بريكست يدخل أسبوع الحسم وسط تنامي شعبية الانفصال دون اتفاق

انطلقت الاثنين جولة جديدة من منازلة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مع البرلمان بشأن بريكست حيث يناقش النواب، مع عودتهم من عطلة عيد الميلاد، اتفاق انسحاب بلادهم من الاتحاد الأوروبي قبل التصويت عليه منتصف يناير الجاري، بينما ترجح التوقعات رفضهم إياه، ما يعني الانفصال من دون اتفاق وهو سيناريو سيدفع بالبلاد نحو المجهول.
لندن- سخر وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون من التوقعات المروعة بشأن ما يمكن أن يحدث في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، قائلا إن الخروج من الاتحاد يعكس بأفضل صورة نتيجة الاستفتاء الذي أجري سنة 2016، فيما تزداد شعبية الانفصال من دون اتفاق داخل البرلمان الذي يستعد لحسم الجدل منتصف الشهر الجاري.
واتهم جونسون ومسؤولون آخرون يعارضون الاتحاد الأوروبي حكومة ماي بدعم حملة لتخويف المواطنين من أجل أن يدعموا اتفاقها وذلك من خلال المبالغة في حجم المخاطر المترتبة على الخروج من دون اتفاق في 29 مارس المقبل.
وكتب الوزير السابق في عموده بصحيفة تلغراف المؤيدة للمحافظين “رموز المؤسسة سيطرت على هيئات البث للتحذير من مخاطر رفض اتفاق الخروج المؤسف الذي توصلت إليه تيريزا ماي، ونحن الآن لدينا توقع متراكم بأنه سيكون أمرا مؤسفا بمعني الكلمة”، مضيفا “على الرغم من حملة الحكومة ومؤيدي اتفاق ماي، إلا أن استطلاعات الرأي أظهرت أن الخيار الذي يطلق عليه لا اتفاق تتزايد شعبيته”.
ويأتي تصريح جونسون في الوقت الذي تعاني فيه تيريزا ماي من أجل إقناع المؤيدين للخروج والمعارضين المؤيدين للاتحاد الأوروبي في حزبها المحافظ، بالتصويت لصالح اتفاق الخروج في البرلمان الأسبوع المقبل. وتبدو أمور كثيرة على المحك مع بدء العد التنازلي للّحظة التي تنفصل فيها خامس أكبر قوة اقتصادية في العالم عن شريكها التجاري الرئيسي في مارس.
ونجت ماي من تحرك قام به حزبها لسحب الثقة منها لكنها أجبرت على إرجاء جلسة تصويت كانت مرتقبة في مجلس العموم في ديسمبر بعدما أقرت بأن الأغلبية كانت سترفض مسودة الاتفاق، لكن وحتى الآن هناك مؤشرات قليلة على حصول تغيير يذكر. ويتعين أن تفوز ماي في تصويت بالبرلمان لتحظى بالموافقة على اتفاقها للخروج من الاتحاد الأوروبي وإلا ستخاطر برؤية عملية الخروج وهي تغرق في الفوضى. وتلقت رئيسة الوزراء رسالة الأحد من 209 نواب دعوها “للتوصل إلى آلية تضمن عدم تنفيذ بريكست دون اتفاق”.
ومن بين الخيارات التي اقترحها المستشارون لإجبار النواب على تمرير اتفاق ماي، إعادة تقديم النسخة ذاتها من المسودة مرة تلو الأخرى. وأطلقت الحكومة حملة جديدة تهدف إلى تحضير البريطانيين للتداعيات الكاملة لسيناريو الانسحاب من التكتل دون اتفاق. وفي اختبار جرى الاثنين، تجمعت العشرات من الشاحنات في مطار غير مستخدم قبل أن تتوجه عبر طريق سريع إلى ميناء دوفر لتقييم كيفية تعامل البنية التحتية مع بريكست مفاجئ. ويتولى ميناء دوفر الجزء الأكبر من التجارة بين بريطانيا وأوروبا ويتوقع أن يتعرض سريعا لاختناقات ما لم يتم وضع ترتيبات جمركية.
وحتى تفوز، سيكون على ماي ووزرائها التغلب على معارضة من مختلف ألوان الطيف السياسي ومحاولات تغيير أو تأجيل عملية الخروج أو إفسادها كليا. ويجرى التصويت في مجلس العموم، حيث لا تتمتع ماي بأغلبية مطلقة بين نواب المجلس وعددهم 650، كما أن الحزب الديمقراطي الوحدوي يعارض الاتفاق، وهو حزب صغير في أيرلندا الشمالية كان يدعم حكومتها عادة.
يتعين أن تفوز ماي بتصويت البرلمان على اتفاق بريكست وإلا ستخاطر برؤية عملية الخروج وهي تغرق في الفوضى
وتحتاج ماي إلى 318 صوتا لتمرير الاتفاق في البرلمان حيث لا يحضر سبعة نواب من حزب شين فين الجلسات ولا يصوت رئيس البرلمان ونوابه الثلاثة ولا يُحسب أربعة نواب إذ يقومون بإحصاء عدد الأصوات. وستدور المناقشات بشأن ما إذا كان النواب يقبلون اقتراحا يشير إلى أن البرلمان وافق على اتفاق الانسحاب، وهي وثيقة قانونية تحدد شروط الخروج، وإعلانا سياسيا منفصلا يحدد إطار العلاقة طويلة الأمد بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وبمقدور النواب تقديم تعديلات على الاقتراح، حيث يختار جون بيركو رئيس مجلس العموم ما لا يزيد عن ستة من هذه التعديلات، وسيجرى التصويت عليها إلا إذا اختار مقترحوها سحبها. وفي حالة الموافقة على تعديل يتم إدخاله في نص الاقتراح النهائي، ورغم أن التعديلات التي تتم الموافقة عليها ليست ملزمة للحكومة إلا أنه سيكون من الصعب تجاهلها من الناحية السياسية وقد تملي على ماي خطواتها المقبلة.
وعبر وزراء عن مخاوفهم من أن موافقة البرلمان على أي من التعديلات قد تمنع المصادقة على الاتفاق لأن التصويت النهائي لن يوفر حينها الموافقة الواضحة القاطعة المطلوبة من الناحية القانونية على اتفاق ماي. وسيجرى التصويت على التعديلات قبل التصويت الحاسم على الاقتراح الكلي، وهو ما يعني أن على ماي الفوز في سلسلة من عمليات التصويت، وليس تصويتا واحدا، ينطوي كل منها على إمكانية إفشال خطتها.
وبمجرد انتهاء النقاش، سيطلب رئيس المجلس، كما جرت العادة، من الموافقين على كل تعديل أن يرفعوا صوتهم بكلمة “أجل” وأن يقول الرافضون “لا”، وإذا علت بعض الأصوات بكلمة “لا”، يدعو رئيس المجلس إلى تصويت رسمي. ووفقا للقانون، إذا رُفض الاتفاق، يكون أمام الوزراء 21 يوما لتحديد الخطوات التالية، فيما قالت الحكومة في وقت سابق إن بريطانيا ستغادر الاتحاد الأوروبي دون اتفاق يوم 29 مارس إذا تم رفض الاتفاق.
وأفادت بعض وسائل الإعلام بأن ماي ستطلب من البرلمان التصويت مجددا على الاتفاق، وبعد تصويت 117 نائبا من ضمن نواب حزبها وعددهم 317 ضدها في اقتراع على الثقة في ديسمبر الماضي، فمن المرجح أيضا أن تتعرض لضغوط لتستقيل.