعبية للوافدين الأجانب في مسح سنوي لمنظمة أنترناسيون في العام الماضي، بينما احتلت جارتها الإمارات المرتبة السادسة.
وعلى النقيض من الدول الخليجية الأخرى تتمتّع الكويت بحياة سياسية نشطة وبرلمان قوي، رغم أنّ مفاتيح السلطة تبقى بشكل أساسي في أيدي عائلة الصباح الحاكمة.
وغالبا ما يتم تعيين وزراء من العائلة المالكة، لكن سرعان ما يواجه بعضهم استجوابات في البرلمان وسط اتهامات بسوء الإدارة وحتى بالفساد.
وأعاقت التوترات المتواصلة بين السلطة التنفيذية والبرلمانيين والتي أدّت إلى تغيير حكومات كثيرة وحلّ البرلمان مرّات متكررة، أي محاولة للإصلاح وقلّصت من شهية المستثمرين.
وترى الباحثة في معهد دول الخليج العربية كريستين ديوان أن مشاكل الحكم في الكويت تنعكس في “فشل التخطيط وتزايد الصعوبات الاجتماعية”.
ويشير الخبير الاقتصادي في شؤون الخليج جاستن ألكسندر إلى أنّ البلد لديه “ديون قليلة جدا، وأكبر صندوق للثروة السيادية في العالم كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، وأكبر احتياطي نفطي في العالم مقارنة بعدد السكان”.
لكنه يرى أن الاختلالات السياسية طيلة السنوات الأخيرة منعتها من اتّخاذ الإجراءات اللازمة للسيطرة على ارتفاع الإنفاق وتوليد الإيرادات غير النفطية وتنويع اقتصادها.
وانتعشت البلاد التي عانت من عجز كبير في موازنتها خلال فترة الوباء مع ارتفاع أسعار النفط الذي يشكّل 90 في المئة من إيراداتها، في السنة الأخيرة.
وفي وقت تكافح فيه الكويت بقيادة وليّ العهد الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح لتنفيذ خطة إصلاحية أقرت في العام 2018 تضاعف الحكومات الخليجية الأخرى، التي يقودها جيل جديد من المسؤولين، المشاريع لتنويع الاقتصاد والحد من الاعتماد على الذهب الأسود.
ووعدت الحكومة الأخيرة بمعالجة قضايا مهمة مثل مشاريع التنمية ومكافحة الفساد، لكنّها استقالت في أواخر يناير الماضي بعد ثلاثة أشهر فقط من تشكيلها، ثم تمّ هذا الشهر حلّ البرلمان.
وكان البرلمان يستعد لتمرير مشروع قانون مثير للجدل يطالب الدولة بتغطية القروض الاستهلاكية والقروض الشخصية التي تعاقد عليها الكويتيون، ما أثار استياء الحكومة التي اعتبرت الإجراء مكلفًا للغاية.
وتقول ديوان “كما هي الحال في العديد من الديمقراطيات الغربية يعاني النظام شبه البرلماني في الكويت من الانقسامات الاجتماعية والمطالب الشعبوية”.
وكتب المحلّل الكويتي بدر السيف على تويتر، “الشارع الكويتي منهك”، مستنكرا “الجمود الدائم والسياسة في الكويت في حاجة إلى إعادة ضبط”.