بروكسل تشحذ سيف عقوبات ضد طرفي الصراع في السودان

بروكسل – يضع الاتحاد الأوروبي إطار عمل مخصص للعقوبات للسودان كي يستهدف في النهاية الأطراف الفاعلة الرئيسية في الحرب الدائرة هناك، وذلك بحظر سفر وتجميد أصول وحسابات مصرفية، بحسب ما نقلته وكالة رويترز عن مصادر دبلوماسية مطلعة.
وقالت مصادر دبلوماسية إن الدول الأعضاء تبادلت أواخر الأسبوع الماضي مقترح وثيقة وستناقش التفاصيل في الأسابيع المقبلة.
وأضافت المصادر أن الهدف هو الانتهاء من إطار العمل بحلول سبتمبر، ويمكن استخدامه بعد ذلك في إعداد قائمة بالأفراد والشركات المحظورة.
ويشكك محللون في جدوى العقوبات التي تسعى بروكسل اتخاذها تجاه طرفي الصراع في السودان، لخبرات النظام بوجهيه (الجيش وقوات الدعم السريع) بها، وقدرته على التعايش معها، مشيرين إلى أنها لن تحقق الكثير، وقد تسمح للطرفين بالرهان أكثر على الخيار العسكري بدلا من الحل السياسي، مثلما جرى سابقا عندما تجاهل الجيش السوداني تحذيرات واشنطن واستقدم تعزيزات إلى العاصمة الخرطوم وشن قصفا عنيفا على المناطق الآهلة بالسكان.
وقد سبق أن لجأت واشنطن في مايو الماضي إلى سلاح العقوبات ضد الطرفين المتصارعين في السودان بعد أن شعرت -على ما يبدو- بإحباط وعجز في قدرة الوساطة التي شاركتها فيها المملكة العربية السعودية على تحقيق تقدم ملموس بعد مضي نحو شهر من استضافة جدة محادثات غير مباشرة بين وفدين من الجيش وقوات الدعم السريع، بغرض التوصل إلى اتفاق تهدئة.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد وقع على أمر تنفيذي في أوائل مايو يضع أساس عمل عقوبات أميركية محتملة.
ويفرض الاتحاد الأوروبي بالفعل عقوبات على كيانات وأفراد مرتبطين بمجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة بقيادة يفغيني بريغوجين، بما يشمل عملياتها في السودان وشركتي ذهب.
وقال أحد المصادر "وضع النظام يجب أن يكون بمثابة رادع لقادة الحرب في السودان. إنه تحذير أخير".
ويعد لجوء واشنطن وبروكسل إلى سلاح العقوبات في السودان، بلا أي تأثير حيث سبق أن تعايش نظام الرئيس السابق عمر البشير مع العقوبات الأميركية نحو ثلاثة عقود، نجح خلالها في الصمود، بل شجّعته على إيجاد موارد وصناعات وروافد بديلة تقلل من النتائج التي استهدفتها واشنطن في عهد البشير، وأصبح السودان نموذجا حيا على إخفاق العقوبات الأميركية في القارة الأفريقية.
وقد يعرقل اللجوء إلى سلاح العقوبات الجهود التي تقودها قوى أخرى على غرار مصر التي تحتضن اجتماعا للمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير انطلق الاثنين ويتواصل اليوم الثلاثاء لمناقشة السبل السياسية لإنهاء الحرب الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي تجاوزت مئة يوم منذ اندلاعها، واستعادة الحكم المدني في البلاد.
واندلعت الحرب السودانية في أبريل بين الجيش بقيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي.
وأبرم طرفا النزاع هدنات عدة، غالبا بوساطة الولايات المتحدة والسعودية، لكنها لم تصمد. كما يحاول كل من مصر والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد للتنمية بشرق أفريقيا التوسط لحل الأزمة.
ونوه الممثل الخاص للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس في يوليو إلى عدم ظهور أي بوادر على حل سريع للصراع الذي "يهدد بالتحول إلى حرب أهلية عرقية".
وفشلت جهود الوساطة الدبلوماسية حتى الآن واستخدم الجانبان وقف إطلاق النار لإعادة تنظيم صفوفهما.
وكان السودان يعدّ من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع النزاع الحالي الذي دفع أكثر من 3.5 ملايين شخص للنزوح، غادر أكثر من 700 ألف منهم الى خارج البلاد خصوصا دول الجوار مصر وتشاد.
وتلوح أزمة إنسانية في الأفق مع عدم صرف المساعدات أو عدم وصولها إلى وجهاتها.
ويحتاج أكثر من نصف عدد سكان البلاد الذي كان يقدّر بنحو 48 مليون نسمة، الى مساعدات انسانية للاستمرار، في وقت تتزايد التحذيرات من المجاعة في ظل نقص المواد الأساسية، وفي وقت بات أكثر من ثلثي المستشفيات في مناطق القتال خارج الخدمة.