بشير يلس أيقونة حيّة للفن التشكيلي في الجزائر

الجزائر- يعتبر الفنان التشكيلي بشير يلس واحدا من رواد الفن المعاصر في الجزائر، وأيقونة حية ورمزا للإبداع الفني؛ إذ هو أحد المساهمين في تطوير الحركة الفنية في البلاد على مدار سبعة عقود.
ونظم المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر مؤخرا في الجزائر العاصمة يوما تكريميا على شرف عميد الفن التشكيلي الجزائري بشير يلس، وذلك في إطار فعاليات إحياء شهر التراث (18 أبريل – 18 مايو).
وشهد الحفل التكريمي تقديم شهادات حية من تلامذة الرسام حول أهم مساراته وإسهاماته وتجربته الفنية، بحضور عائلته ونخبة من تلامذته الذين سجلوا بحضورهم تقديرهم الكبير للقيمة الفنية النادرة وللموهبة الفريدة لهذا الفنان الذي وهب حياته للفن الذي مارسه بشغف إلى يومنا هذا على مدار أكثر من 70 سنة من السخاء الفني.

◙ الفنان بشير يلس ذو موهبته فريدة ووهب حياته للفن الذي مارسه بشغف على مدار أكثر من 70 سنة من السخاء الفني
وفي شهادته أشاد النحات مصطفى عدان -وهو من زملاء وأصدقاء الفنان التشكيلي المقربين- بـ”الرسام الكبير بشير يلس الذي قدم الكثير خدمة للفن والثقافة الجزائرية الأصيلة وسعيه الدؤوب لإبراز الخصوصيات المحلية بعناصرها الجمالية والتقنية الثرية وكذا جهوده البيداغوجية كمدير للمدرسة الوطنية للفنون الجميلة والهندسة بعد الاستقلال مباشرة، إلى جانب تأسيسه وتسييره للاتحاد الوطني للفنون التشكيلية عام 1963 الذي شكل فضاء للإبداع أعطى دفعا ودينامية لمجال الفن التشكيلي الوطني”.
واعتبر عدان في كلمته أن “بشير يلس يعد رمزا حيا للفن الجزائري وقدم إسهاما كبيرا في إثراء الثقافة وتشجيع البحث في تاريخ الجزائر والتراث لتوظيفه في مختلف الأعمال الفنية، كما أنه نموذج بيداغوجي نادر أعطى نفسا جديدا للممارسة الفنية بالجزائر من خلال وضعه لمناهج جديدة للتدريس الفني خارج النموذج الكولونيالي”.
كما تطرق المتحدث إلى جوانب من الخصال الإنسانية والأخلاقية العالية لبشير يلس، أول مدير للمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والفنون الجميلة بين سنتيْ 1962 و1988، ومصمم النصب التذكاري لشهداء الجزائر (مقام الشهيد) والعديد من الجداريات والطوابع البريدية.
بدوره، تناول الفنان التشكيلي زرقة أمقران جوانب من أهم مسارات أستاذه منذ التحاقه بمدرسة الفنون الوطنية للفنون الجميلة سنة 1968 في تخصص السيراميك والديكور الداخلي، حيث أبرز صرامته العلمية والبيداغوجية والعاطفة الأبوية التي تحلى بها أستاذه وحسن معاملته لطلبة المدرسة، معتبرا إياه “فنانا شاملا وبمثابة الوالد الذي لا يبخل في تقديم النصائح لتلامذته”.
ومن جهته ثمن الخطاط عبدالقادر بومالة مبادرة تكريم أستاذه يلس، باعتباره رائدا للفن التشكيلي الجزائري وقامة فنية قدمت الكثير للحركة التشكيلية، معرّجا على جوانب من إسهامه النوعي في تكوين جيل من الفنانين التشكيليين والنحاتين والخطاطين الجزائريين ممن حافظوا إلى اليوم على تقاليده وإرثه الفني.

◙ بشير يلس يعد واحدا من رواد الفن المعاصر في الجزائر وأيقونة حية ورمزا للإبداع الفني
كما استعرض تجربة تعاونه معه في مشروع تصميم أعمال الزخرفة الخطية بقبة سرداب مقام الشهيد برياض الفتح والمتحف المركزي للجيش، داعيا إلى ضرورة “تكريمه والاحتفاء به بصورة أوسع والتعريف به للأجيال القادمة في المناهج التربوية”.
وتحدث الخطاط طاهر بوكروي عن جوانب من شخصية أستاذه ومواقف أبرزت خصاله الإنسانية العالية وتعامله الراقي مع طلبته في المدرسة، معتبرا إياه “بمثابة الوالد وأيضا البيداغوجي الذي تحمل مسؤولية جيل كامل”، مذكّرا بأنه ” قام بإرساله في بعثة دراسية إلى إيران لتعزيز معارفه في مجال المنمنمات”.
واستحسن عبدالكريم يلس، ابن الرسام بشير يلس، “الالتفاتة التي سمحت باسترجاع “مسار والده الفني”، مشيرا إلى تعذر مشاركة والده الذي تجاوز عمره الـ100 سنة في اللقاء بسبب “حالته الصحية”.
يذكر أن الفنان التشكيلي بشير يلس ولد في تلمسان يوم الثاني عشر من سبتمبر سنة 1921، وبعد دراسته الثانوية التحق في 1943 بمدرسة الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة حيث شارك بعد سنة في أول معرض للرسم والمنمنمات، وتحصل على الجائزة الفخرية للفنون الجميلة سنة 1947. كما نظم أول معرض شخصي له سنة 1948 بتلمسان، وتحصل الفنان في 1958 على دبلوم الفنون الجميلة بباريس.
بعد استرجاع السيادة الوطنية شارك بشير يلس سنة 1962 في أول معرض إثر الاستقلال وتولى إدارة المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والفنون الجميلة، كما ترأس في السنة الموالية الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية، وهو أحد مؤسسيه، ليعين مديرا للمتحف الوطني للفنون الجميلة سنة 1975.
ونال الرسام يلس تكريمات عديدة منها تكريمه سنة 2007 من قبل الاتحاد الوطني للفنون الثقافية ثم بالمدرسة العليا للفنون الجميلة سنة 2014، وفي سنة 2021 من طرف تلامذته القدامى من خلال معرض جماعي بمناسبة إحياء مئوية ميلاده بالمتحف الوطني للفنون الجميلة في الجزائر العاصمة.