بريطانيا تسعى لتعديل بروتوكول أيرلندا الشمالية بشكل أحادي

يؤسس تحرك بريطانيا الأحادي الذي يهدف إلى تعديل بروتوكول أيرلندا الشمالية لحلقة جديدة من التوتر مع بروكسل التي هددت بفرض إجراءات عقابية تجارية إن تم تجاوزها. ويرى البريطانيون في تعديل بعض بنود الاتفاق ضرورة ملحة للحفاظ على اتفاق الجمعة العظيمة فيما يرى الأوروبيون في ذلك انتهاكا لاتفاق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
لندن – عرضت الحكومة البريطانية الاثنين أمام البرلمان مشروع قانونها لتعديل بعض بنود بروتوكول أيرلندا الشمالية الذي تم التفاوض عليه في إطار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) ويثير توترا شديدا في المقاطعة البريطانية وخلافات مع بروكسل.
وإذ تؤكد الحكومة أن النص المقترح “قانوني” إلا أن حزب العمال المعارض والحزب الجمهوري الأيرلندي “شين فين” يتهمانها بـ”انتهاك القانون الدولي”.
وبالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي يعتبر ذلك تراجعا عن اتفاقية دولية ومن شأنه أن يبرر إجراءات انتقامية تجارية.
وأنشأ البروتوكول الذي أبرم لحماية السوق الأوروبية الموحدة حدودا جمركية في بحر أيرلندا لإبقاء أيرلندا الشمالية في المدار الجمركي للاتحاد الأوروبي وتجنب إنشاء حدود برية بين المقاطعة البريطانية وجمهورية أيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، وحماية اتفاق الجمعة العظيمة الذي وقّع عام 1998 ووضع حدا لأعمال عنف دامية استمرت عقودا وأسفرت عن مقتل 3500 شخص.
سايمون كوفني: النص ينتهك تعهدات لندن المتعلقة بالقانون الدولي
لكن الوحدويين يرون أنه يشكل تهديداً لمكانة المقاطعة داخل المملكة المتحدة التي يرتبطون بها ارتباطا وثيقا. ويرفض الحزب الوحدوي لأيرلندا الشمالية المشاركة في حكومة جديدة في بلفاست إذا لم يتم تعديل البروتوكول.
وأعلنت الحكومة البريطانية التي تدعم الوحدويين في منتصف مايو رغبتها في سن تشريع لتعديل البروتوكول.
وترغب الحكومة البريطانية في اعتماد نظام جديد بحيث تمر البضائع المتداولة والمتبقية داخل بريطانيا عبر “قناة خضراء جديدة” وتحررها من الإجراءات الإدارية. وتبقى البضائع الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي خاضعة لجميع الضوابط المطبقة بموجب قانون الاتحاد الأوروبي.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الاثنين إنها “تغييرات بيروقراطية ضرورية، وبصراحة إنها سلسلة تعديلات بسيطة إلى حد ما”، مؤكدا أن مشروع القانون شرعي.
وأوضح جونسون أن “التزامنا الأساسي كدولة يتعلق باتفاقية الجمعة العظيمة في بلفاست”.
ودافعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس عن موقف بلادها في اتصال مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش ونظيرها الأيرلندي سايمون كوفني، دون أن تنجح في إقناعهما.
وأكد سيفكوفيتش أن الاتحاد الأوروبي قدم الحلول، معربا عن أسفه “للعمل أحادي الجانب الذي يقوض الثقة المتبادلة”.
واعتبر كوفيني أن النص “ينتهك التعهدات البريطانية المتعلقة بالقانون الدولي”، متهمًا تراس “بعدم المشاركة في مفاوضات ذات مغزى مع الاتحاد الأوروبي”.
وردت تراس “نحن نفضل حلاً تفاوضيًا لكن يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يكون مستعدًا لتعديل البروتوكول”، مشددة على ضرورة “إعادة الاستقرار السياسي”.
واتهمت ماري لو ماكدونالد، زعيمة الحزب الجمهوري في أيرلندا الشمالية “شين فين”، الأحد الحكومة البريطانية بـ”انتهاك القانون الدولي” عبر التعديل، مؤكدة أن “البروتوكول يعمل”. واعتبرت أن رئيس الوزراء بوريس جونسون يحاول عبر ذلك استعادة سلطته.
وأضافت أن اقتراحات الحكومة “معدة لتحريك الطموحات القيادية لدى بوريس جونسون أو أحد خلفائه المحتملين” فيما يحاول رئيس الوزراء استعادة سلطته بعدما نجا في الآونة الأخيرة من تصويت لحجب الثقة قام به حزبه المحافظ.
كما اتهم حزب العمال المعارض الرئيسي في بريطانيا الحكومة بالسعي لانتهاك القانون.
وانتقدت النائبة العمّالية رايتشل ريفز الأحد الحكومة قائلة “يبدو أنها تريد تسجيل رقم قياسي في خرق القانون”، في إشارة إلى فضيحة “بارتي غيت” حول إقامة بوريس جونسون حفلات في مقر رئاسة الحكومة خلال فترات الحجر بسبب تفشي وباء كوفيد – 19 مما أدى إلى تغريمه، في سابقة بالنسبة إلى رئيس حكومة في منصبه.
وفي المقابل أكد الوزير البريطاني المكلف بشؤون أيرلندا الشمالية براندون لويس أن مشروع قانون الحكومة “شرعي” و”صائب”.
وأوضح أن النص يهدف إلى حلحلة المشاكل الناجمة عن تطبيق البروتوكول من أجل تبسيط التبادل التجاري بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية وتهدئة الوحدويين لكي يقبلوا بتشكيل حكومة.
ولطالما حذرت جمهورية أيرلندا، الجارة الأقرب من المقاطعة البريطانية، من تعديل البروتوكول من جانب واحد.
وقال كوفني الخميس إن “نشر هذا القانون سيسبب مشاكل أكثر بكثير مما سيحل، ليس بين بريطانيا وأيرلندا فحسب، بل بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل عام”.
وأشار إلى أنه منذ إعلان لندن نواياها “تشدد” موقف الاتحاد الأوروبي.
واعتبر لويس أن الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى المرونة في المفاوضات مع المملكة المتحدة.
وقال لهيئة “بي بي سي”، “أعتقد أنهم افتقدوا الصراحة عندما أعلنوا أنهم مرنون… في الواقع لم يظهروا المرونة اللازمة لمعالجة هذه القضايا من أجل سكان أيرلندا الشمالية”.
وتم وفقا للاتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولكن بقيت المخاوف من أن يؤدي تشديد الإجراءات على الحدود بين جمهورية أيرلندا وأيرلندا الشمالية، والتي لا تزال جزءا من المملكة المتحدة، إلى تفاقم التوترات الطائفية التي لم تهدأ إلا في العقدين الماضيين.
وأيرلندا الشمالية منقسمة بين معسكرين، أحدهما يريد علاقات أوثق مع جمهورية أيرلندا، والآخر يرغب في البقاء جزءا من المملكة المتحدة.
لكن إبقاء الحدود مفتوحة ينطوي على خطر دخول منتجات بريطانية إلى الاتحاد الأوروبي دون فحصها، وهذا هو سبب إصرار التكتل على تشديد القيود بين أيرلندا الشمالية وبريطانيا العظمى.