بريطانيا تحبس أنفاسها في انتظار تداعيات تصويت بريكست

رئيسة الوزراء البريطانية تتفق مع الاتحاد الأوروبي على ضمانات جديدة "ملزمة قانونيا" حول خطة "شبكة الأمان" والتي يمكن أن تؤدي إلى إبقاء بريطانيا في الاتحاد الجمركي الأوروبي.
الأربعاء 2019/03/13
تصويت حاسم لكنه لا يمنع الانفصال

حسم حزب العمال البريطاني المعارض أمره مبكرا بعدم التصويت لصالح اتفاق بريكست، على الرغم من تمكّن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من انتزاع تنازلات اللحظة الأخيرة، وعادت من بروكسل حاملة تعديلات ملزمة قانونيا لبند الحدود الأيرلندية المثير للجدل، إلا أن التعديلات لم تكن محلّ ترحاب من النواب المحافظين وحلفائهم في الحزب الوحدوي الأيرلندي الشمالي، والذي دون أصواتهم العشرة لن تتمكّن الحكومة البريطانية من تمرير أيّ اتفاق.

لندن- أوصت مجموعة من النواب البريطانيين المؤيدين لبريكست الذين تم تكليفهم بدراسة التعديلات التي أدخلت على اتفاق بريكست، البرلمان برفضه، ما يعني توجه النواب إلى التصويت الأربعاء على صيغة الانفصال التي يحبذونها سواء كان انسحابا منظما أو انفصالا دون اتفاق، إذا ما تم تبني النواب هذه التوصية التي تكون في كثير من الأحيان ملزمة.

وقال النائب المحافظ بيل كاش نيابة عن المجموعة “في ضوء تحليلنا القانوني وغيره من التحليلات، لا نوصي بقبول طرح الحكومة”. وتضمّ المجموعة كذلك نايجل دودز، القيادي في الحزب الوحدوي الديمقراطي المنضوي في ائتلاف رئيسة الوزراء تيريزا ماي. ودون دعم نواب الحزب الوحدوي الديمقراطي العشرة لا يمكن تمرير اتفاق بريكست.

واتفقت رئيسة الوزراء البريطانية والاتحاد الأوروبي على ضمانات جديدة “ملزمة قانونيا” حول خطة “شبكة الأمان” الخاصة بالحدود الأيرلندية، والتي يمكن أن تؤدي إلى إبقاء بريطانيا في الاتحاد الجمركي الأوروبي إلى أجل غير مسمّى.

وقال النائب العام البريطاني النافذ جيفري كوكس المكلّف بتقديم الاستشارة القانونية للحكومة، إن اتفاقيات اللحظة الأخيرة التي توصّلت إليها ماي “تقلل خطر” بقاء بريطانيا عالقة “إلى ما لا نهاية وخارج إرادتها” في شبكة الأمان، لكنه أكد أن “المحاذير القانونية لا تزال على حالها” لجهة أن لندن لن تتمكن من الناحية القانونية من التخلي عن خطة “شبكة الأمان” دون موافقة الاتحاد الأوروبي.

جان كلود يونكر: إما هذا الاتفاق وإما بريكست لن يحدث إطلاقا، لن تكون هناك فرصة ثالثة
جان كلود يونكر: إما هذا الاتفاق وإما بريكست لن يحدث إطلاقا، لن تكون هناك فرصة ثالثة

وتريد لندن أن يكون بند “شبكة الأمان” محددا زمنيا، وأن يسمح لها بإنهائه من جانب واحد، لأنها ترى فيه “فخا” لإبقاء البلاد مرتبطة إلى ما لا نهاية بالاتحاد الأوروبي. ويشكّل بند “شبكة الأمان” العقبة الرئيسية منذ رفض اتفاق الانسحاب في البرلمان البريطاني في يناير الماضي.

ووضع هذا البند لتجنّب عودة حدود بين مقاطعة أيرلندا الشمالية البريطانية وجمهورية أيرلندا من أجل حماية اتفاقات السلام التي وقّعت بين الجانبين عام 1998. وسارعت ماي إلى ستراسبورغ في وقت متأخر الاثنين لإجراء محادثات اللحظة الأخيرة مع قادة الاتحاد الأوروبي، في مسعى إلى إنقاذ اتفاق بريكست الذي تم التوصل إليه.

وأعلن الطرفان لاحقا عن حزمة من ثلاثة أجزاء تتضمن تعديلات ملزمة قانونيا تم إدخالها على الاتفاق القديم. وتهدف حزمة التعديلات إلى حلّ أبرز النقاط العالقة بالنسبة إلى النواب البريطانيين التي دفعتهم لرفض الاتفاق في يناير، والمتمثلة في خطة “شبكة الأمان” لإبقاء الحدود البرية مفتوحة بين بريطانيا وجمهورية أيرلندا.

وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر “إما هذا الاتفاق وإما أن بريكست لن يحدث إطلاقا”، مؤكدا “لن تكون هناك فرصة ثالثة”. وفي وقت متأخر الاثنين، أعلن حزب العمال المعارض أنه سيصوّت ضد الاتفاق، مشيرا إلى أن ماي “فشلت”.

وقال زعيم حزب العمال جيريمي كوربين إن الاتفاق الذي توصلت إليه مع “المفوضية الأوروبية لا يتضمن أي شيء قريب من التغييرات التي وعدت البرلمان بها”. ويعني رفض حزب العمال للاتفاق أن الرهان بات على مواقف المحافظين والحزب الديمقراطي الوحدوي، حيث ستمهّد هزيمة أخرى لجلسات تصويت جديدة في البرلمان.

وفي حال تم رفض الاتفاق، سيصوّت النواب الأربعاء على مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس دون أي اتفاق، حيث يعدّ هذا الخيار محفوفا بالمخاطر الاقتصادية ولا يدعمه إلا أشدّ أنصار بريكست.

ويؤدي رفض الاتفاق إلى خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي إلى حالة من الفوضى في 29 مارس، بعد 46 عاما من العلاقة العاصفة التي تخللتها صعوبات في الكثير من الأحيان. كما يمكن أن يؤدي أيضا إلى تأجيل الموعد المقرر للخروج. وإذا تم رفض النص مرة أخرى الثلاثاء، قررت ماي إجراء تصويت الأربعاء حول إمكانية مغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

لندن تريد أن يكون بند "شبكة الأمان" محددا زمنيا، وأن يسمح لها بإنهائه من جانب واحد، لأنها ترى فيه “فخا” لإبقاء البلاد مرتبطة إلى ما لا نهاية بالاتحاد الأوروبي

وفي حال رفض النواب هذا الخيار، فسوف يصوّتون الخميس على اقتراح بتأجيل “محدود” للخروج من الاتحاد الأوروبي بعد 29 مارس، لكن يتعيّن الحصول على موافقة دول الاتحاد الأوروبي 27، فقد حذّر القادة الأوروبيون من أن أي تأجيل يجب أن يكون مبررا حتى يوافقوا عليه.

وأفاد يونكر أن أي تأجيل لما بعد انتخابات البرلمان الأوروبي في أواخر مايو، سيعني أنه سيكون على لندن المشاركة في الاقتراع. ورحّب رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار بالضمانات الجديدة التي اتفقت ماي عليها مع يونكر.

وقال في بيان إن “بريكست كان غيمة سوداء تخيّم علينا منذ شهور وخاصة خطر الخروج دون اتفاق”، مضيفا “سيكون بإمكان أي تصويت إيجابي إزاحة هذه الغيمة وإعادة الثقة والتفاؤل إلى بريطانيا وأيرلندا والاتحاد الأوروبي بأسره”. وأعرب رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي كذلك عن رضاه عن الاتفاق. وقال إن “بريكست منظم هو أمر مهم للغاية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. آمل بأن يدعم مجلس العموم الاتفاق الذي توصلت إليه تيريزا ماي. لا يوجد بديل”.

ورحّبت الحكومة الألمانية بالحلّ الوسط الذي تم التوصل إليه في اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وناشد وزير الدولة الألماني للشؤون الخارجية، ميشائيل روت، مجلس العموم البريطاني بالمساهمة في إبرام هذا الاتفاق. وقال روت خلال اجتماع للاتحاد الأوروبي في بروكسل “يتعيّن الآن أيضا وضع حدّ للألاعيب”. ووصف روت الاتفاق الذي تم التفاوض عليه بأنه “إيضاح بالغ للغاية لما تمّ التفاوض عليه منذ فترة طويلة”.

5