برامج الفدية الخبيثة تحدد طريق بايدن نحو روسيا

شكوك بشأن وقوف موسكو خلف الهجمات الإلكترونية الأخيرة.
الثلاثاء 2021/07/06
هجوم يقلق إدارة بايدن

واشنطن - لا يترك الرئيس الأميركي جو بايدن فرصة للوم روسيا على أي هجمات إلكترونية استهدفت مواقع ووكالات حكومية وغير حكومية في بلاده، لكنه سيجد نفسه الآن أمام اختبار يحدد طريقه الذي سلكه منذ اللقاء الأول مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

كان بايدن قبيل تسلمه منصبه الرئاسي في يناير من العام الماضي قد تعهد بجعل روسيا تدفع الثمن باهظا عن هجمات عطلت بشكل كبير مؤسسات ووكالات حكومية وحساسة داخل الولايات المتحدة وخارجها، ووجه خلالها اتهامات لسلفه دونالد ترامب بالتقاعس عن الرد على روسيا.

ووضع الهجوم المستمر لمجموعة تدعى ريفيل، وهي عصابة متخصصة في جرائم الإنترنت ولها صلات مع موسكو، الرئيس الأميركي أمام اختبار جدي بعد حديثه في قمة جنيف منتصف يونيو الماضي عن توجيه “إنذار” مباشرة لبوتين بأنه سيرد على أي هجمات إلكترونية ضد الولايات المتحدة.

ويقول تقرير لوكالة رويترز إن قراصنة إنترنت يتبعون لعصابة ريفيل يطالبون بفدية قدرها 70 مليون دولار لإعادة بيانات يحتجزونها رهينة، وأن الهجوم شمل 12 دولة على الأقل، وذلك في الوقت الذي تعمل فيه السلطات الأميركية على حصر عدد المتضررين من الهجوم المستمر.

ويؤكد مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي أن هذه العصابة كانت وراء هجوم الشهر الماضي الذي استهدف إحدى أكبر شركات معالجة اللحوم في العالم “جاي.بي.إن”، ما اضطر الشركة التي تتخذ من البرازيل مقرا لدفع مبلغ الفدية بعملة “بيتكوين” الرقمية أي ما يعادل 11 مليون دولار.

وشكل الهجوم الإلكتروني المستمر فرصة لمعرفة طبيعة الرد الذي حمله بايدن إلى بوتين في قمتهما الأخيرة، حيث توقع خبراء ومراكز دراسات أميركية أن يلجأ إلى العقوبات في رده على أي هجمات إلكترونية منذ تسلمه الرئاسة، إضافة إلى العمل على تحصين الجبهة الداخلية أمام هجمات سيبرانية كبيرة.

وكان بايدن وبوتين قد تعهدا في اللقاء الأول بجنيف بجعل علاقاتهما أكثر استقرارا ولا تنطوي على مفاجآت، وذلك على الرغم من الخلافات العميقة على أكثر من صعيد وأكثر من ملف في مناطق مختلفة حول العالم.

الهجوم الإلكتروني الأخير على شركة كاسيا ومواقع أخرى يختبر تنفيذ الرئيس الأميركي جو بايدن لإنذاره بالرد على روسيا

ويرغب الرئيس الأميركي في تهدئة التوترات مع روسيا في ما يخص ملفات التسلح والقرصنة الإلكترونية والتدخل في الانتخابات ومسألة أوكرانيا والعديد من القضايا الساخنة في الشرق الأوسط.

ولا تزال السلطات الأميركية تحقق في الهجمات الإلكترونية، التي بدأت الجمعة الماضي، قبيل احتفاء الولايات المتحدة بعيد الاستقلال، والتي استهدفت شركة “كاسيا” المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات وطلب القراصنة فدية من زبائنها عبر برنامجها لإدارة المعلومات، وقد يتجاوز عدد الضحايا الألف.

وتقر السلطات الأميركية بأن “حجم” الهجوم الإلكتروني، الذي تقف وراءه عصابة ريفيل، يصعّب مساعدة جميع الضحايا بشكل فردي. وتعتبر عصابة ريفيل من أكثر عصابات الإنترنت لجوءا للابتزاز في العالم، حيث تستخدم هيكلا منتسبا لها بما يجعل من الصعب التعرف على من يتحدث باسم القراصنة، غير أن آلان ليسكا من شركة ريكوردد فيوتشر للأمن السيبراني قال إن الرسالة قادمة في حكم المؤكد من قيادة عصابة ريفيل نفسها.

ويصعب تقدير مدى الهجمات التي تتم عن طريق برامج الفدية، التي تشل أنظمة الكمبيوتر عبر تشفير المعطيات وتطلب فدية لإلغاء التشفير. واستهدف الهجوم شركة “كاسيا” وشركات أخرى يقدّر باحثون بأن عددها قد يتجاوز الألف، بينها سلسلة متاجر كبرى في السويد اضطرت لإغلاق نحو 800 فرع مؤقتا بعدما فقدت السيطرة على آلات الدفع التابعة لها.

ويرى العديد من الخبراء أن القراصنة الذين يقفون وراء هذا النوع من الهجمات متمركزون في أغلب الأحيان في روسيا. في حين تنفي موسكو التي يشتبه بتغطيتها على هذه الأنشطة إن لم يكن التواطؤ فيها، أي تورط لها.

Thumbnail

لكن الظاهرة اتسعت إلى درجة أنها كانت إحدى النقاط الرئيسية التي أثارها الرئيس الأميركي خلال لقائه في منتصف يونيو مع نظيره الروسي.

وقال بايدن فور وقوع الهجوم الأخير إنه “للوهلة الأولى، تصورنا أن الأمر لا يتعلق بالحكومة الروسية، لكننا لسنا متأكدين من ذلك بعد”، موضحا “إذا تبين أن روسيا كانت على علم بالأمر أو أنه كان نتيجة (خطوة ما قامت بها)، أبلغت بوتين بأننا سنرد”.

ويقول مسؤولون أميركيون إن الرئيس بايدن يدرس جميع الخيارات لمحاربة مرتكبي جرائم الإنترنت بما في ذلك الرد العسكري لمواجهة التهديد المتزايد. ولم تخف جينا رايموندو وزيرة التجارة الأميركية في تصريحات سابقة دراسة جميع الخيارات للرد على الهجمات الإلكترونية.

ولم يترك مجلس الأمن الدولي أي فرصة لبحث مسألة الأمن الإلكتروني، إذ تطرّق إلى التهديد المتزايد بالقرصنة الذي تواجهه البنية التحتية الأساسية لمختلف الدول، حيث أقر المجلس في اجتماع عقد هذا الأسبوع بالمخاطر الكبيرة التي تمثّلها الجريمة الإلكترونية، لاسيما الهجمات باستخدام برامج الفدية التي تطال المنشآت الأساسية والشركات.

واستهدفت هجمات بهذه البرامج مؤخرا عدة شركات أميركية، بما فيها مجموعة “سولار ويندز” للكمبيوترات و”كولونيال” لخطوط أنابيب النفط.

وكان هجوم “سولار ويندز” الأكثر ضررا حيث زرع متسللون برنامجا خبيثا في شبكة تابعة لشركة البرمجيات ضمن عملية مخابراتية اخترقت قلب الحكومة ومؤسسات عديدة في الولايات المتحدة ومؤسسات أخرى من مختلف أنحاء العالم.

ويتوقع على نطاق واسع أن تلجأ الإدارة الأميركية إلى تعزيز الموارد الإلكترونية على مستوى قدراتها الهجومية من أجل ممارسة سياسة ردع أفضل ضد الهجمات الإلكترونية المستقبلية. وستظهر نتائج التحقيقات في الهجوم الأخير مدى تورط روسيا في الأمر ومدى التزام بايدن بتنفيذ وعيده تجاه روسيا بعد تحميلها المسؤولية.

6