برنامج الخصخصة العماني يواجه اختبارا لشهية المستثمرين

السلطات تتطلع إلى ترقية بورصة مسقط إلى وضع الأسواق الناشئة.
الخميس 2025/01/30
بيئة الأعمال يحدد السوق مسارها

ساعدت مبيعات الأسهم الجديدة القياسية البالغة 2.5 مليار دولار سلطنة عُمان على تجاوز أسواق مثل المملكة المتحدة خلال العام الماضي، لكن محللين يرون أن البلد يواجه اختبارا مبكرا لشهية المستثمرين في 2025 في طريق تنفيذ برنامج الخصخصة الطموح.

مسقط - تدفع سلطنة عمان منذ سنوات باتجاه الخصخصة لجذب رؤوس الأموال من الخارج، وقد ساهمت تلك الإستراتيجية، وكذلك إصلاحات مالية في دفع البلد لديون وتحويل عجز كبير في الميزانية إلى فائض منذ عام 2022.

وبالنسبة للمسؤولين، يُعد القطاع الخاص الفاعل الأساس في جهود التنمية في مختلف القطاعات، خاصة المعوّل عليها لتنويع مصادر الدخل، وتعزيز جهود التنمية من خلال استكشاف الفرص، التي تحملها مبادرات التحفيز.

وتبدو خطة مجموعة أسياد المملوكة لجهاز الاستثمار العماني (صندوق الثروة) لبيع حصة لا تقل عن 20 في المئة من وحدتها للشحن أحد الأمثلة على ذلك، وتأتي الخطوة على خلفية بدايات صامتة لطرحين، بما في ذلك أكبر صفقة في مسقط على الإطلاق.

وسيعمل الطرح العام الأولي لشركة أسياد للشحن أيضا كمؤشر على قدرة الحكومة على تنفيذ برنامجها للتخارج، والذي خصصت له حوالي 30 أصلا مملوكا للدولة.

نيشيت لاخوتيا: سيكون نجاح إدراج أسياد حافزا للطروحات في السلطنة
نيشيت لاخوتيا: سيكون نجاح إدراج أسياد حافزا للطروحات في السلطنة

ومن المتوقع بدء فترة الاكتتاب الشهر المقبل بعد حصول الشركة على الموافقات التنظيمية المطلوبة. وتعتزم أسياد للنقل البحري توزيع أرباح نقدية نصف سنوية اعتبارا من سبتمبر 2025 لأول ستة أشهر من العام.

وحققت الشركة هامش ربح أساسي معدل بنسبة 69 في المئة في أول تسعة أشهر من العام الماضي ارتفاعا من 65 في المئة خلال الفترة نفسها في عام 2023.

ونسبت وكالة بلومبيرغ إلى نيشيت لاخوتيا، رئيس الأبحاث في بنك سيكو، قوله “سيكون نجاح أسياد حافزا ضروريا للغاية للعديد من الاكتتابات العامة الأولية في السلطنة.”

وأوضح أن العروض العمانية الأخيرة خيبت آمال المستثمرين الذين كانوا يتطلعون إلى تحقيق مكاسب سريعة من بيع الأسهم بعد الإدراج.

وانخفضت أسهم شركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج بنسبة 17 في المئة منذ إدراجها في أكتوبر الماضي، في حين ظل سهم شركة أوكيو للصناعات الأساسية ثابتا إلى حد كبير منذ ظهوره لأول مرة في الشهر الماضي.

كما عانت الشركات التي طرحت أسهمها للاكتتاب العام في عام 2023، حيث انخفضت شركة أوكيو لشبكات الغاز بنسبة 6 في المئة وشركة أبراج لخدمات الطاقة بنسبة 4 في المئة تقريبا.

ووفقا لحسنين مالك إستراتيجي الأسواق الناشئة والحدودية بشركة البيانات العالمية تيلمير، فإنه ربما يكون التوقعات الضعيفة لأسعار الطاقة قد أثرت على الرغبة في الاكتتابات العامة الأولية العمانية الأخيرة، والتي كانت مرتبطة بقطاعي النفط والمواد الكيميائية.

ومنذ شهر أكتوبر 2024، انخفض مؤشر أم.أس.إكس 30 القياسي العماني بنسبة 3 في المئة، بينما ارتفع مؤشر أم.أس.سي.آي لدول الخليج العربي بنحو 4 في المئة، وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 7.5 في المئة.

رؤية عُمان 2040 تهدف إلى تطوير كافة مناحي الحياة بتنويع مصادر الدخل والابتعاد تدريجيّا عن الاعتماد على صادرات الطاقة

وتقدم شركة أسياد للشحن خدمات النقل البحري للصادرات الرئيسية، مما يجعل العمل “آمنا نسبيا ومستقرا”، وفقا للاخوتيا. وقال إن “سياسة توزيع الأرباح السخية قد تساعد أيضا في جذب المستثمرين.”

وتتأخر عُمان، البلد النفطي غير العضو في منظمة أوبك، بضع سنوات عن جارتيها السعودية ودولة الإمارات في برنامجها لسحب الاستثمارات ودفعها لتطوير أسواق رأس المال.

وكانت السلطنة قد كثفت تحركاتها خلال السنوات الأخيرة لخدمة خططها الإستراتيجية لتنويع الاقتصاد ضمن رؤية 2040.

وتهدف الرؤية إلى تطوير كافة مناحي الحياة بتنويع مصادر الدخل والابتعاد تدريجيّا عن الاعتماد على صادرات الطاقة، مع تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد.

والتحقت مسقط بركب جيرانها في الخليج، في السير على هذا الدرب خاصة بعد أن تضررت موازنتها جرّاء تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية وتداعيات كورونا.

وتأمل الحكومة عبر تلك الرؤية في الوصول إلى تحقيق نسبة نمو تقدّر بنحو 6 في المئة بحلول العام 2040، وأن تكون ضمن أفضل 20 دولة في العالم، وضمن العشر دول الأوائل تجاريا.

وفي هذا السياق، ركزت على عدة قطاعات لتعزيز إسهاماتها في دفع الاقتصاد، من بينها الطاقة والتعدين، بهدف معالجة الاختلالات المالية وزيادة إيرادات الدولة من العملة الصعبة.

حسنين مالك: قد تحصل عمان على مبتغاها ولكن ليس بتقييمات عالية
حسنين مالك: قد تحصل عمان على مبتغاها ولكن ليس بتقييمات عالية

وتعد بورصة مسقط من بين أصغر البورصات في منطقة الشرق الأوسط، بقيمة تزيد قليلا عن 31 مليار دولار، وفقا للبيانات التي جمعتها بلومبيرغ.

وفي أغسطس الماضي، وافقت هيئة تنظيم أسواق رأس المال في البلاد على تدابير لتعزيز قوائم القطاع الخاص والسيولة الثانوية. وقال لاخوتيا إن “الإصلاحات كلها جاهزة للعمل كمحفز.”

وتسعى السلطنة أيضا إلى الارتقاء إلى وضع الأسواق الناشئة. وفي الوقت الحالي، تعد عُمان والبحرين الدولتين الوحيدتين في مجلس التعاون الخليجي المكون من ست دول غير المصنفة كأسواق ناشئة من قبل أم.أس.سي.آي.

وقال جيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي في شركة كابيتال إيكونوميكس، إن عُمان “لا تزال بحاجة إلى بعض الوقت لتلبية متطلبات القيمة اللازمة للترقية”، لكنه أوضح أن الخلفية الاقتصادية المحسنة بدأت في تعزيز جاذبية البلاد.

وقد تكون التقييمات المبالغ فيها التي يُلام عليها سلسلة من القوائم المخيبة للآمال في الشرق الأوسط عاملا في عُمان أيضا. وذكرت بلومبيرغ نيوز أن شركة أسياد للشحن تدرس السعي للحصول على تقييم لا يقل عن مليار دولار في طرحها العام الأولي.

وقال مالك إن “الظهور القوي لشركة نايس ون بيوتي للتسويق الرقمي وشركة الموسى للصحة في السعودية يشير إلى وجود شهية كبيرة لتدخلات القطاع الخاص في الاقتصاد المحلي في الخليج.”

وأضاف “هذا لا ينبغي أن يمنع عُمان من تنفيذ المزيد من عمليات الخصخصة، ولكن ربما ليس بتقييمات عالية كما كانت تأمل في السابق.”

ورفعت وكالة ستاندرد أند بورز تصنيفها للاقتصاد العماني من بي+ في عام 2020 إلى بي.بي.بي- مع نظرة مستقرة في عام 2024 مستعيدة بذلك الجدارة الاستثمارية.

كما رفعت وكالة فيتش تصنيفها للبلاد من بي.بي- في عام 2020 إلى بي.بي+ مع نظرة إيجابية بنهاية العام الماضي، وكذلك رفعت وكالة موديز تصنيفها من بي.أي 3 في 2020 إلى بي.أي 1 في عام 2024.

11