برلين تدرس حظر منظمة الذئاب الرمادية التركية المتطرفة

البرلمان الألماني يصادق بأغلبية كبيرة على طلب حظر الذئاب الرمادية اليمينية التركية وذلك بعد حل المنظمة في فرنسا إثر تورطها في أعمال تثير التمييز والكراهية.
الجمعة 2020/11/20
أقلية متطرفة ترهب الجاليات التركية

تتجه ألمانيا أسوة بفرنسا إلى حظر منظمة الذئاب الرمادية التركية اليمينية المتطرفة على أراضيها، ما يعكس تشكل اقتناع أوروبي بضرورة الحزم مع هذا التنظيم، في وقت يحذر فيه مراقبون من أن التلكؤ الأوروبي في مواجهة الأقلية الراديكالية المهيمنة على الجالية التركية قد يشجعها على المضي في البحث عن نفوذ أقوى.

برلين- يعكس توجه ألمانيا إلى حظر منظمة الذئاب الرمادية اليمينية التركية المتطرفة وعيا أوروبيا مشتركا بضرورة الحزم مع التنظيمات اليمينية المتطرفة ومغادرة سياسات التراخي والليونة التي طبعت العلاقات معها، في وقت تؤكد فيه أجهزة الاستخبارات الألمانية أن التطرف اليميني أضحى الخطر الأول الذي يتهدد البلاد.

ودفع الحزم الفرنسي في مواجهة هذه التنظيمات -والذي ترجمه قرار باريس بحل منظمة الذئاب الرمادية قبل أسبوعين- ألمانيا التي ينشط على أراضيها أيضا أعضاء هذه المنظمة المتطرفة إلى مغادرة ترددها، فيما يتوقع متابعون أن تتخذ النمسا قريبا قرارا مماثلا.

وسمح البرلمان الألماني بدراسة حظر منظمة الذئاب الرمادية وصادق بأغلبية كبيرة على الطلب المقدم من الائتلاف الحاكم وحزبي الخضر والليبراليين وذلك بعد أسبوعين من حل المنظمة في فرنسا إثر تورطها في أعمال تثير التمييز والكراهية.

وصادق البرلمان الأربعاء بالأغلبية على طلب مشترك مقدم من أحزاب الائتلاف الحاكم والحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر، يطالب الحكومة بدراسة حظر هذه المنظمة. وبرر مقدمو الطلب هذه الخطوة بأن المنظمة عنصرية ومعادية للسامية ومعادية للديمقراطية وتهدد الأمن الداخلي في البلاد.

وحسب تقرير لهيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، فإن الذئاب الرمادية تحمل وتنشر الأفكار القومية اليمينية المتطرفة، ونوه التقرير إلى أن المنظمة لها علاقات بحزب الحركة القومية في تركيا والذي يشكل تحالفا حكوميا مع حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

إرغون باباهان: استخدام الذئاب الرمادية ضد الأرمن ليس جديدا على تركيا
إرغون باباهان: استخدام الذئاب الرمادية ضد الأرمن ليس جديدا على تركيا

وكانت الحكومة الفرنسية قد حلت منظمة الذئاب الرمادية في فرنسا بعد اتهامها بإثارة التمييز والكراهية والضلوع في أعمال عنف، فيما رحب الطلب المقدم إلى البرلمان الألماني بالتصرف الفرنسي مع المنظمة ”وربط ذلك بالأمل في أن تتبع دول أخرى النموذج الفرنسي”.

وشوه عناصر من الذئاب الرمادية في فرنسا النصب التذكاري لضحايا حملات الإبادة الجماعية للأرمن بكتابات صفراء، كما شوهدت حشود من الأتراك الغاضبين وهم يتجولون في الأحياء الأرمنية في باريس وليون مع تصاعد ذروة القتال بين أذربيجان وأرمينيا حول منطقة ناغورني قره باغ.

وتعد المنظمة المتطرفة جناحا مواليا للرئيس التركي، الذي دخل في نزاع مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون حول قضايا جيوسياسية تتعلق بمناطق ساخنة، كان آخرها مواجهة فرنسا للجماعات المتطرفة وقضية نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد.

وينشط عناصر الذئاب الرمادية أينما توجد جالية تركية في أوروبا، الأمر الذي كشف المزيد من الأوراق عن دور المخابرات التركية في نشاط عناصر هذه المنظمة وتحريكهم وفقا لأجنداتها الخاصة.

ويصف الكاتب التركي إرغون باباهان منظمة الذئاب الرمادية بهيكل يتشابك فيه جهاز أمن الدولة والأحزاب السياسية والمنظمات الشبابية. وقال باباهان في مقال بموقع أحوال تركية الناطق بالإنجليزية والعربية والتركية “باختصار، ليس استخدام الذئاب الرمادية ضد الأرمن في أوروبا أمرا جديدا على تركيا”.

والذئاب الرمادية منظمة قومية في تركيا تؤمن بتفوق العرق التركي على بقية الأعراق، وهي مجموعة تتميز بتعصبها القومي وتشكلت في فترة الستينات من القرن العشرين ضمن الحركة القومية التركية حليفة أردوغان في الحكم الآن.

وتورطت المجموعة في العديد من الجرائم من بينها قتل 100 علوي في السبعينات إضافة إلى تورطها في ارتكاب مجزرة تقسيم سنة 1977 وراح ضحيتها أكثر من 100 شخص وكان لها دور في محاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني. وارتكبت المجموعة القومية المتعصبة جرائم ضد الأكراد إثر مشاركتها إلى جانب الجيش التركي في مواجهة حزب العمال الكردستاني بداية التسعينات من القرن الماضي.

وتعمل المجموعة على استعادة أمجاد تركيا وتاريخها في توحيد الشعوب التركية في دولة واحدة، والتقليل من شأن قوميات أخرى كالأكراد والأرمن واليونانيين، ما يكشف طابعها الفاشي الذي تتشارك فيه مع أفكار كالنازية التي تؤمن بتفوق العرق الألماني، أو مع العنصريين في جنوب أفريقيا الذين يؤمنون بتفوق العرق الأبيض.

وكان الجيش الألماني قد أعلن عن تحقيقات بشأن أربع وقائع تطرف داخل صفوفه لها علاقة بجماعة الذئاب الرمادية، فيما أكدت الحكومة أن إحدى هذه الحالات تثبت بأدلة موثقة “عدم ولاء للدستور في الحد الأدنى”.

المنظمة لها علاقات بحزب الحركة القومية في تركيا والذي يشكل تحالفا حكوميا مع حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

ويذكر أن تقارير إعلامية كشفت وجود أكثر من 8 آلاف عميل للمخابرات التركية، والمئات من الجواسيس على الأراضي الألمانية، فضلا عن الموجودين داخل السفارات. ورغم أن أنقرة تنشر عدة أذرع متطرفة في الأراضي الألمانية، فإن منظمة الذئاب الرمادية سيئة السمعة تعد الأخطر والأكثر تطرفا، إذ تعمل على إشعال التوترات في أوساط الجالية التركية، ما يمثل تهديدا للأمن والديمقراطية.

ووفق دراسة للمركز الاتحادي للتدريب السياسي في ألمانيا، فإن تنظيم الذئاب الرمادية متواجد في الأراضي الألمانية منذ عقود، ويملك العشرات من التنظيمات الصغيرة والمتوسطة، ما يجعله أكبر منظمة متطرفة.

ويبلغ عدد أعضائه ومنظماته في ألمانيا 18 ألف عضو، أي 3 أضعاف حزب “إن بي دي”، أخطر حزب نازي في البلاد. ويشن عناصر المنظمة حملات دعاية ضد المعارضين الأتراك المقيمين في ألمانيا من اليساريين والأكراد والأرمن.

5