برلماني عراقي يكشف ضغوطا لسحب الطعون بشأن قوانين السلة الواحدة

النائب رائد المالكي يؤكد أن جبهة نواب الوسط والجنوب يتمسكون برفض قانون العفو العام بصيغته الحالية، ويطالبون بوضع حد لبدعة "السلة الواحدة".
السبت 2025/02/08
"السلة الواحدة" تنفجر

بغداد – كشف النائب المستقل في البرلمان العراقي رائد المالكي اليوم السبت عن محاولات بعض الأطراف- لم يسمها- إنهاء أزمة الطعون المقدمة بشأن تمرير قانون العفو العام بسلة واحدة مع توأميه قانوني الأحوال الشخصية وإعادة العقارات إلى أصحابها، بجلسة مجلس النواب المقبلة والأمر الولائي من خلال اقناع المعترضين بسحب الطعون وطلب إبطالها.

ويأتي ذلك في ظل عدم حسم الخلاف الناشئ بين المحكمة الاتحادية العليا من جهة، ومجلس القضاء الأعلى من جهة ثانية، حول مدى شرعية تطبيق القوانين التي باتت تعرف محلّيا بـ"قوانين السلّة الواحدة" وسط تسجيل دعوى برلمانية جديدة للطعن بجلسة تمرير هذه القوانين.

وأكد المالكي، وهو عضو اللجنة القانونية النيابية، في منشور له عبر منصة إكس رفض جبهة نواب الوسط والجنوب هذه المحاولة، لافتا إلى أن حضورهم إلى مقر المحكمة الاتحادية الخميس ولقاء رئيس المحكمة كان للتأكيد على الاستمرار بالدعاوى لإلغاء بعض النصوص غير الدستورية الخطرة في قانون العفو ووضع حد لبدعة "السلة الواحدة" واحترام سياقات تشريع القوانين.

وقدم عدد من النواب دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية وهي "أعلى سلطة قضائية في البلاد" ضد تصويت البرلمان على القوانين الثلاثة المثيرة للجدل وفق ما نقلته عدد من وسائل الاعلام بما فيها وكالة "شفق نيوز".

وقال النائب محمد الخفاجي في تدوينة له، معلقا على صورة له هو ومجموعة من زملائه النواب، نحن "قبل قليل في المحكمة الدستورية لمتابعة إجراءات الدعوى المقدمة من قبلنا بشأن عدم دستورية التصويت على القوانين بسلة واحدة".
وأكد أنه "كلنا دعم وإسناد لقرارات المحكمة الاتحادية العليا" مشددا أن "القضاء العادل هو الضامن للبلد".
وأوضح أنه "في حال تم كسب الدعوى ستتم إعادة التصويت على القوانين بشكل أصولي ودستوري لكل قانون على حدة".

وفي إشارة إلى قانون العفو العام، قال النائب، إنه "بعد إجراء التعديلات اللازمة لمنع خروج الإرهابيين وسراق المال العام بتسوية أوضاعهم ليستفيد منها أبناء الشعب العراقي".

هذا وشرعت المحاكم في محافظات العراق اعتبارا من الخميس بتنفيذ تعديل قانون العفو العام على وفق نصوصه والتعليمات التي أصدرها مجلس القضاء الأعلى بهذا الخصوص رغم اعتراض المحكمة الاتحادية العليا أعلى سلطة قضائية في البلاد.

وأصدرت المحكمة الاتحادية "أمراً ولائياً" يقضي بإيقاف العمل بالقوانين الثلاثة "العفو العام" و"الأحوال الشخصية" و"الأراضي المصادرة بزمن النظام السابق" والتي دخلت حيّز التنفيذ في يوم التصويت عليها، لحين البتّ بالطعون المقدّمة من نواب اعترضوا على آلية التصويت على القوانين الثلاثة في "سلّة واحدة".

غير أن مجلس القضاء الأعلى كان له موقف آخر، حينما اعتبر الأمر الولائي "غير دستوري" مستنداً إلى عدم جواز وقف العمل بقانون قبل أن يُنشر في الجريدة الرسمية.

وبعد ساعات، ردّت المحكمة الاتحادية على مجلس القضاء الأعلى، قائلة إن قراراتها "باتة وملزمة بموجب أحكام المادة الـ94 من دستور جمهورية العراق لعام 2005"، معتبرة أن المادة الـ94 من الدستور "حصّنت جميع قراراتها من الطعن بها وألزمت تنفيذها".

وهذا الخلاف القضائي كان له أثر سياسي، ففيما يؤيد نواب سنّة موقف مجلس القضاء الأعلى، كونه يضمن تنفيذ قانون "العفو العام" وهو أبرز مطالبهم، يصطف سياسيون شيعة مع قرار المحكمة الاتحادية، ويواصلون مسعاهم في منع تنفيذ القانون.

وكان محمد الحلبوسي رئيس البرلمان السابق ورئيس حزب تقدم، أول من أصدر بيانا شديد اللهجة ضد الأمر الولائي، إذ عبر عن رفضه لإيقاف تنفيذ قانون العفو العام، مؤكدا أن القانون يهدف إلى إنصاف الأبرياء والمظلومين فقط، ولا يشمل الإفراج عن "الإرهابيين"، وفيما اتهم المحكمة بتسييس قراراتها، شدد على عزمه مواجهة القرار بكل الوسائل القانونية والشعبية، ودعا إلى تنظيم مظاهرات ومقاطعة المؤسسات التي لا تحترم إرادة الشعب.

وفي مقابل ذلك، أعلن الإطار التنسيقي، دعمه للمحكمة الاتحادية العليا لإيقاف تنفيذ القوانين التي مُررت خلال جلسة مجلس النواب المنعقدة في 21 يناير الماضي، مستغربا "الهجمة ضد المحكمة الاتحادية، في محاولة للنيل من سمعتها والسعي لسلب حقها الدستوري في الرقابة على دستورية القوانين".

ويبدو أن تداعيات الخلاف القضائي على العملية السياسية العراقية، تجسّد أيضا بعدم نجاح البرلمان في عقد جلسة كانت مقررة الأربعاء، بسبب عدم الوصول إلى نصابها القانوني.

وحسب بيان مقتضب للدائرة الإعلامية للبرلمان، "فقد قرر مجلس النواب، تأجيل انعقاد جلسته لعدم اكتمال النصاب القانوني لحضور النواب".

ولتدارك تعمّق الأزمة، دعا رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، ورئيس البرلمان محمود المشهداني، ائتلاف "إدارة الدولة" الحاكم، إلى الاجتماع اليوم السبت.

ومساء الخميس، أكد السوداني والمشهداني، أهمية تكامل عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية، من أجل المضي في تحقيق مستهدفات البرنامج الحكومي.

وقال المكتب الإعلامي للسوداني في بيان، إن "الأخير استقبل المشهداني، وجرى استعراض الأوضاع العامة في البلاد، والملفات والقضايا السياسية والاقتصادية والخدمية".

وحسب البيان، فقد شهد اللقاء "تأكيد المشترك على أهمية تكامل عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية، من أجل المضي في تحقيق مستهدفات البرنامج الحكومي، واستكمال الإصلاحات الاقتصادية، وتحقيق التنمية المستدامة، بما ينعكس إيجاباً على تلبية تطلعات المواطنين".

وأشاد السوداني، بـ"إقرار مجلس النواب تعديل قانون الموازنة، بما يمكّن الحكومة من تنفيذ برنامج عملها وفق الأولويات والضرورات التي تتطلبها الأوضاع الخدمية والمعاشية لشعبنا، في جميع المحافظات".

وسبق أن دعا رئيس مجلس النواب، محمود المشهداني، القوى السياسية للاجتماع في إطار ائتلاف "إدارة الدولة".

وموضوع تمرير القوانين الجدلية والخلافية بنظام ما يعرف بـ “السلة الواحدة” ليس جديدا على البرلمان العراقي، وهو إجراء يتم اللجوء إليه في حال وصول الخلافات بشأن قانون معين الى طريق مسدود، وبشكل يعزز مصلحة الكتل السياسية واستقطاباتها الطائفية والفئوية والجهوية.

وجاء التصويت على هذه القوانين بعد أشهر من الخلافات بين الكتل السياسية، والاعتراضات من قبل المتخصصين والمنظمات المدنية، دفعت لإلغاء العديد من الجلسات نتيجة المشاجرات والسجالات حولها.