بشارة الراعي يدعو لتحييد لبنان عن حرب غزة

بطريرك الموارنة يتهم مجلس النواب بتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، داعيا في الوقت ذاته للتمديد لقائد الجيش في غمرة التوترات على الحدود مع إسرائيل وعلى وقع مخاوف من اتساع حرب غزة.
الاثنين 2023/11/06
الراعي يحذر من اغراق لبنان في الفراغات الدستورية ويدعو للتمديد لقائد الجيش

بيروت - دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي الاثنين المسؤولين والقائمين على الدولة إلى العمل على تحييد لبنان عن الحرب الدائرة في غزة، مشددا على ضرورة تطبيق القرار 1701 "الذي يأمر إسرائيل وحزب الله بالوقف الفوري لكل الهجمات والعمليات العسكريّة من الجانبين"، متهما مجلس النواب بالتعمّد في عدم انتخاب رئيس للجمهورية.

وتأتي دعوة الراعي بينما يستمر التصعيد من قبل حزب الله وإسرائيل على الحدود بين الجانبين، في حين تشير تصريحات البطريرك الموارنة إلى عدم الاطمئنان لما جاء على لسان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي نأى بجماعته عن الحرب في غزة واعتبر أن القرار قرار فلسطيني.

ويسود توجس في لبنان من أن ينزل التصعيد المحدود بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله إلى حرب أوسع قد تغرق البلد الواقعة في اتون أسوأ أزمة على الإطلاق في تاريخه ويتقلب في متاهة الشغورات الدستورية منذ الشغور في منصب الرئاسة في العام الماضي.

ووندد بشارة الراعي في افتتاح دورة مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، بالعدوان على غزة معتبرا أنها حرب إبادة، مشددا على التضامن مع الفلسطينيين ودعم قضيتهم ومساندة حل الدولتين وقيا دولة فلسطينية.

وفي ما يتعلق بالتطورات الأخيرة في جنوب لبنان قال الراعي "يبقى الأمل في الجيش اللبنانيّ المؤتمن مع القوّات الدوليّة على الأمن في الجنوب والحدود وسائر المناطق اللبنانيّة"، مضيفا "المؤسّسة العسكريّة اليوم هي أمام استحقاق مصيريّ يهدّد أمن البلاد. وليس من مصلحة الدولة اليوم إجراء أي تعديلات في القيادة. بل المطلوب بإلحاح انتخاب رئيس للجمهوريّة، فتسلم جميع المؤسّسات".

واتهم مجلس النواب الذي يرأسه زعيم حركة أمل نبيه بري، بتعمّد عدم انتخاب رئيس، قائلا "كيف وبأيّ حق يُحجم المجلس النيابي عمدا عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية وسدّة الرئاسة فارغة منذ سنة. معلوم أنه بغياب الرأس ينشلّ الجسم كلّه. ومعلوم أيضا أن رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة ثلاثة مؤتمنون على السلطة التشريعية والإجرائية على نحو مترابط يعطي السلطة العليا في الدولة شرعيّتها".

وتابع "نتساءل: أين شرعيّة ممارسة سلطة المجلس النيابي وسلطة الحكومة والرأس الأعلى غير موجود؟ ألا يناقض ذلك العيش المشترك والميثاق بموجب منطوق البند (ي) من مقدمة الدستور؟"

معارضون للتمديد لقائد الجيش

وينفتح لبنان في غمرة التوترات والتصعيد على حدوده مع إسرائيل على المزيد من الخلافات والسجالات السياسية لا تخرج عن سياق متاهة الفراغات الدستورية التي علق فيها منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر من العام الماضي ليلتحق به حاكم مصرف لبنان رياض سلامه الذي انتهت ولايته في الأشهر القليلة الماضية وإن خلفه نائبه الأول مؤقتا حتى الاتفاق على بديل، ليأتي الدور على المؤسسة العسكرية التي تقف على أعتاب فراغ في رأس القيادة مع اقتراب انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون.

ولم تخف البطريركية المارونية قلقها من الدفع باتجاه تحول الفراغ في قيادة الجيش لأزمة أخرى بينما الوضع على الحدود مع إسرائيل على حافة الانفجار، ما دفع البطريرك الماروني بشارة الراعي لإعلان موقفه في عظة الأحد، التي دعا فيه لقطع الطريق على أي تلاعب قد يضر لبنان، داعيا إلى التمديد لقائد الجيش.

ويعارض قادة قوى سياسية وبينهم جبران باسيل صهر الرئيس اللبناني السابق ورئيس التيار الوطني الحر والذي سبق له أن شغل منصب وزير للخارجية وكذلك نبيه بري رئيس حركة أمل ورئيس مجلس النواب، التمديد لعون، بينما يقل بري إنه يعارض مبدأ التمديد بشكل عام وأن الأمر لا يرتبط بشخص قائد الجيش.

وقال الراعي إنه "من المعيب حقا أن نسمع كلاما عن إسقاط قائد الجيش في أدقّ مرحلة من حياة لبنان وأمنه واستقراره وتعاطيه مع الدول"، داعيا إلى "انتخاب رئيس للبلاد وحماية المؤسّسات بدلا من التخطيط لإسقاط هذا أو ذاك أو التلاعب بالقيّمين على هذه المؤسّسة أو تلك".

وتأتي دعوة الراعي بينما يتواصل السجال حول من سيخلف قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي تنتهي ولايته مطلع العام القادم، وهو منصب موكل وفق اتفاق الطائف للمسيحيين وفي حالة الشغور يكون ثاني أكبر منصب شاغر بالنسبة للموارنة بعد الشغور في حاكمية مصرف لبنان.

والتقى بشارة الراعي أمس الأحد بقائد الجيش وقبلها بيوم التقى بجبران باسيل ضمن لقاءات عدة عقدها خلال الأسبوعين الماضيين مع قادة قوى سياسية مسيحية شددت على ضرورة أن يعلن موقفا حاسما إزاء الشغور المرتقب والضغط على الزعماء المسيحيين الرافضين للتمديد لقائد الجيش.

ومن بين الرافضين للتمديد رئيس التيار الوطني الحر وكذلك رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، بينما قالت صحيفة الأخبار اللبنانية في تقرير الاثنين غن هناك شبه اتفاق لدى القوى الممثلة في حكومة تصريف الأعمال على عدم التمديد "لأسباب مختلفة تتصل إما بالملف الرئاسي أو بالتطورات في المنطقة وتأثيرها على لبنان".

وتابعت الصحيفة اللبنانية أن بطريرك الموارنة أبلغ باسيل خلال لقاء السبت بأنه "لا يجوز ترك المركز شاغرا. فإما الاتفاق على تعيين بديل أو التمديد"، لكن رئيس التيار الوطني الحرّ لا يزال يتمسك بموقفه الرافض لإصدار الحكومة تعيينات باستثناء تعيين رئيس للأركان.

ونقلت صحيفة 'الأخبار' المحلية عن مصادر وصفتها بالمطلعة قولها إن رئيس مجلس النواب نبيه بري قال "لا أتفق مع باسيل على شيء. لكنّي أتفق معه على عدم التمديد لأي موظف في منصبه. وكما حصل في الأمن العام ومصرف لبنان، لا يُمكن تجاوز الأمر في قيادة الجيش أو أي شغور آخر".

كما يرفض بري أن يلقى بالمسؤولية في كل شيء على مجلس النواب، مؤكدا أنه بإمكان الحكومة القيام بتعيينات أو إقالات أو التمديد.

وبحسب المصدر ذاته قال بري ردا على من يطالبونه بفتح مجلس النواب وعقد جلسة لإقرار التمديد "إنه لا يعمل عند أحد"، مضيفا أن لا مانع لديه من تعيين قائد جديد للجيش أو رئيس للأركان.

ويؤيد السياسي الدرزي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط الذي خلفه ابنه تيمور على رأس الحزب التقدمي الاشتراكي، فكرة التمديد لقائد الجيش لكنه يلتقي مع بري وفرنجية وباسيل في أنه آن الأوان لإسقاط فكرة الخيار الثالث لسد الشغور في الرئاسة أي قائد الجيش المرشح للرئاسة.