برلمانيون يستنجدون بتبّون للحد من تغول الجهاز الحكومي

تجاهل دور البرلمان يزيد من اهتزاز صورته أمام الشارع الجزائري.
الاثنين 2023/06/26
البرلمان يستشعر تهميشه وتراجع شعبيته

تُتهم الحكومة الجزائرية بالبيروقراطية والممارسات المتعالية على النواب في وقت يتزايد فيه الجدل بشأن القانون المنظم للعلاقة بين البرلمان والحكومة، وهو ما دفع أحد البرلمانيين إلى مراسلة الرئيس عبدالمجيد تبون ومطالبته بالتدخل.

الجزائر - رفع نائب برلماني من حركة مجتمع السلم (حمس) نداء إلى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون من أجل النزول إلى قبة المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) لمعاينة ظروف عمل النواب، وتغول الأجهزة التنفيذية على غرار الحكومة والولّاة، وحذر من تداعيات ذلك على استقرار المجتمع في ظل تجاهل المسؤولين للانشغالات المرفوعة من طرف النواب إلى مختلف المؤسسات والهيئات.

وطالب النائب البرلماني عبدالعزيز قاسمي من “حمس” تبون بالتدخل لإنقاذ العمل البرلماني من تغول الأجهزة التنفيذية، ووضع حد لسطوتها على جهود النواب المنتخبين في رفع انشغالات الشارع إلى الحكومة والهيئات الرسمية. وحذر النائب في مداخلة له من مغبة التمادي في تجاهل دور البرلمان، لأنه يشكل إمعانا في القطيعة بين الشارع والسلطة، ويزيد من حالة الاحتقان والغضب المهدد بانفجار غير محمود العواقب على استقرار البلاد.

وبدا النائب البرلماني في حالة يأس من إمكانية تحقيق التكامل بين الهيئتين التشريعية والتنفيذية في البلاد، بسبب ما وصفه بـ"البيروقراطية وممارسات الحكومة المتعالية على النواب"، وهو ما سينعكس على صورة ومصداقية النائب البرلماني لدى الشارع الجزائري، لاسيما وأنها تعاني أصلا من قطيعة متراكمة منذ سنوات.

وتكررت السجالات بين الطرفين في الآونة الأخيرة، رغم أن الأغلبية تابعة لأحزاب موالية للسلطة أو لنواب مستقلين مقربين منها، حيث سجلت ملاسنات قوية سواء بين نواب وأعضاء من الحكومة أو بين النواب وإدارة البرلمان كان بعض أطرافها أعضاء من كتلة حركة البناء الوطني الداعمة للرئيس تبون.

◙ انتقادات للقانون المنظم لعلاقة الحكومة مع البرلمان، خاصة في مجال الرقابة حيث يستثني الدفاع والدبلوماسية من المراقبة

لكن الدعوة التي رفعها نائب حركة مجتمع السلم إلى رئيس الدولة تنطوي على العديد من الدلالات حول عطل في أداء الهيئة التشريعية، وأن الجهاز التنفيذي بات متحكما في عمل النواب بشكل هز صورتهم أمام قواعدهم الانتخابية التي تحملهم انشغالاتها الميدانية. وكان أعضاء من المجلس الشعبي الوطني قد شنوا هجوما غير مسبوق على بعض الوزراء، خاصة بعد انتقادات وجهها لهم الرئيس تبون، لاسيما بعد ظهور نوايا مشاريع حكومية بتقليص الدور الرقابي للنواب.

وتتعرض وزيرة العلاقات مع البرلمان بسمة عزوار لموجة من الانتقادات على خلفية الإضافات الواردة في القانون المنظم لعلاقة الحكومة مع البرلمان، خاصة في مجال الرقابة، حيث تم طرح استثناء شؤون الدفاع والدبلوماسية من المراقبة البرلمانية، الأمر الذي اعتبره بعض النواب مساسا بالصلاحيات التي خولها لهم الدستور وإرادة المواطنين الذين انتخبوهم.

وانتقد العديد من البرلمانيين تحييد الهيئة التشريعية خلال إعداد النصوص التي أضافتها الحكومة إلى القانون الحالي المنظم للعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، واعتبروا الإضافات الجديدة "تقييدا لمكانة ودور نواب الشعب، وتشجيعا لسلطات الدفاع والدبلوماسية على العمل خارج المؤسسات الدستورية للبلاد".

ودافعت عزوار على الطرح الحكومي بشأن مقاصد وأهداف التعديلات المدرجة في القانون المنظم للعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الجزائر. وذكرت في معرض إجابتها عن أسئلة وانشغالات النواب بأن "المشروع يسعى لتحقيق التكامل والانسجام بين السلطتين في إطار احترام مبدأ الفصل بين السلطات، وأن التعديلات تكفلت بكل المسائل التي جاءت في دستور 2020 وبالرؤية التي انتهجتها الحكومة في إطار تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية".

وأضافت "الأمر مرتبط بالتحفظ على أسرار الدولة كون الإجراء يستند إلى صلاحيات دستورية تجعل من الدفاع الوطني والعلاقات الخارجية من الصلاحيات الحصرية لرئيس الجمهورية، وأن الإقدام على هذه الخطوة جاء بناء على كون قطاعي الدفاع الوطني والدبلوماسية يقعان ضمن مجالات التحفظ".

وحظرت الإضافات الجديدة على النواب "نشر المعلومات والوثائق السرية المتحصل عليها حفاظا على النظام العام، خاصة ما تعلق بالمعلومات والوثائق التي تكتسي طابعا سريا وإستراتيجيا يتعلق بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي، والمصالح الحيوية للاقتصاد الوطني، وتلك المتعلقة بوقائع تكون محل إجراء قضائي".

◙ الوضع السياسي في الجزائر أفضى إلى حالة هرمية تستثنى فيها مؤسسة الرئاسة ورئيس الجمهورية من النقد والرقابة رغم أنه المسؤول الأول عن أداء جميع المؤسسات

وعلق على ذلك رئيس المجموعة البرلمانية لحركة مجتمع السلم أحمد صادوق بأن "السلطة تفتقد إلى أي مبرر يسمح لها بوضع هذه التعديلات بشكلها الحالي”، وألمح إلى وجود دوائر تعمل على "التضييق على النشاط البرلماني في الجزائر".

واشتكى النائب في مداخلته من مماطلة الوزراء في الرد على أسئلة وانشغالات النواب، وانتقد افتقادهم إلى سلطة القرار، فكثيرا ما تنتهي جهود العمل المشترك بدون نتائج ملموسة على حياة المواطنين، فضلا على عدم احترام ولاة الجمهورية لقوانين الاستماع إلى أصوات النواب على المستوى المحلي.

وكانت الكتلة النيابية لحركة البناء الوطني التي يتزعمها مرشح الانتخابات الرئاسية الأخيرة عبدالقادر بن قرينة قد انتقدت بشدة وزير الزراعة عبدالحفيظ هني، واتّهمته بـ"الكذب"، في إشارة إلى ما سمته بـ"التقارير المغلوطة التي يرفعها إلى الحكومة ورئاسة الجمهورية".

وأفضى الوضع السياسي القائم في البلاد إلى حالة هرمية تستثنى فيها هيئة الرئاسة ورئيس الجمهورية من النقد والرقابة، رغم أنه المسؤول السياسي الأول عن أداء جميع المؤسسات، غير أن الرئيس تبون يستمر في إرساء التقليد الذي سنه أسلافه وهو عدم النزول إلى البرلمان للرد على انشغالات النواب بدعوى تكليف الحكومة بذلك.

4