برنامج سياسي عراقي يتصدر الترند بالشجار والتعدي اللفظي بين الضيوف

فوضى إعلامية تتغذى على النزاعات الطائفية بالعراق في غياب المساءلة.
السبت 2024/08/10
"واجهات" لتحقيق أهداف

أصبحت الكثير من البرامج السياسية على الفضائيات العراقية تعتمد أسلوب الإثارة لاستقطاب الجمهور وتصدر الترند من خلال الشجار والعراك بين الضيوف وتدخل مقدم البرنامج بطريقة استعراضية في الجدال، الأمر الذي رسخ الفوضى الإعلامية المنتشرة بالاستفادة من تبعية القنوات الفضائية لأحزاب وسياسيين متنفذين.

بغداد - أصبحت إثارة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي هدفا للبرامج السياسية في الفضائيات العراقية، كنوع من الدعاية الإعلامية واستقطاب الجمهور، عبر تبادل الاتهامات والصراخ والشتائم، ليتحول البرنامج خلال ساعات إلى حديث المنصات الاجتماعية العراقية ومادة للجدل السياسي بين المتابعين، كما حدث في برنامج الميدان للإعلامي مقداد الحميدان على قناة الرشيد.

واستضاف الحميدان جمعة العطواني رئيس مركز أفق للدراسات في العراق، وغيث التميمي رئيس مشروع المواطنة في لندن، اللذين دخلا في جدال تحول سريعا إلى صراخ وتبادل للاتهامات ما لبث أن اشترك فيه مقدم البرنامج بعد محاولته تهدئة الضيفين ومنع الإساءة بينهما.

وظهر أن أسلوب الإثارة والتهويل الذي تتبعه بعض برامج الحوار السياسي يتسبب في قدر عال من الضجة وتصدر المنصات الاجتماعية، خصوصا أن الموضوعات المطروحة للنقاش تستضاف إليها شخصيات معروفة بتطرف طروحاتها، وهو ما يجعل الجمهور يشترك في الجدال حولها، وجاء في تعليق حول ما دار في برنامج الميدان:

ويضيف:

وعلق آخر مهاجما أحد ضيوف البرنامج:

ولخص أحدهم المعركة الكلامية التي حدثت في البرنامج قائلا:

وتحمس آخرون لمهاجمة الضيف الثاني:

بدوره علق غيث التميمي الذي كان طرفا في الحوار ضمن البرنامج بأن استضافته كانت السبب في تصدر البرنامج الترند وأنه تم استفزازه لهذه الغاية، وكتب في تغريدة على حسابه في إكس:

Ghaith19919@
صار فترة يطلعون بالتلفزيون ومحد يتابعهم لذلك اتفقوا يجيبون طاري غيث حتى يصيرون ترند وكان لهم ما أرادوا (منذ مدة لا يتابعهم أي أحد على التلفزيون لذلك اتفقوا على الإتيان بغيث حتى يصيروا ترندا، وكان لهم ما أرادوا).

وذهب الكثير من الناشطين إلى حد رثاء الإعلام العراقي الذي أصبح ساحة للمعارك السياسية دون هدف فيما يغيب المحتوى الجاد الذي يحترم عقل المشاهد.

وقد قال أحدهم:

وقال آخر:

وتعمل المؤسسات الإعلامية التي أسستها الأحزاب وتكونت بناءً على أفكار مذهبية أو طائفية على محاولة استغلال تأثير الإعلام على المجتمع لفرض الأفكار والتوجهات التي تريدها تلك الجهات؛ إذ يعمل بعضها كتيار مضاد لقضايا الحقوق والحريات.

ويرى الصحافي والأكاديمي مسلم عباس أنه لا يمكن لأحد أن يمول مشروعاً إعلامياً من دون أن تكون له أهداف محددة، بعضها نبيل وبعضها الآخر لأغراض سياسية وربما شخصية ضيقة، أما النموذج الثاني أي النموذج السياسي وهو السائد في العراق فالمعلومات والحقائق لا تنشر مجردة، بل تنشر لتحقيق أهداف سياسية تخدم ممول المؤسسة الإعلامية؛ "لا إعلام في سبيل الله".

◙ المؤسسات الإعلامية التي أسستها الأحزاب وتكونت بناء على أفكار مذهبية أو طائفية تعمل على محاولة استغلال تأثير الإعلام على المجتمع لفرض أفكارها وتوجهاتها

ويدرك مالكو الفضائيات، وهم من السياسيين أو رجال الأعمال الذين لديهم مصالح سياسية، أن قنواتهم التلفزيونية لن تؤثر في الجمهور من دون وجود مقدمي برامج بارزين، وهم عادة من أصحاب الترند. واستُخدم بعض مقدمي البرامج في الصراعات السياسية وصاروا أحد أبرز وجوه الصراع الذي يتكشف للجمهور بمجرد انتقال مقدم برامج من فضائية إلى أخرى، ويدفع مالكو القنوات مبالغ مالية كبيرة للوجوه البارزة التي يُريدون انتقالها إلى مؤسساتهم.

ونتيجة لذلك انحرفت الصحافة ووسائل الإعلام عن أخلاقياتها وباتت أسيرة لجهات متنفذة حتى أصبحت وكأنها أجنحة سياسية للأحزاب والتيارات المهيمنة في العراق، واستخدمت بكثرة في حروب إعلامية تشعل الصراع من حين إلى آخر.

وترى إرادة الجبوري، الأستاذة في كلية الإعلام بجامعة بغداد، أنّه لا توجد في العراق صناعة إعلامية رغم وجود مشاريع إعلامية صغيرة لكنها بسيطة تحاول ممارسة دورها، وبعيدا عن الإعلام الحكومي أو الرسمي يوجد ما يسمى بالإعلام الأهلي الذي يعود إلى تجار ومستثمرين وقد يكونون “واجهات” لتحقيق أهداف معينة بغض النظر عن نوعها، وقد يعود إلى الأحزاب المهيمنة على السلطة في العراق وهي معروفة بمسمياتها القومية والمذهبية ولكن أغلبيتها دينية وقومية وتستثمر في مجال الدين والمذهب ولديها مقرات وقنوات وصحف وإذاعات ومواقع إلكترونية و"جيوش إلكترونية".

اقرأ أيضا: 

الكاظمي يقاضي صحافيا بسبب منشور ناقد

5