بريطانيا تفتح نوافذ التجارة الحرة عبر المحيط الهادئ

الصفقة ستضيف 0.08 في المئة إلى الاقتصاد على المدى الطويل و1.8 مليار إسترليني أخرى كل عام.
السبت 2023/04/01
استعدوا لغزو المزيد من الأسواق

اعتبر محللون أن انضمام بريطانيا إلى أحد أكبر التكتلات التجارية العالمية سيعبد أمامها الطريق للابتعاد عن منغصات البريكسيت، ما سيساعد في تنمية الاستثمارات والصادرات وفق تعريفات جمركية منخفضة، رغم أن تحصيل المكاسب قد يتطلب وقتا طويلا.

لندن - انضمت بريطانيا الجمعة إلى الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادئ (سي.بي.تي.بي.بي) بعد قرابة عامين من المفاوضات، في مسعى لبناء العلاقات في جميع أنحاء العالم بعد مغادرة أوروبا.

ويريد المسؤولون في سادس أكبر اقتصاد في العالم تحقيق مكاسب تجارية بعد الطلاق الأوروبي في اقتصادات بعيدة جغرافيا عنها، ولكنها أسرع نموا.

ومنذ الانسحاب من الاتحاد الأوروبي قبل أكثر من عامين، شرعت لندن بالبحث عن أسواق بديلة لتفادي التأثيرات السلبية لبريكست على السلع والخدمات محلية الصنع على اقتصاد البلاد، بما فيها إقامة علاقات تجارية أوسع مع دول الخليج العربي.

وتمثل اتفاقية سي.بي.تي.بي.بي التي أبرمت قبل خمس سنوات فقط أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم، وهي تهدف إلى كسر الحواجز أمام المبادلات والاستثمارات بين 11 دولة تشكل أقل بقليل من 15 في المئة من الاقتصاد العالمي.

وتم تأكيد قبول عضوية بريطانيا في التكتل رسميا في مكالمة هاتفية بين وزيرة التجارة كيمي بادينوك ونظرائها من المجموعة، والذي بموجبه أصبح البلد، العضو الثاني عشر، وأول المنضمين إليه منذ إنشائه.

وقال رئيس الوزراء ريشي سوناك إن بلاده “وافقت على الانضمام إلى الاتفاقية”، في خطوة أكد مكتبه أنها “أكبر صفقة تجارية منذ بريكست”.

وترجح سالي جونز الشريك في السياسة التجارية والإستراتيجية في إرنست آند يونغ، أن تستغرق المصادقة والتنفيذ عاما من الآن.

وقدر تقييم الأثر الحكومي أن الصفقة ستضيف 0.08 في المئة فقط إلى الاقتصاد البريطاني على المدى الطويل. وستضيف 1.8 مليار جنيه إسترليني أخرى كل عام، وربما أكثر إذا انضمت دول أخرى.

ونقلت رويترز عن ديفيد هينيغ مدير مشروع السياسة التجارية في المملكة المتحدة، قوله إن “ماليزيا وبروناي فقط لم يتم تغطيتهما من خلال اتفاقيات التجارة الحرة القائمة، وأنهما يمثلان 0.33 في المئة فقط من تجارة بريطانيا”.

وأضاف أن “التحليل المبكر لعمليات التكتل يشير إلى أنها لم تحدث فرقا كبيرا في التدفقات التجارية”، مضيفا أنها “لم تفعل شيئا يذكر لقطاعات الخدمات في بريطانيا لكن الواردات من دول مثل فيتنام ستنمو بمرور الوقت”.

ووافقت بريطانيا على صفقات تجارية مع أستراليا ونيوزيلندا، واتفقت أيضا على اتفاقية تجارة حرة مع اليابان في 2020. كما تجري محادثات مع كندا والمكسيك بشأن اتفاقيات التجارة الحرة الجديدة.

ولدى بريطانيا دوافع إستراتيجية وليست اقتصادية فقط، حيث يمكنها الآن التأثير على ما إذا كان ثمة احتمالات لانضمام الصين وتايوان إلى المجموعة.

وقال سوناك “الانضمام إلى الكتلة يضع المملكة المتحدة في مركز مجموعة ديناميكية ومتنامية من اقتصادات المحيط الهادئ”، مضيفا أن الصفقة أظهرت “الفوائد الاقتصادية الحقيقية لحرياتنا بعد بريكست”.

وكانت بريطانيا تتطلع إلى بناء علاقات تجارية بعد بريكست مع التركيز على الاقتصادات البعيدة. ويأتي ميلها بين المحيطين الهندي والهادئ في الوقت الذي يصور فيه إطار سياستها الخارجية الصين على أنها “تحد محدد للعصر”.

والأعضاء الآخرون في الاتفاقية هم أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا وبيرو وسنغافورة وفيتنام.

وتتمتع بريطانيا باتفاقيات تجارة حرة ثنائية قائمة مع معظم الدول الأعضاء رغم أن سي.بي.تي.بي.بي تمنح الشركات خيارات إضافية على الشروط التي يمكنها التجارة بموجبها.

وقال مكتب سوناك إن “الناتج الإجمالي لبلدان هذا التكتل التجاري سيبلغ 11 تريليون إسترليني (13.6 تريليون دولار) بمجرد انضمام بريطانيا، أو 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي”.

صادرات مرتبة ووفق خطط معينة
◙ صادرات مرتبة ووفق خطط معينة 

وليس للتكتل سوق واحدة للسلع أو الخدمات، وبالتالي فإن التنسيق التنظيمي ليس مطلوبا، على عكس الاتحاد الأوروبي، الذي غادرت بريطانيا مداره التجاري.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن صادرات بريطانيا إلى الدول الأعضاء في الاتفاقية بلغت 60.5 مليار إسترليني في الاثني عشر شهرا حتى نهاية سبتمبر الماضي.

وقال سام لوي الشريك في شركة فلينت غلوبال إن “المصدرين يمكن أن يستفيدوا من عضوية هذا التكتل حتى عند التجارة مع البلدان التي توجد بها اتفاقية تجارة حرة ثنائية”.

وللاستفادة من التعريفات التفضيلية، يجب على المصدرين إظهار منتج ما كنسبة كافية من الأجزاء المحلية.

وتسمح قواعد المنشأ بموجب اتفاقيات التجارة الحرة بعد البريكست مع اليابان والمكسيك وكندا، على سبيل المثال، للمصدرين بحساب مدخلات الاتحاد الأوروبي على أنها “محلية”.

ومع ذلك، في إطار اتفاقية المحيط الهادئ، يمكن عادة اعتبار المدخلات من أعضاء التكتل محلية الصنع، مما يمنح المصدرين خيارا آخر إذا كان ذلك مفيدا. وقال لوي “الفائدة العملية للمصدرين البريطانيين هنا اختيارية”.

◙ بريطانيا ترى أن 99 في المئة من الصادرات إلى التكتل ستكون مؤهلة للرسوم الجمركية الصفرية 

وتبرز أيضا مسألة التأثير القطاعي، فقد وافقت بريطانيا على حصة لواردات لحوم البقر، لكنها لم توافق على خفض المعايير الغذائية، التي بموجبها يتم حظر لحوم الأبقار المعالجة بالهرمونات.

وسيتم تحرير الرسوم الجمركية على زيت النخيل من ماليزيا، ووافقت بريطانيا أيضًا على تخفيضات جمركية على الموز والأرز وعيدان السلطعون بعد طلبات من بيرو وفيتنام وسنغافورة على التوالي.

وترى بريطانيا أن 99 في المئة من الصادرات إلى التكتل ستكون مؤهلة للرسوم الجمركية الصفرية بما في ذلك على الجبن والسيارات والشوكولاتة والآلات والويسكي.

واعتبر مارك كينت الرئيس التنفيذي لجمعية ويسكي الأسكتلندية أن الإلغاء التدريجي للتعريفة الجمركية في ماليزيا بنسبة 165 في المئة على الويسكي سيعزز التجارة.

وقال إن “انضمام المملكة المتحدة إلى سي.بي.تي.بي.بي سيفتح فرصا جديدة على منتجات الويسكي والمنتجات البريطانية الأخرى في الأسواق الرئيسية في منطقة”.

وفي حين أن الفوائد طويلة الأجل للاقتصاد البريطاني من المقرر أن تكون متواضعة، فإن لدى الحكومة أسبابا أخرى للانضمام إلى الكتلة.

وقالت ميناكو موريتا جيجر زميلة أبحاث السياسات في مرصد السياسة التجارية في المملكة المتحدة، إن انضمام بريطانيا كان “مكسبا كبيرا للإستراتيجية الجيوسياسية مع مكاسب اقتصادية صغيرة”.

واستشهدت جيجر بمحاور بريطانيا نحو المحيطين الهندي والهادئ، حيث سلطت الضوء على الصين باعتبارها “تحديا”.

وأوضحت أنه يمكن أن يمكّن الانضمام إلى سي.بي.تي.بي.بي المملكة المتحدة من تعزيز العلاقات الإستراتيجية مع البلدان ذات التفكير المماثل لحماية منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة.

 ◙ تعزيز العلاقات الإستراتيجية مع البلدان ذات التفكير المماثل مهم
 ◙ تعزيز العلاقات الإستراتيجية مع البلدان ذات التفكير المماثل 

10