برامج تيكا "التنموية" تثير سخرية في تونس

التحركات التركية تحت غطاء العمل الخيري مصدر قلق للتونسيين.
السبت 2021/03/13
مساعدات ملغومة

تونس - أثار مشروع تنموي تركي لفائدة بعض النساء الريفيات بتمكينهن من دجاجات وديكة، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس بشأن الغرض من هذه المساعدة، في وقت يرتاب البعض مما تحمله تحركات وكالة تيكا التركية من خفايا، لاسيما وأن العديد يعتبرها واجهة لتنفيذ مهام مشبوهة لصالح الدولة التركية.

وأعلنت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا" الجمعة، عن تمويل 30 مشروعا صغيرا لتربية الدجاج وإنتاج البيض لفائدة 30 فلاحة تعيش بمنطقة العيون التابعة لمحافظة القصرين (وسط غرب)، التي تشهد نشاطا لخلايا إرهابية من حين إلى آخر.

وقالت الوكالة إنها تولت بالتعاون مع المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالقصرين تزويد 30 امرأة في مجمع الربيع للتنمية الفلاحية، والذي تأسس سنة 2019 في منطقة العيون بالقصرين، بالدواجن والتجهيزات اللازمة لتربية الدجاج وإنتاج البيض.

وكشفت أنه تم توزيع 900 طير داجن، و9 أطنان من علف الدواجن على النساء الريفيات، بالإضافة إلى حاضنة للبيض وجهاز تفريخ، سيكونان متاحين للاستخدام المشترك للمستفيدات.

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي في تونس عقب الإعلان التركي، بتدوينات ساخرة لم تخل من النقد للوضع الذي آلت إليه بلادهم بعد عشر سنوات من الثورة.

وقال القاضي وليد الوقيني في تدوينة عبر حسابه على فيسبوك "قيمة المشروع الذي وزعه الأتراك لا تتجاوز 600 دينار للمستفيد الواحد، بالنظر إلى ثمن حصص التكوين والأعلاف المسلمة مع الدجاج والديكة".

وأبرز الوقيني بطريقة حسابية أن المبلغ الضئيل المرصود بإمكان أي رجل أعمال تونسي أن يقدمه للمستفيدين في ظل عجز الدولة عن توفيره، مشددا على رفضه لمثل هذه الإهانة لتونس وللتونسيين.   

وسخر الوقيني في تدوينة أخرى من المشروع التركي قائلا "يجب أن يدشن مسؤول رسمي أول البيضات التي ستبيضها الدجاجات.. مسكين الشعب التونسي من كل ثرواته وخيراته ينال 27 دجاجة و3 ديكة.. الفقير يتعلق بقشة لكننا وصلنا إلى قمة الاستهتار بأحلام الناس في العيش الكريم".

وكانت راجت على مواقع التواصل الاجتماعي صباح الجمعة أن المشروع التنموي التركي يتمثل في منح خمس دجاجات وديك للنساء الريفيات بإحدى المناطق الفلاحية بتونس.

وتساءل البعض لماذا قُدم للديك أربع دجاجات وليس واحدة واثنتين؟ وهل يجب أن يمنح لكل ديك هذا العدد من الدجاجات ليصحّ الشرع القصدي للمشروع؟

واعتبر بعض النشطاء أن ذلك يرجع إلى التفريق بين الأنثى والذكر لدى الإسلاميين، بتنزيل الذكر منزلة الرفعة والعلو والهبوط بالأنثى إلى ما تحت عتبة الكرامة حتى في الدجاج.

وسخر الإطار الأمني السابق فتحي العمدوني عبر حسابه على فيسبوك قائلا "توزيع خمس دجاجات وديك بإحدى المناطق بتونس.. مشروع النهضة بالتعاون مع سفارة تركيا بتونس لتشجيع المرأة الريفية على بعث مشروعها الخاص، لكن المشكلة أن النهضة لا تعرف أن الدجاجة يمكنها أن تبيض دون ديك".

وقالت الناشطة سلاف الدوزي "لا أستطيع تنزيل صور النساء اللواتي اصطففن لنيل خمس دجاجات وديك من جمعية تركية.. قلبي يتألم ولا أستطيع لوم أولئك النسوة، لكني ألوم ساستنا الذين أذلوا الشعب".

ويرى محللون أن الحركات التركية تستفز مشاعر التونسيين الرافضين للمد التركي في البلاد، مستغربين من صمت السلطات التونسية التي لم تعلّق إلى حد اللحظة على أنشطة وكالة تيكا في تونس، معتبرين أن ما أقدمت عليه تيكا هو تعد صارخ على كرامة كل التونسيين.

ويعتقد مراقبون أن أنقرة التي فقدت الكثير من نفوذها في المنطقة عقب تغيّر التوازنات السياسية في شمال أفريقيا، إثر سقوط الإخوان المسلمين في مصر في عام 2013 أو تراجع وزن النهضة في تونس منذ عام 2014، تُحاول جاهدة إعادة ترتيب أوراقها في المنطقة بالمراهنة على غرس المئات من الجمعيات "الخيرية" في هذه البلدان.

ولا تُعد هذه المرة الأولى التي يرفض فيها التونسيون تحرّكات تركيا المتّهمة منذ 2011 من العديد من الأحزاب السياسية التونسية بالتورّط في دعم مجموعات إرهابية في البلاد، حيث اصطدمت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتونس في شهر فبراير 2018 بجبهة رفض شعبية واسعة، وصلت حدّ تنظيم وقفات احتجاجية أمام سفارة تركيا بتونس للتنديد بهذه الزيارة وبسياسات تركيا في المنطقة.