بسبب الكهرباء، شباب ليبيون يجربون مكاتب مشتركة

مساحات العمل المشترك توفر لروادها الإنترنت ومولدات الكهرباء والألواح الشمسية ومحوّلات الطاقة لمواجهة الانقطاعات المتكررة للكهرباء والإنترنت.
الأربعاء 2021/02/17
الفضاءات المشتركة تغني عن الجلوس في المقاهي

يلجأ المزيد من الشباب الليبيين إلى مساحات عمل مشتركة تم افتتاحها في طرابلس، حيث باتت هذه الفضاءات توفر لهم اتصالا أكثر ثباتا بالإنترنت في بلد يشهد انقطاعات متكررة في الكهرباء والاتصالات.

طرابلس- تجذب مساحات العمل المشتركة الشباب الليبيين في بلد يشهد انقطاعا متكررا في الكهرباء والإنترنت، ما أدى إلى زيادة عدد هذه الأماكن في طرابلس التي توفّر لهم اتصالا أكثر ثباتا بتلك الخدمات.

وازدهرت مساحات العمل المشتركة لاسيما في العاصمة حيث يعيش أكثر من نصف السكان، وذلك مع تدهور الوضع في ليبيا في عام 2011.

وتشهد طرابلس انقطاعا متكررا وطويلا لخدمات الإنترنت والكهرباء والمياه قد يستمر لعدة ساعات، مما يؤدي إلى تعطيل أولئك الذين يحاولون القيام بأعمال تجارية في المدينة الساحلية المتوسطية.

لكن مشغلي مساحات العمل المشترك توصلوا إلى ابتكار حلول توفر لأولئك الذين يحتاجون إلى الاتصال عبر الإنترنت كل شيء، من مولدات الكهرباء الاحتياطية والألواح الشمسية إلى محوّلات الطاقة، حتى أن البعض منهم نصب نفسه كمزود للإنترنت.

وتوفر هذه الفضاءات للشركات الصغيرة ورواد الأعمال في العاصمة الليبية مساحات عمل مشتركة وغرف اجتماعات وكافتيريا.

وتتعدد مراكز العمل المشتركة من “نقطة” و”فرست سنتر” و”سبايس 340″ و”هايف سبايس” و”مساحة” وكلّها تجذب زبائن خاصة من الشباب يأتون بحثا عن تغذية إبداعهم أو إطلاق مؤسساتهم الخاصة ولقاء أشخاص يتشاركون معهم الاهتمامات نفسها.

انتعشت مساحات العمل المشتركة مع تحول سكان طرابلس إلى العمل عن بعد بسبب تفشي جائحة فايروس كورونا
انتعشت مساحات العمل المشتركة مع تحول سكان طرابلس إلى العمل عن بعد بسبب تفشي جائحة فايروس كورونا

وأكد يوسف الريان مدير الأعمال والمشاريع في مساحة عمل “نقطة” وهي من بين أولى مساحات العمل المشتركة التي تأسست في طرابلس أواخر العام 2017، أن الزبائن لا يأتون فقط بحثا عن الخدمات التي يوفرها المكان، بل لأنهم يرتاحون فيه أيضا. هو نفسه كان يقصد هذا المكان الواقع في شارع تجاري في طرابلس قبل أن يبدأ العمل فيه.

ورفعت على مدخل المبنى ذي الطوابق الثلاثة لافتة كتب عليها “أهلا بكم في مساحتكم”. وبمجرد دخوله ينقطع الزائر عن الضجيج الخارجي الناجم عن أبواق السيارات والازدحام.

وتتنوع خدمات المكان أيضا بما يتوافق مع احتياجات الزبائن، حيث توجد مكاتب خاصة وقاعات اجتماع ومساحات مشتركة أو غرف “هادئة” مع محطات عمل وإنترنت عالي السرعة وخزائن مؤمنة. ويفضل البعض العمل في الخارج على الشرفة المطلة على الشارع أو في المقهى.

وقال محمد المحجوب وهو من رواد المكان “من غير المعقول بالنسبة إلي أن أبقى ساعات طويلة في نفس المكان كل يوم. لا أستطيع حتى أن أتخيل نفسي ولو بعد عدة سنوات مكبلا في وظيفة من الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الثالثة أو الرابعة بعد الظهر”.

وأضاف المحجوب (23 عاما) “كل ما يلزمني هو إنترنت سريع وكهرباء وتكييف في الصيف مع شباب يعملون في نفس المجال يفهمون ما أفعل وغالبا ما يعلمونني أشياء جديدة”.

وينظم المشغلون الرئيسيون لهذه المساحات مسابقات أو ورشات عمل متنوعة تمولها أحيانا شركات أو منظمات مثل الأمم المتحدة. وأوضح الريان “خلقنا مجتمعا من الـ’فريلانسرز’ (الموظفين المستقلين) لنكون حلقة وصل بين المستثمرين ورجال الأعمال وأصحاب المشاريع الصغرى”. ومنعت الحرب في وقت من الأوقات هذا المجتمع من التلاقي.

تشهد طرابلس انقطاعا متكررا وطويلا لخدمات الإنترنت والكهرباء والمياه قد يستمر لعدة ساعات، مما يؤدي إلى تعطيل أولئك الذين يحاولون القيام بأعمال تجارية في المدينة

ولفت الريان إلى أنه في أبريل 2019 أغلقت كل مساحات العمل المشتركة لأنه “لم يكن بإمكاننا أن نعرف كيف سيمتد الضرب العشوائي وهل ستقع علينا قذيفة؟”. وأرغم سكان عين زارة إحدى ضواحي العاصمة التي شهدت قتالا عنيفا على مغادرة بيوتهم بسبب الحرب.

وأشارت مديحة العماري طالبة الطب التي نزحت مع عائلتها إلى أن “السلامة الجسدية وحدها لا تكفي”. وتابعت العماري (24 عاما) “مع غياب الإنترنت والكهرباء باتت مساحات العمل المشترك مكانا يمكن لي فيه الحفاظ على سلامة صحتي النفسية” أيضا.

وانتعشت مساحات العمل المشتركة مع تحول سكان طرابلس إلى العمل عن بعد بسبب تفشي جائحة فايروس كورونا. وترى منارة العالم التي أسست عملا عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن انتعاش مساحات العمل المشتركة عائد أيضا إلى توجه طلبة إليها سئموا من المقاهي المليئة “بالضجيج والدخان والشبّان”.

وقال الريان “كانت الفتيات يأتين مع أهاليهن أو آبائهن للتحقق من أجواء المكان”، مضيفا أنهم كانوا يطمئنون على الفور للمساحة.

وشدد على التزامهم في هذه المساحات بتدابير الوقاية من كوفيد – 19، الذي أصيب به أكثر من 128 ألف حالة في ليبيا بينها أكثر من ألفي وفاة. ويصف الموظفون كما روّاد “نقطة” المكان أنه بمثابة “عائلة صغيرة”.

24