بريطانيا تلوح باتخاذ إجراءات أحادية في خلافها مع الاتحاد الأوروبي

لندن - لوحت بريطانيا باتخاذ إجراء أحادي الجانب من شأنه تعليق عمليات الفحص الجمركية للبضائع المتجهة إلى أيرلندا الشمالية، ما يفاقم الخلافات مع بروكسل بشأن ترتيبات ما بعد بريكست (الانفصال عن الاتحاد الأوروبي).
وقالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس إن بلادها مستعدة لتجاوز الأجزاء من جانب واحد لاتفاق ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حول أيرلندا الشمالية إذا فشلت المحادثات مع الاتحاد الأوروبي.
ومن المقرر أن تجري تراس محادثات مع نائب رئيس الاتحاد الأوروبي ماروس سيفكوفيتش هذا الأسبوع لحل الخلافات بشأن الترتيبات التجارية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والخاصة بأيرلندا الشمالية، وهي جزء من المملكة المتحدة وتشترك في حدود برية مع أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي.

ليز تراس: نحن على استعداد لتفعيل المادة 16 إذا اضطررنا إلى ذلك
ولتفادي عمليات التفتيش الحدودية المثيرة للخلافات السياسية بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية، اتفقت بريطانيا والاتحاد الأوروبي على بقاء أيرلندا الشمالية بشكل فعلي ضمن الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي للبضائع، مع إجراء عمليات تفتيش للبضائع المنقولة بين البر الرئيسي لبريطانيا وأيرلندا الشمالية بدلا من ذلك.
وقالت تراس “أريد التوصل إلى حل من خلال التفاوض لكن إذا اضطررنا لاستخدام بنود مشروعة بما في ذلك المادة 16 فأنا على استعداد للقيام بذلك”.
وأضافت “هناك اتفاق يتعين إنجازه”. لكنها استدركت “لن أوقع على أي شيء يجعل شعب أيرلندا الشمالية غير قادر على الاستفادة من نفس القرارات المتعلقة بالضرائب والإنفاق مثل بقية المملكة المتحدة أو تجعل البضائع التي تتحرك داخل بلدنا تخضع للفحص”.
وتقضي المادة 16 بحق كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي أن يقررا من جانب واحد وقف تنفيذ أجزاء من البروتوكول الذي يحكم التجارة مع أيرلندا الشمالية إذا كانت هناك مشاكل عملية كبيرة أو تحويل التجارة. وكانت الحكومة البريطانية قد وقعت على البروتوكول في عام 2019.
وهددت المملكة المتحدة مرارا بأنه سيكون لها ما يبرر تفعيل المادة 16 التي تسمح بتعليق أجزاء من بروتوكول أيرلندا الشمالية بيد أنها لم تنفذ تهديدها بعد.
وشكوى بريطانيا الرئيسية هي أن البروتوكول الذي يضع حدودا جمركية فعالة في البحر الأيرلندي لضمان عدم وجود حدود صعبة على جزيرة أيرلندا يعرقل التجارة بين أيرلندا الشمالية وباقي المملكة المتحدة.
وهذه الحدود الجمركية الداخلية للمملكة المتحدة شوكة في خاصرة الموالين في أيرلندا الشمالية.
وتؤدي الضوابط في بعض الأحيان إلى مشاكل وعقبات إضافية في التجارة أو عند استيراد منتجات معينة.
وكانت بريطانيا ترغب من قبل في حل جميع المسائل المتعلقة بما بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي التي تؤثر على المنطقة دفعة واحدة، لكنها باتت الآن منفتحة على تأجيل بعض القضايا.
ويخوض الجانبان نزاعا بشأن كيفية حل الخلافات المتعلقة بما يطلق عليه بروتوكول أيرلندا الشمالية، وهو الاتفاق الذي سمح لبريطانيا بمغادرة السوق الموحدة للتكتل دون وضع حدود صعبة في جزيرة أيرلندا.
وينص هذا الاتفاق على أن البضائع القادمة من جميع أنحاء المملكة المتحدة إلى أيرلندا الشمالية يجب أن تخضع للتدقيق الجمركي إذا كانت معرضة لخطر نقلها لاحقا إلى الاتحاد الأوروبي.
ولا يزال وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية، الموضوع الشائك طوال المفاوضات حول شروط خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، يسبب توترات بين باريس ولندن رغم الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين لندن وبروكسل.
بريطانيا مستعدة لتجاوز الأجزاء من جانب واحد لاتفاق ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حول أيرلندا الشمالية إذا فشلت المحادثات مع الاتحاد الأوروبي
وكان وصول صيادي الاتحاد الأوروبي مستقبلا إلى مياه بريطانيا الغنية من بين أبرز المسائل الشائكة والقابلة للاشتعال سياسيا وآخر نقطة تم حلّها قبل الإعلان عن الاتفاق.
وأصرّت بريطانيا مرارا على أنها ترغب في استعادة السيطرة الكاملة على مياهها بينما سعت دول الاتحاد الأوروبي الساحلية لضمان حقوق الصيد في مياه المملكة المتحدة.
وفي النهاية توصّل الطرفان إلى تسوية تقضي بأن تتخلى قوارب الاتحاد الأوروبي تدريجيا عن 25 في المئة من حصصها خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات ونصف السنة.
وسيتم إجراء مفاوضات سنويا بعد ذلك على كميات السمك التي يمكن لقوارب الاتحاد الأوروبي الحصول عليها من المياه البريطانية. وإذا لم تكن النتيجة مرضية بالنسبة إلى بروكسل فسيكون بإمكانها اتّخاذ تدابير اقتصادية ضد المملكة المتحدة.
واتهم متحدث باسم المفوضية الأوروبية بريطانيا بعدم احترام اتفاق خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وأوضح أنه وفقا لاتفاقية التجارة والتعاون يتعين الإخطار بالشروط المقترحة مسبقا لإتاحة الوقت للجانب الآخر لتقييم المقترحات. وترى المفوضية أن فترة الإخطار في هذه الحالة كانت قصيرة للغاية.
وأضاف “وحتى تُقدم السلطات في المملكة المتحدة المزيد من التفسيرات بشأن الشروط الجديدة، يتعين ألا يتم تطبيقها. وستظل المفوضية على تواصل حثيث مع فرنسا والمملكة المتحدة بشأن هذه المسألة”.