برنامج عماني واعد لترقية نشاط المشاريع الصغيرة

مسقط – كثفت الحكومة العمانية من اهتمامها بنشاط المشاريع الصغيرة والمتوسطة بكامل محافظات البلاد، في مسعى منها لجعل هذا القطاع ركيزة أساسية في بناء اقتصاد متنوع أسوة بجيرانها في منطقة الخليج.
وأطلقت مسقط الخميس برنامج “تصعيد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة” بهدف رفع مستوى تصنيف المشاريع المقيدة في سجلات الدولة وجعلها تحقق أعلى المستويات من الأعمال.
وينسجم البرنامج مع “رؤية 2040” عبر تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والحرفيين لتحقيق النمو والتوسع بما يُوجِد اقتصادا تنافسيا متنوعا ومستداما ذا قيمة محلية مضافة وأطر متكاملة، ومندمجا مع الاقتصاد العالمي، وجاذبا للاستثمارات والتعاون الدولي.
ويتضمن برنامج هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة “ريادة” مسارين، الأول سريع ويستهدف مجموعة من الشركات التي قامت بتحديث بياناتها.
أما المسار الثاني والذي يعرف بـ”المسار المستقبلي” فسيكون من خلال الإعلان لتسجيل المؤسسات واختيار المؤسسات الأكثر جاهزية للتصعيد.
وبحسب ما أشارت إليه وكالة الأنباء العمانية الرسمية، تتمثل ممكنات التصعيد والنمو للبرنامج في زيادة عدد القوى العاملة وارتفاع الإيرادات السنوية للمؤسسة من أجل الحفاظ على استدامتها.
ومن المتوقع أن يسهم البرنامج في زيادة فرص التوظيف وتصعيد المؤسسات بمختلف فئات التصنيف ونموها وتوسعها محليّا وإقليميّا، وزيادة إسهام المؤسسات في الناتج المحلي الإجمالي وتوطين الصناعات وتحسين جودة الخدمات والمنتجات.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد الشركات الصغيرة والمتوسط بلغ بنهاية النصف الأول من هذا العام أكثر من 104.5 ألف شركة.
وتستأثر المشاريع متناهية الصغر بالنصيب الأكبر حيث يبلغ عددها أكثر من 89.5 ألف مؤسسة، أما الشركات الصغيرة فيبلغ عددها نحو 14 ألفا، فيما هناك حوالي 1010 شركات متوسطة.
وتظهر تقديرات صادرة عن جهات دولية مانحة أن مساهمة قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة تبلغ نحو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة، والمقدر بنحو 32 مليار ريال (83.2 مليار دولار).
وكانت هيئة ريادة قد أطلقت مطلع هذا الأسبوع نظاما إلكترونيا أطلقت عليه اسم “معلومات+”، يوفر المعلومات الخاصة بالشركات والمنشآت وأماكن وجودها وأنشطتها ومعلومات السكان والأنشطة الاقتصادية.
ويتيح النظام تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لبيئة ريادة الأعمال ولبناء نظام معلومات إلكتروني متكامل قادر على توفير المعلومات الداعمة لأنشطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومجالات عملها.
وتقول الحكومة إن خطوات كهذه تسهم في دعم الابتكار وريادة الأعمال إحدى أهم ركائز الاقتصاد وتعزيز اتخاذ القرارات المبنية على البيانات المفتوحة في القطاعات الاقتصادية والإستراتيجية.
وتحاول مسقط من خلال خططها الطموحة تشجيع الشباب على تأسيس مشاريعهم الخاصة، وعدم انتظار الحصول على وظيفة تقليدية سواء في مؤسسة حكومية أو في شركة خاصة.
خطوات كهذه تسهم في دعم الابتكار وريادة الأعمال إحدى أهم ركائز الاقتصاد وتعزيز اتخاذ القرارات المبنية على البيانات المفتوحة في القطاعات الاقتصادية والإستراتيجية
ولم تكتف بذلك فقط، بل قدمت العديد من المبادرات خلال الفترة الماضية يقود جهاز عمان للاستثمار (الصندوق السيادي) جزءا منها، كما شجعت العمانيين على البحث عن أفكار مبتكرة بهدف تمويلها.
ويعكس هذا التمشي مدى اهتمام الحكومة بالكوادر المحلية، والذي يهدف إلى رفع نسبة العمانيين إلى 20 في المئة في القطاع الخاص في غضون سنوات قليلة.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن حوالي 250 ألف عُماني فقط يعملون في القطاع الخاص، وهو رقم يبدو صغيرا قياسا بأكثر من 1.8 مليون وافد يعملون في البلاد.
واتخذت مسقط منذ 2019 خطوات متقدمة من أجل تقليص العمالة الوافدة بهدف فسح المجال أمام توطين سوق العمل تدريجيا، وبالتالي تحريك عجلة النمو وإعادة هيكلة أوضاع الاقتصاد على أسس مستدامة وفق “رؤية 2040”.
وقررت مسقط في يناير 2020 استثناء المقيمين الأجانب من عدة قطاعات ومهن لتصبح حكرا على المواطنين في الدولة الساعية لتنفيذ حزمة واسعة من الإصلاحات.
وتستهدف الكثير من البرامج التي تأتي تحت مظلة الإصلاح الاقتصاد بشكل عام سعيا لتنشيطه والرفع من إنتاجيته، بما في ذلك توفير المزيد من الوظائف للعمانيين المقبلين على سوق العمل بشكل متزايد.
وتأثرت عُمان، أضعف اقتصاد بين دول الخليج العربي، خلال عامي الوباء وقبلهما، من انخفاض أسعار النفط، مما ترك آثارا عميقة على نتائج أعمال الشركات العاملة في السوق المحلية.
ولكن قطاع الأعمال اكتسب الآن زخما جديدا مع إنهاء قيود الإغلاق وارتفاع أسعار النفط والغاز جراء الحرب في أوكرانيا، مما ساهم في مساعدة الحكومة على الإسراع في تنفيذ إصلاحاتها بما يدفع البيئة الاستثمارية إلى الأمام.