"بركان الفرات" يتبنى هجوما على قاعدة روسية متوعدا بالمزيد

روسيا تواجه معادلة جديدة في كيفية الحفاظ على مكاسبها الإستراتيجية والعسكرية والاقتصادية في سوريا.
السبت 2025/05/24
يقظة متواصلة

دمشق - أعلنت مجموعة مسلحة تطلق على نفسها اسم “بركان الفرات” عملية استهداف القاعدة العسكرية الروسية في حميميم في ريف اللاذقية غرب سوريا. وهددت عبر بيانين منفصلين نشرتهما في منصات التواصل الاجتماعي، بمواصلة الهجمات المباشرة ما لم تخرج القوات الروسية من سوريا.

وشنت مجموعة مسلحة صباح الثلاثاء الماضي هجوما على محيط قاعدة حميميم الجوية الروسية في ريف اللاذقية، ما أدّى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة مع حامية القاعدة، استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة، وفق ما أفادت به مصادر محلية.

ولم يصدر أي تعليق رسمي من الجانب الروسي يؤكد أو ينفي صحة المعطيات، كما تجنبت وسائل الإعلام الحكومية الإشارة إلى الخبر في تغطياتها، فيما نقل موقع ستارغراد المقرب من المؤسسة العسكرية معلومات عن المراسل الحربي أوليغ بلوخين، الذي قال إن مجهولين نفذوا هجوما مسلحا على القاعدة الجوية أوقع قتلى بين العسكريين الروس من دون أن يحدد عددهم.

فصيل "بركان الفرات" معاد للشرع ويعتبر إجراءات الحكومة مخالفات شرعية جسيمة مثل ضمها وزراء من أقليات دينية

وأوضح أن سلطات القاعدة أطلقت عملية لملاحقة مهاجم واحد على الأقل ربما فرّ في أثناء المواجهة، وأطلقت نظام تشويش الاتصالات في المنطقة باستخدام أنظمة الحرب الإلكترونية.

وأشار بلوخين إلى أن الوضع بالقرب من القاعدة “عاد إلى الهدوء بعد ذلك ولا توجد أي معلومات أخرى عما حدث.”

ووفقا للمراسل، فقد وقع الهجوم قرابة الساعة الخامسة صباحا، وحاولت مجموعة مسلحة يقدر تعداد أفرادها بأربعة أو خمسة متشددين اقتحام نقطة أمنية قرب القاعدة، ووقع اشتباك مسلح أسفر عن قتل أربعة من المهاجمين.

وفي رواية أخرى شبيهة، نشرت قناة “ماش” على تلغرام تفاصيل عن الهجوم، تحدثت عن إحباط الهجوم وقتل ثلاثة مهاجمين على الأقل. ووفقا للمنصة التي تنقل أخبار العسكريين الروس في سوريا فقد “نجح الجيش الروسي في إحباط هجوم إرهابي على قاعدة حميميم الجوية”. وزادت أن “أربعة انتحاريين حاولوا اقتحام منشأة محروسة. وردت قوات الأمن بسرعة، فقُتل ثلاثة مهاجمين في تبادل إطلاق النار، وهرب آخر”.

وذكرت مصادر أن الجيش استخدم قاذفة قنابل يدوية مضادة للدبابات ضد المسلح الذي لاذ بالفرار، إلا أن المصير الدقيق للهارب لا يزال مجهولا.

وقد تم التعرف على هويات القتلى، وبحسب المعلومات الأولية، فإنهم جميعا من أوزبكستان وينشطون في سوريا ضد السلطات الجديدة.

وكان لافتا أن مصادر أخرى تحدثت عن سقوط قتيلين روسيين خلال المواجهة، لكن المصادر الروسية لم تتطرق بالتفصيل إلى هذا الموضوع واكتفى بعضها بإشارة عامة إلى وقوع إصابات غير مؤكدة.

وتواجه روسيا معادلة جديدة في كيفية الحفاظ على مكاسبها الإستراتيجية والعسكرية والاقتصادية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، وسط تساؤلات عمّا إذا كانت موسكو ستعيد تموضعها لدعم النظام الجديد، أم أن نفوذها مرشح للتراجع لصالح قوى دولية وإقليمية أخرى.

وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن منطقة القاعدة تشهد منذ عدة أسابيع حالة من التوتر الأمني المتزايد، مذكّرا بما حدث في الرابع والعشرين من أبريل الماضي، حين أسقطت الدفاعات الروسية طائرتين مسيّرتين في أجواء مدينة جبلة، وذلك أثناء تصديها لهدف غير معروف، ما أعقبه استنفار روسي واسع في عدد من المواقع العسكرية المنتشرة في المنطقة.

ويتكون فصيل “بركان الفرات” من مقاتلين يتحدر معظمهم من المحافظات الشرقية، كانوا يعملون في فصائل أحرار الشرقية وجيش الشرقية وغيرها من تشكيلات أبناء المناطق الشرقية العسكرية، وأعلن عداءه للرئيس السوري أحمد الشرع.

ولدى الفصيل مشكلة مع عدم العمل جديا على تطبيق الشريعة الإسلامية بحذافيرها، معتبرا أن ما تتخذه الحكومة من إجراءات يشكل مخالفات جسيمة مثل ضمها عددا من الوزراء المنتمين إلى أقليات دينية.

ولذلك وجه البيان نداءً إلى أبناء المنطقة الشرقية للخروج إلى الشارع والانتفاضة مجددا ضد ما سماه “حكومة الجولاني”. وطالب بإسقاط الشرع والعمل على تشكيل مجلس عسكري يقود البلاد.

عمليات التمشيط متواصلة ولا أثر للفار
عمليات التمشيط متواصلة ولا أثر للفار

وتأسس الفصيل في منتصف نوفمبر العام الماضي، وكانت أهدافه تنحصر في القتال ضد “الاحتلال الروسي والإيراني وقوات النظام وقسد”. ونفذ أول عملية نوعية له في العشرين من الشهر عينه بالتنسيق مع “كتائب جعفر الطيار”، وتمكنا من اغتيال أبو فاطمة العراقي أحد قادة الحرس الثوري الإيراني. وذكر الفصيل أكثر من مرة أنه لا يتبع لأي جهة عسكرية أو سياسية، في إشارة إلى أنه يعمل باستقلالية عن الفصائل الأخرى.

ووفق البيانات الصادرة عنه، شارك “بركان الفرات” في معركة ردع العدوان، ونفذ العديد من العمليات ضمنها، وسيطر على بعض المناطق قبل وصول مقاتلي “هيئة تحرير الشام” إليها، كما حدث في مدينتي المدينة والعشارة شرق دير الزور. وامتدت عملياته وصولا إلى محيط دمشق حيث ادعى أنه شارك في تحرير مدينة الضمير ومطارها العسكري.

وقال متابعون إن الهوّة بين “هيئة تحرير الشام” ومقاتلي الشرقية في “بركان الفرات” كانت تتسع مع تقدم معركة ردع العدوان وحتى إلى ما بعد السيطرة على دمشق، وقيادة الأولى للمرحلة الانتقالية.

ويخشى جهاز الأمن العام من انتشار مجموعات مسلحة في بعض أحياء العاصمة والعديد من ضواحيها، الأمر الذي بدأ يقلّص سيطرته على هذه المناطق وقدرته على معرفة ما يدور فيها.

وتشير التطورات إلى أن الخلاف بين فئة من مقاتلي أبناء الشرقية والسلطات الانتقالية سيستمر وقد يتخذ منحنيات أكثر تصعيدا خصوصا في ظل إصرار المقاتلين على تحقيق مطالبهم.

وذكرت مصادر أن 70 في المئة من مقاتلي الفصيل هم من تنظيم داعش سابقا ممن لجأوا إلى مناطق انتشار “الجيش الوطني السوري” وانتسبوا إلى فصائل الشرقية بأنواعها وأشكالها، الأمر الذي يرفع سقف التحدي ويجعل وجود خلايا من هؤلاء في محيط دمشق أمرا بالغ الخطورة.

2