برنامج عماني لخصخصة شركات النقل البري والبحري

سلطنة عمان تتجه نحو خصخصة قطاع النقل البري والبحري من خلال استراتيجية تأتي في ضوء تنامي صناعة النقل بمفهومه الواسع على الصعيد العالمي، وتعاظم متطلباته.
الجمعة 2019/06/21
منصة لاستعراض الفرص الاستثمارية الواعدة

يترقب رجال الأعمال المعنيون بالاستثمار في قطاع النقل العُماني بدء خطوات الخصخصة، التي أعلنت عنها المجموعة العالمية للوجستيات، في تحرك يقول محللون إنها خطوة كبيرة في إطار “رؤية 2040” الهادفة إلى تنويع الاقتصاد وزيادة قدرته التنافسية.

مسقط- كشفت سلطنة عمان عن ملامح المراحل الأولى لخصخصة قطاع النقل البري والبحري في إطار برنامج يمتد لثلاث سنوات، لتدخل بذلك عصرا جديدا يتلاءم مع خطط الحكومة لتنويع الاقتصاد وزيادة الإيرادات.

ويرى المسؤولون والعديد من الخبراء أن أهمية هذه الاستراتيجية تأتي في ضوء تنامي صناعة النقل بمفهومه الواسع على الصعيد العالمي، في ظل تعاظم متطلباته الاستثمارية والقانونية والإدارية والفنية.

وتأتي الخطوة بعد أشهر قليلة من إعلان الحكومة عن تلقيها 25 عرضا من مستثمرين أجانب للحصول على حصص في شركتي كهرباء، تسعى مسقط لخصخصتهما في محاولة لمعالجة اختلال التوازنات المالية بعد ارتفاع تكلفة الاقتراض نتيجة خفض تصنيف البلاد الائتماني.

ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية للرئيس التنفيذي للمجموعة العمانية العالمية للوجستيات (أسياد) عبدالرحمن الحاتمي قوله إن “هناك نية لتخصيص بعض الشركات التابعة للمجموعة”.

وأوضح خلال مجلس أسياد، الذي نظمته المجموعة الأربعاء الماضي بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض أن من بين الشركات المقرر بيع جزء من أسهمها لمستثمرين محليين أو أجانب، العمانية للنقل البحري والعبارات الوطنية ومواصلات. وحددت المجموعة العمانية العام 2022 لتنفيذ مشروعها بخصخصة البعض من الشركات، ولكن ربما يكون التوجه للتخصيص قبل ذلك بكثير.

عبدالرحمن الحاتمي: ننوي خصخصة بعض شركات مجموعة أسياد قبل 2022
عبدالرحمن الحاتمي: ننوي خصخصة بعض شركات مجموعة أسياد قبل 2022

وتراهن الحكومة على أسياد، التي أسستها في 2016 والبالغ حجم محفظة أصولها حاليا نحو 10 مليارات دولار، لتعظيم العوائد والمالية لاستثمارات الدولة في الموانئ والمناطق الحرة وشركات النقل البحري والبري والخدمات اللوجستية.

وأكد الرئيس التنفيذي للمجموعة أن ذلك يعتمد على أشياء كثيرة منها الأداء المالي وأهداف المجموعة الاستراتيجية، وهي أن يكون التخصيص للحصول على أموال وإعادة استثمارها في عوائد أخرى وليس لمجرد التخصيص.

وتسعى أسياد لخصخصة شركات على المدى المتوسط منها العمانية للنقل البحري، باعتبارها تحقق نتائج جيدة الآن، وهناك خطة لإضافة خمس سفن جديدة لها مع توقعات بأن يصل إجمالي عدد سفنها إلى 71 سفينة بحلول 2022.

كما يمكن أن تتم خصخصة الشركة الوطنية للعبارات وشركة مواصلات وشركة تاكسي الأجرة التابعة لها. ووجهت مسقط أنظارها إلى القطاع الخاص للعمل والاستثمار في خططها، ولكن ذلك مرتبط بإعادة هيكلة قطاع النقل برمته وإعلانها رسميا عن بدء تنفيذ خططها.

وحتى الآن، تدير مواصلات، وهي شركة النقل العام في السلطنة، الخطوط والحافلات التابعة لها، ولكن الحكومة تعمل حاليا على إعادة هيكلتها حتى تكون جاهزة للمنافسة بعد بيع حصة فيها. وقال الحاتمي “سوف يتم طرح مواصلات خلال مناقصة للقطاع الخاص بحيث يكون هو من يديرها، ولكن بشرط أن يستوفي معايير الجودة والسلامة المطلوبة”.

ولدى السلطنة أكثر من 60 شركة حكومية، غير أن احتياطيات الطاقة وإنتاج النفط لديها أقل مما عند جيرانها في منطقة الخليج، ما يعرضها لضغوط مالية أشد، بينما تواصل تمويل برامج للرعاية الاجتماعية وتوفير فرص العمل.

ووضعت الحكومة العمانية في السنوات الأخيرة خططا لبيع أصول مملوكة للدولة، في مسعى منها إلى التصدي لعجز الميزانية الذي تراكم بعد انخفاض أسعار النفط منذ منتصف عام 2014. وتتوقع الحكومة أن يبلغ العجز 7.3 مليار دولار في موازنة 2019، أي ما يعادل 9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ولن تكون الموانئ والمناطق الحرة بمنأى عن استراتيجية المجموعة العمانية في طريق تعزيز دورها في الاقتصاد المحلي رغم الصعوبات، التي تعترض تطوير أدائها. ويقول الحاتمي إن قطاع الموانئ يواجه تحديات كبيرة بسبب ارتباطه بالاقتصاد العالمي والظروف الاقتصادية داخليا وخارجيا.

أسياد تسعى لخصخصة شركات على المدى المتوسط منها العمانية للنقل البحري، باعتبارها تحقق نتائج جيدة الآن

ومع ذلك، يُتوقع أن تسجل موانئ البلاد نموا بنحو 27 بالمئة في حجم البضائع و14 بالمئة على مستوى حجم الحاويات خلال العام الحالي. وانطلقت وزارة النقل والاتصالات العمانية في ديسمبر الماضي في إعداد استراتيجية الإدارة البحرية للرفع من مستوى المبادلات التجارية، باعتبارها أحد أبرز مصادر النقد الأجنبي للدولة.

وتطمح الحكومة إلى تطوير البنية الأساسية لقطاع النقل البحري، لتعزيز دور الموانئ الثلاثة؛ مسقط وصحار وصلالة، والتي تستقبل أكبر سفن العالم وهي من أهم الشواهد على هذه الجهود ويربطها طرق متطورة ومطارات حديثة.

أما عن الاستثمارات الأجنبية في المناطق الحرة، فقال الحاتمي “استقطبنا العام الماضي 440 مليون دولار، بينما وصل حجم الاستثمارات في المناطق الحرة في صحار وصلالة خلال النصف الأول من 2019 إلى نصف مليار دولار”.

وتهدف أسياد، التي تتوقع أن يبلغ حجم أصولها بحلول 2040 أكثر من 30 مليار دولار، إلى بلوغ حجم الاستثمارات في المناطق الحرة بنهاية العام الجاري إلى 1.25 مليار دولار. وتشير البيانات إلى أن المجموعة سجلت نموا بقيمة 14 بالمئة على الأرباح التشغيلية خلال 2018، مع توقعات بأن ترتفع إلى 23 بالمئة بنهاية العام الحالي.

11