بريكست يدخل المنعطف الأخير مع تنامي مؤشرات إسقاطه

تلقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي انتكاسة جديدة على شكل تحذير في البرلمان البريطاني بعد أن صوت عشرون نائبا محافظا مع المعارضة الثلاثاء، ما أتاح اعتماد تعديل لقانون المالية يهدف إلى الحد من سلطة الحكومة في تعديل السياسة الضرائبية في حال حصول بريكست دون اتفاق، فيما أعربت بروكسل عن استعدادها لتقديم تنازلات من أجل إنقاذ اتفاق بريكست.
لندن – منيت الحكومة البريطانية بهزيمة أخرى الأربعاء بعد أن صوت البرلمان على تعديل يرغمها على الإعلان خلال ثلاثة أيام عن الخطوات التي ستتخذها في حال رفض البرلمان المرجح لخطة بريكست خلال التصويت المرتقب الأسبوع المقبل، حيث تّم التصويت لصالح هذا التعديل بأغلبية 308 أصوات مقابل 297 صوتا.
ويشدّد هذا التعديل الضغوط على رئيسة الوزراء البريطانية التي تقاتل لإنقاذ اتفاق بريكست عند التصويت الأسبوع المقبل، فيما تبدو استعداداتها لمرحلة بريكست دون اتفاق ضبابية وغير مفهومة إلى حد الآن.
وتأتي انتكاسة ماي الجديدة، في وقت أشارت فيه مصادر ديبلوماسية غربية إلى أن رئيسة الوزراء البريطانية تبحث مع مسؤولين في بروكسل تأجيل موعد الخروج المقرر في 29 مارس، لترتيب بيتها الداخلي وإقناع نواب حزبها المتشككين.
وصرحت نائبة رئيس البرلمان الأوروبي إفلينه جبهارت الأربعاء، بأنه يمكن تمديد المدة الزمنية المحددة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من أجل الحيلولة دون حدوث خروج غير منظم لها من التكتل، ما يمثل جرعة دعم لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي تكافح من أجل إنقاذ الاتفاق وتجنب إسقاطه في البرلمان المنقسم حيال الاتفاق.
وقالت جبهارت المنتمية للحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني “إذا كان ذلك يمكن أن يساعد، فلم لا؟”.
وأوضحت أنه يمكن تصور تمديد المدة لأسبوع أو أسبوعين، حال أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تكون بحاجة لهذا الوقت من أجل طرح اتفاقية الخروج للتصويت عليها في مجلس العموم البريطاني.
ولكن جبهارت استبعدت إعادة المفاوضات بشأن نصوص اتفاقية الخروج القائمة بالفعل، وأشارت إلى أنه يمكن التفكير في تقديم تنازلات فقط في الاتفاقات بشأن التعاون المستقبلي، قائلة “في هذا الشأن يمكننا إعادة النظر في طريقة يمكننا من خلالها المساعدة”.
وبات مصير اتفاق بريكست المبرم بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في أيدي النواب البريطانيين الذين بدأوا الأربعاء النظر فيه غداة إلحاقهم نكسة جديدة برئيسة الحكومة، ما يذكر بضعف موقفها في هذه المسألة.
والنص الذي تفاوضت حوله حكومة تيريزا ماي والقادة الأوروبيون على مدى 17 شهرا سيعرض على التصويت أمام النواب في 15 يناير، لكن اعتماده من قبل البرلمان البريطاني يبقى غير مضمون نظرا لأن بعض النواب المؤيدين لبريكست يخشون تواصلا دائما مع الاتحاد الأوروبي فيما لا يزال النواب المؤيدون لأوروبا يأملون في العودة عن هذا القرار.
ومنيت الحكومة مساء الثلاثاء بنكسة على شكل تحذير خلال تصويت في مجلس العموم حيث صوت عشرون نائبا محافظا مع المعارضة، ما أتاح اعتماد تعديل لقانون المالية يهدف إلى الحد من سلطة الحكومة في تعديل السياسة الضرائبية في حال حصول بريكست دون اتفاق، لكن ديفيد ليدينغتون المسؤول الثاني في الحكومة البريطانية استبعد الأربعاء أي إعادة صياغة للنص رافضا الحديث عن “اتفاقات بديلة”.
وقال ليدينغتون “الخيار الذي يرتسم هو إما هذا الاتفاق أو لا اتفاق أو كما يرغب بعض النواب إلغاء نتيجة استفتاء عام 2016 بالكامل”.
وقال الناطق باسم رئيسة الحكومة الثلاثاء إن تيريزا ماي تواصل محاولة الحصول على “ضمانات” إضافية وخصوصا حول الطابع “المؤقت” لشبكة الأمان.
وهذا البند الذي يندد به مؤيدو بريكست يهدف إلى منع إعادة الحدود بين جمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي وأيرلندا الشمالية عبر إقامة “منطقة جمركية واحدة” تشمل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
وقال دبلوماسي أوروبي في بروكسل لوكالة الصحافة الفرنسية “نحن مقتنعون بان تيريزا ماي ستطلب تأجيلا بعد رفض البرلمان البريطاني المرجح للاتفاق، لكنها لا تقول ذلك لا علنا ولا في اتصالاتها مع المحاورين الأوروبيين”.
وأوضح مصدر دبلوماسي آخر “من الواضح أن الجميع يفكر في أن هذه الفرضية قائمة”، محذرا في الوقت نفسه من أن هذا “الخيار لا يزال نظريا”. وتختتم تيريزا ماي النقاشات في 15 يناير قبل تصويت حاسم مساء، حيث كان من المفترض أن يجري التصويت أساسا في ديسمبر لكنه أرجئ في اللحظة الأخيرة لتجنب هزيمة كانت شبه مؤكدة. ولكن عملية إقناع أعضاء البرلمان تبدو صعبة جدا بالنسبة لماي التي أضعفت سلطتها كثيرا في ديسمبر حين نظم حزبها تصويتا لحجب الثقة عنها، لكنها نجت منه بصعوبة. وحاولت منذ ذلك الحين تهدئة الأمور وأعلنت أن البرلمان يمكن أن يلعب دورا أكثر أهمية في المفاوضات المقبلة حول مستقبل العلاقة التجارية بين لندن والدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي.
وتحدثت أيضا عن إجراءات لكن دون تحديد طبيعتها بخصوص أيرلندا الشمالية بهدف إقناع النواب دون أن تنجح في ذلك حتى الآن، كون دعم الحزب الوحدوي الديمقراطي الأيرلندي يعتبر ضروريا بالنسبة إليها لتأمين الغالبية المطلقة في البرلمان.
وتحتاج ماي إلى 318 صوتا لتمرير الاتفاق في البرلمان حيث لا يحضر سبعة نواب من حزب شين فين الجلسات ولا يصوت رئيس البرلمان ونوابه الثلاثة ولا يُحسب أربعة نواب إذ يقومون بإحصاء عدد الأصوات.
وفي حال خرجت بريطانيا في الموعد المحدد في 29 مارس دون اتفاق ستكون قد أنهت قطعيا أكثر من أربعة عقود من الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي وهو السيناريو الذي تخشاه الأوساط الاقتصادية.
وحتى تفوز، سيكون على ماي ووزرائها التغلب على معارضة من مختلف ألوان الطيف السياسي ومحاولات تغيير أو تأجيل عملية الخروج أو إفسادها كليا.