برلمانيون ألمان يقاطعون زيارة أردوغان لبلادهم

نائبان عن حزب اليسار والحزب الديمقراطي الحر في ألمانيا يقاطعان مأدبة رسمية يقيمها الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير بمناسبة زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
الاثنين 2018/09/24
الاحتجاجات في انتظار الرئيس التركي

برلين - قرّر نائبان في البرلمان الألماني (بوندستاغ) عن حزب اليسار والحزب الديمقراطي الحر عدم المشاركة في مأدبة رسمية يقيمها الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير بمناسبة زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لألمانيا.

وأعلن خبير الشؤون الخارجية في الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر، بيجان دجير-ساراي، ونائبة رئيس الكتلة البرلمانية لحزب اليسار، سيفيم داجدالين، في تصريحات لصحيفة “فيلت” الألمانية عزمهما على عدم تلبية دعوة لحضور الأمسية الاحتفالية في قصر “بيليفو” الرئاسي بالعاصمة برلين.وذكر دجير-ساراي أنه لن يشارك لأنه لا يمكن “لنائب في البرلمان الألماني أن يتناول الطعام مع شخص أردوغان”، بينما “يقبع مواطنون ألمان في السجون التركية، وتستمر أنقرة في الابتعاد عن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان”.

وبررت داجدالين هذه الخطوة بأنها لا تعتبر “الإطار الحالي للزيارة الرسمية، بمأدبة رسمية ومراسم عسكرية، مناسبا على الإطلاق”، مضيفة أنها تريد بدلا من ذلك المشاركة في الاحتجاجات ضد أردوغان.

وستكون الزيارة المقررة خلال الفترة من 27 حتى 29 سبتمبر الجاري أول زيارة رسمية يقوم بها أردوغان لألمانيا بدعوة من الرئيس الألماني، حيث يتضمن بروتوكول هذا النوع من الزيارات، على خلاف زيارات العمل، استقبالا بمراسم عسكرية ومأدبة رسمية.

وطالب رئيس حزب الخضر الألماني السابق جيم أوزدمير الحكومة الألمانية بتوجيه عبارات واضحة لأردوغان، موضحا “يتعين توجيه هذه الرسالة لأردوغان وأنصاره خلال زيارته لألمانيا: ستكون هناك عواقب إذا وشيتم بأفراد معارضين لأردوغان هنا أو في تركيا”.

وتسعى ألمانيا وتركيا منذ شهور لتطبيع العلاقات بين البلدين، بعدما توترت بشدة بسبب اعتقال مواطنين ألمان لأسباب سياسية عقب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في تركيا قبل عامين. وفي المقابل يعتزم ائتلاف “لا مرحبا بأردوغان” تنظيم احتجاجات وتظاهرات كبيرة في عدد من المدن الألمانية ضد زيارة الرئيس التركي، حيث أعلن في ألمانيا عن تنظيم عدة مظاهرات كبيرة في العاصمة برلين احتجاجا على الزيارة المنتظرة.

جيم أوزدمير: ستكون هناك عواقب إذا تمت الوشاية بالمعارضين لأردوغان هنا أو في تركيا
جيم أوزدمير: ستكون هناك عواقب إذا تمت الوشاية بالمعارضين لأردوغان هنا أو في تركيا

ودعا ائتلاف “لا مرحبا بأردوغان” إلى هذه المظاهرة، التي ستقام في ميدان بوتسدام بالعاصمة الألمانية في 28 سبتمبر الجاري، فيما يعتزم الائتلاف تنظيم احتجاجات أخرى في اليوم التالي كذلك.

وأعلنت الأقلية العلوية في برلين أيضا عن تنظيمها احتجاجا في 28 من الشهر الجاري، حيث تقول الشرطة إن عدد المشاركين في الاحتجاج سيصل إلى 350 شخصا.

وأكدت السفارة التركية في برلين أنّ الرئيس التركي لن يلقي خطبة أمام حشود من أتراك ألمانيا خلال زيارته الرسمية للبلاد، وذلك خلافا لزياراته السابقة، حيث يبدو أنّه تراجع عن سقف الطموحات المُخطط لها، نتيجة لنشاط ملحوظ للمعارضة التركية.

وكانت السلطات التركية تريد من الزيارة أن تكون احتفالية صاخبة ورد اعتبار لرئيس سبق ومنعته المحكمة العليا في ألمانيا من إلقاء خطاب أمام 40 ألفًا من مؤيديه عبر بث مباشر خلال تجمّع بمدينة كولونيا عام 2016.

وأعلن الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية في ألمانيا (ديتيب) أن الرئيس سيزور المسجد المركزي الجديد التابع للاتحاد في مدينة كولونيا، فيما تحوم شبهات بشأن أنشطة الاتحاد الإسلامي التركي الذي يتهمه عدد من السياسيين الألمان بالتجسس على المعارضين الأتراك.

وكانت زيارات أردوغان لألمانيا في الفترة الماضية قد صاحبتها احتجاجات عنيفة، بسبب تدهور دولة القانون وحقوق الإنسان وموجة الاعتقالات الكبيرة التي أطلقها النظام بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.

وتدهورت العلاقات بين أنقرة وبرلين بشكل ملحوظ بعد محاولة الانقلاب عام 2016 واحتجاز العديد من المواطنين الألمان ومزدوجي الجنسية في تركيا، حيث تؤكد برلين أن سبعة من الألمان أو من مزدوجي الجنسية محتجزون في تركيا لأسباب سياسية. واشترط وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إطلاق سراح السجناء الألمان المحتجزين في تركيا لعودة العلاقات مع أنقرة التي تواجه انتقادات دائمة بأنها تنتهك حقوق الإنسان والحريات بشكل منظم.

وأجرى ماس الذي زار أنقرة الشهر الماضي، محادثات مع قيادات تركية رفيعة المستوى في ظل محاولة البلدين تحسين علاقاتهما التي شابها التوتر منذ الانقلاب الفاشل في يوليو 2016. وقال إنه سيسعى بقوة إلى إطلاق سراح مواطنيه السبعة المحتجزين هناك لأسباب تراها ألمانيا سياسية، مضيفا “العلاقات الألمانية-التركية لن تعود إلى طبيعتها قبل إطلاق سراح هؤلاء”.

وتابع “ليس سرا أن التطور في تركيا، خاصة في ما يتعلق بحقوق الإنسان، يسبّب قلقا لنا ويشوب علاقاتنا”.

وتمرّ تركيا حاليا بأزمة دبلوماسية خطيرة مع الولايات المتحدة لها تأثير كبير على اقتصادها، ويبدو أنها تريد تحسين علاقاتها مع حلفائها الأوروبيين، عبر بوابة ألمانيا.

واندلعت مؤخرا أزمة سياسية حادة بين واشنطن وأنقرة تركيا على خلفية رفض الأخيرة إطلاق سراح القس الأميركي المحتجز لديها أندرو برانسون، ما دفع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى فرض عقوبات اقتصادية على تركيا تشكلت على إثرها أزمة اقتصادية حادة.

وانهارت الليرة التركية بشكل غير مسبوق في تاريخها مؤخرا أمام الدولار بسبب العقوبات الأميركية التي تصرّ واشنطن على عدم التراجع عنها ما لم يتم إطلاق سراح القس دون شروط.

5