برشلونة يخطط لتجاوز كابوس موسم 2020

لم يكن أكثر المتشائمين من متابعي فريق برشلونة يتوقع هذه الإخفاقات والأزمات التي مر بها النادي داخل المستطيل الأخضر وخارجه. ورغم تبرئة مسؤولي النادي الكتالوني من العديد من الاتهامات الخارجية، لم تكن هذه المشكلة سوى حلقة واحدة في سلسلة أزمات مر بها الفريق خلال 2020 ليكون هذا العام بمثابة كابوس حقيقي في تاريخ برشلونة.
برشلونة – كان برشلونة مع بداية هذا العام في صدارة الدوري الإسباني بفارق هزيل أمام منافسه التقليدي العنيد ريال مدريد، ولكن هذا لم يمنع إدارة النادي الكتالوني من إقالة المدرب إيرنستو فالفيردي من منصب المدير الفني للفريق. ولم تكن إقالة فالفيردي مفاجأة لمعظم متابعي النادي الكتالوني، ولكن كان اختيار المدرب كيكي سيتين لخلافة فالفيردي بمثابة المفاجأة الكبيرة التي أثارت الجدل حول مصير الفريق من ناحية وحول طريقة إدارة الأمور في النادي من ناحية أخرى قبل نحو عام من الانتخابات المرتقبة على رئاسة النادي.
وساد وقتها الشعور بأن الأغراض الانتخابية بدأت تتحكم في مجريات الأمور داخل النادي وأن اختيار سيتين (61 عاما) ومدة عقده ليست بعيدة عن هذا الإطار خاصة وأن فالفيردي أصبح أول مدرب للفريق يقال في وسط الموسم منذ إقالة الهولندي الشهير لويس فان جال في 2003. كما سارعت إدارة النادي إلى الإعلان عن مدة العقد مع سيتين وأنه سيكون حتى يونيو 2022 على عكس ما كان عليه الحال عند إقالة فان جال في ظروف صعبة بمنتصف موسم 2002-2003 وتعيين الصربي رادومير أنتيتش خلفا له في أواخر يناير 2003.
اختيار سيتين ومدة العقد ألقيا الضوء ربما على رغبة جوسيب ماريا بارتوميو رئيس النادي وقتها في قطع الطريق أمام تولي تشافي هيرنانديز نجم خط وسط الفريق سابقا والمدير الفني للسد القطري في تولي المهمة ببرشلونة. ولا يرتبط بارتوميو وتشافي بعلاقة طيبة خاصة في ظل العلاقة القوية التي تربط تشافي بفيكتور فونت الذي كان المرشح للإطاحة ببارتوميو من رئاسة النادي في الانتخابات المزمع إجراؤها عام 2021.
تجدد الجدل
مع إقالة فالفيردي، تجدد الجدل بشأن إمكانية تعيين مدرب مؤقت للفريق تمهيدا لتولي تشافي المسؤولية في وقت لاحق لكن بارتوميو أعلن تعيين سيتين حتى 2022. ووسط الأزمة المالية التي عاشها برشلونة مثل العديد من الأندية بسبب جائحة كورونا وإقامة المباريات من دون جماهير، تلقى الفريق صفعة أخرى داخل المستطيل الأخضر حيث مني بهزيمة كارثية 2-8 أمام بايرن ميونخ في دور الثمانية لدوري الأبطال الأوروبي مع استئناف فعاليات المسابقة على طريقة دورة مجمعة في العاصمة البرتغالية لشبونة ليخرج برشلونة من جميع البطولات صفر اليدين وبشكل سيء أثار غضب عشاقه. وبدا أن هذه الهزيمة الثقيلة ستتسبب في تغييرات جذرية ببرشلونة ومنها رحيل بارتوميو من رئاسة النادي لكن الأخير لجأ إلى تغيير الإدارة الفنية وأطاح بالمدرب سيتين وتعاقد مع الهولندي رونالد كومان.
وكانت التغييرات التي أجراها بارتوميو بمثابة مسمار جديد في نعش رئاسته للنادي حيث تضمنت هذه التغييرات رحيل بعض النجوم مثل الكرواتي إيفان راكيتيتش والتشيلي أرتورو فيدال والأوروغوياني لويس سواريز. وكان رحيل سواريز نفسه والطريقة التي تم إبلاغه بها للاستغناء عن خدماته شرارة لأزمة جديدة في النادي الكتالوني لاسيما وأنه الصديق المقرب إلى الأرجنتيني ميسي نجم الفريق. وطالب ميسي بعدها إدارة النادي بالسماح له بالرحيل إلى ناد آخر وعدم استكمال عقده مع الفريق معتمدا على بند في عقد يتيح له هذا دون سداد الشرط الجزائي، ولكن إدارة النادي أكدت أن موعد تفعيل هذا البند انتهى رغم تأخر نهاية الموسم بسبب أزمة كورونا.
بعد هذا العام المأساوي في تاريخ نادي برشلونة، يبدو الجميع في حالة ترقب لما ستسفر عنه الانتخابات على رئاسة النادي في يناير
ومع تمسك إدارة برشلونة بالحصول على قيمة الشرط الجزائي في عقد اللاعب، والتي تبلغ 700 مليون يورو (نحو 825 مليون دولار)، كان من الصعب أن ينجح ميسي في مسعاه للرحيل عن النادي لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية التي عانت منها الأندية بسبب جائحة كورونا. ورغم بقاء ميسي، ظلت الضغوط على بارتوميو من جماهير النادي في ظل علاقته السيئة بالنجم الأرجنتيني من ناحية وعدم ظهور نتيجة ملموسة في أداء ونتائج الفريق تحت قيادة كومان ليضطر بارتوميو إلى الاستقالة في أواخر أكتوبر الماضي. وتجنب بارتوميو باستقالته الطرد من رئاسة النادي من خلال التصويت الذي كان مقررا لسحب الثقة منه بعدما نجح معارضوه في جمع توقيعات أكثر من 20 ألف من أعضاء النادي للدفع في اتجاه إجراء هذا التصويت على سحب الثقة.
وكان عدد التوقيعات المطلوب لإجراء هذا التصويت أقل مما تم جمعه بالفعل، وربما دفع هذا ببارتوميو إلى الرحيل المبكر دون انتظار التصويت على سحب الثقة والذي كان بحاجة إلى موافقة ثلثي النادي. ورغم رحيل بارتوميو عن رئاسة النادي، لم تنته أزمة برشلونة حيث لا تزال نتائج الفريق في حالة ترنح ما يثير الشكوك والجدل حول إمكانية استمرار كومان مع الفريق حتى نهاية الموسم.
حالة ترقب

بعد هذا العام المأساوي في تاريخ نادي برشلونة، يبدو الجميع في حالة ترقب لما ستسفر عنه الانتخابات على رئاسة النادي في يناير المقبل لمعرفة ما ستؤول إليه بعض الملفات. ويأتي بالطبع في مقدمة هذه الملفات مستقبل ميسي مع الفريق لاسيما وأنه يستطيع التوقيع لأي ناد في يناير المقبل دون موافقة برشلونة حيث يمتد عقد اللاعب مع النادي الكتالوني حتى نهاية الموسم الحالي فقط.
ومن الملفات الأخرى التي تنتظر مجلس الإدارة الجديد، يبرز ملف المدرب كومان ومصيره مع الفريق وكذلك كيفية تنمية موارد النادي في ظل تبعات أزمة كورونا وكيفية تقليص رواتب اللاعبين وموظفي النادي بشكل يحفظ لبرشلونة استقراره المالي وغير ذلك من الملفات الصعبة.