برنامج واعد لجعل الإمارات سوقا عالمية للمركبات النظيفة

دخلت الإمارات مرحلة أخرى في مسار تعزيز جاذبيتها للأعمال بالإعلان عن مبادرة جديدة لتحويل البلد إلى مركز عالمي لتجارة السيارات الكهربائية، من خلال تطوير البنية التحتية وجذب استثمارات للقطاع بما يحقق عوائد مستدامة مستقبلا.
أبوظبي - تسعى الحكومة الإماراتية من خلال مشروع طموح يتضمن تركيز نواة لسوق المركبات الكهربائية إلى إثبات قدرتها على الخوض في كل المجالات التي تنسجم مع البيئة، وفي الوقت ذاته جذب هذا القطاع الواعد إلى أسواق المنطقة.
وأعلن وزير الطاقة سهيل المزروعي الثلاثاء عن المشروع، الذي يعتبر أحد البرامج التحولية ضمن اتفاقيات الأداء للجهات الحكومية الاتحادية، التي تم إبرامها العام الماضي.
وتمثل اتفاقيات الأداء مشاريع نوعية تنقل الدولة نحو المستقبل وتعزز من تنافسيتها، وتتميز المشاريع التحولية بتحقيق أثر كبير في كافة القطاعات ضمن فترات زمنية قصيرة، وبما يضمن تطبيق منهجية العمل الحكومي الجديدة.
ويدعم المشروع خطط الحكومة الاتحادية لتسريع تحقيق مستهدفات الاقتصاد الأنشط والأكثر تنافسية ويستهدف بنية تحتية مترابطة ومتفوقة تكنولوجيا ضمن رؤية “نحن الإمارات 2031”.
كما أنه محفز رئيسي للمساهمة في أن تكون الدولة المركز العالمي للاقتصاد الجديد، وأن تكون المنظومة الداعمة للبلد الخليجي حتى يكون الأكثر ريادة وتفوقا خلال السنوات العشر المقبلة.
ويأتي الإعلان عن البرنامج بالتزامن مع انعقاد فعاليات أعمال النسخة الثانية من معرض ومؤتمر المركبات الكهربائية الذي بدأ الاثنين الماضي، ويستمر لثلاثة أيام في مركز أبوظبي الوطني للمعارض.
ويهدف المعرض إلى دعم الانتقال من الاعتماد شبه الكامل على الوقود الأحفوري إلى الطاقة الكهربائية في قطاع النقل، مما يساهم في إنقاذ الكوكب من العواقب البيئية المترتبة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى.
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية عن المزروعي قوله إن “المشروع يشمل خطة متكاملة وبرنامجا وطنيا طموحا لتحقيق التكامل بين قطاعي الطاقة والبنية التحتية، وتعزيز التكامل بين الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، إلى جانب القطاع الخاص”.
وأضاف “المشروع يأتي ضمن مجموعة من الأهداف التي تم العمل على تحقيقها، لجعل الإمارات سوقا عالميا للمركبات الكهربائية، وبناء منظومة من السياسات والمحفزات الحكومية الداعمة لاستخدامها”.
وبدأت وزارة الطاقة في وقت سابق في وضع خارطة لشبكة شواحن المركبات الكهربائية تهدف إلى ربط جميع إمارات الدولة السبع عن طريق تأهيل البنية التحتية من طرق ومبان وتعزيز التعاون مع الجهات المحلية.
وفي تجسيد لذلك تم إطلاق منصة شبكة الشواحن الكهربائية وتطبيق الهاتف للمستخدمين، والتي تقوم على ربط جميع الجهات المعنية لتعزيز عملية التكامل، إضافة إلى دليل لتركيب المحطات لتوحيد المواصفات بين إمارات الدولة حسب المعايير العالمية.
وأبرمت وزارة الطاقة شراكات شملت الاتحاد للماء والكهرباء وشركة بيئة والجامعة الأميركية في الشارقة، ومع مصنعي المركبات الكهربائية والمستثمرين، منها أودي وسيمنس وبي.أم.دبليو وجاغوار وأن.أي.في للاستثمارات ومرسيدس وجنرال موتورز وبورشه.
1.3
تريليون دولار حجم سوق السيارات الكهربائية بحلول 2027 وفق موردر أنتليجنس للاستشارات
واحتلت دولة الإمارات المرتبة الثامنة بين الدول العشر الأولى في مؤشر الجاهزية للمركبات ذاتية القيادة لعام 2020 في مسح سنوي أعدته شركة كي.بي.أم.جي إنترناشيونال، متقدمة على المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا واليابان وكندا وإسبانيا وإيطاليا وروسيا.
وأشار حسن جمعة المنصوري، وكيل الوزارة لقطاع البنية التحتية والنقل، إلى أن المشروع يشمل منصة تفاعلية محلية تضم أكثر من 700 شاحن كهربائي موزع على مناطق البلاد.
وأوضح أنه سيتم إنجازها على مرحلتين بالتعاون والتنسيق مع مصنّعي المركبات الكهربائية والهجينة والمستثمرين.
وأكد المنصوري أهمية التكامل بين قطاعي الطاقة والبنية التحتية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لاسيما وأن المشروع الجديد يرمي إلى إيجاد قنوات تواصل بين الحكومة والمصنعين وتعزيزها.
وتشهد الأسواق العالمية تحولا في استخدامات وسائل النقل المعتمدة على التكنولوجيا، وتقليص تصنيع السيارات ذات محركات الوقود الأحفوري، ولكن هذا المسار لا يزال يسير ببطء رغم الإستراتيجيات التي اتخذتها العديد من الدول.
وبينما وضعت الولايات المتحدة إستراتيجية خاصة بها لتسريع الانتقال إلى المركبات النظيفة، مثلما هو الحال في الاتحاد الأوروبي، تبدو الصين متقدمة على الجميع بفضل الدعم الذي تقدمه للمصنعين والحوافز التي تتيح للمستهلكين لتشجيعهم على شرائها.
مشروع "سوق عالمي للمركبات الكهربائية" سيسهم في دعم مستهدفات المبادرة الإماراتية للحياد المناخي والاقتصاد الدائري
ورغم تحديات الوباء والأزمة الراهنة بسبب انعكاسات الحرب في شرق أوروبا، كان هناك ارتفاع كبير في مبيعات السيارات الكهربائية خاصة في السوقين الصينية والأوروبية.
ووفق شركة موردر أنتليجنس للاستشارات بلغت قيمة سوق السيارات الكهربائية في العام 2021 حوالي 370 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 1.3 تريليون دولار بحلول 2027 بمعدل نمو سنوي قدره 23.35 في المئة.
ومن المتوقع أن تعزز مجموعة من العوامل، مثل التكلفة المتزايدة للوقود والمبادرات الحكومية من خلال مناطق جغرافية مختلفة، زيادة الوعي بالمركبات النظيفة، بينما تستمر البنية التحتية لمحطات الشحن في التوسع.
ويرجح خبراء موردر أنتليجنس في تقرير نشر مؤخرا أن تشهد أسواق منطقة آسيا والمحيط الهادئ أسرع نمو، تليها أوروبا وأميركا الشمالية.
وتميل صناعة السيارات في دول مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وشركات غربية مثل تسلا وفولكسفاغن نحو الابتكار والتكنولوجيا وتطوير المركبات الكهربائية المتقدمة.
ومن المتوقع أن يؤدي الطلب المتزايد على خفض انبعاثات الكربون وتطوير محطات أكثر تقدما وسرعة في الشحن إلى دفع نمو السيارات الكهربائية خلال السنوات الأربع المقبلة.
ولدى الإمارات مستهدفات واضحة لقطاع النقل ومن ضمنها برنامج التنقل الأخضر الرامي إلى تعزيز هذه المنظومة عبر زيادة حصة سيارات الركاب والحافلات الكهربائية وتوفير مزيج من الخيارات للشاحنات.
وتهدف الحكومة إلى خفض استهلاك الطاقة بمقدار 40 في المئة خلال العقود الثلاثة القادمة، حسب مستهدفات برنامج إدارة الطلب على الطاقة والمياه في قطاع النقل.
ويقول شريف العلماء، وكيل الوزارة لقطاع الطاقة، إنه تم العمل الفترة الماضية على تعزيز التواصل مع القطاع الخاص وعقد الشراكات وتنمية الشراكة في قطاع التنقل الذكي والمركبات الهجينة.
وشدد على أن ذلك يدعم نجاح تجربة الإمارات في استخدام السيارات الكهربائية، والتي تتماشى مع إستراتيجية الدولة نحو الحفاظ على البيئة والتحول إلى الطاقة النظيفة لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.