براءة جميع المتهمين في قضية "صندوق الجيش" تخلف صدمة في الكويت

أحدث الحكم القضائي ببراءة جميع المتهمين في القضية الشهيرة بـ“صندوق الجيش” جدلا واسعا في الكويت، وسط مخاوف من أن تعمد بعض القوى لاستغلال القرار في تكريس حالة اللااستقرار التي تعيش على وقعها الإمارة منذ أشهر.
الكويت – خلف حكم قضائي صدر الثلاثاء ببراءة رئيس الوزراء الكويتي السابق الشيخ جابر المبارك الصباح، ووزير الداخلية والدفاع الأسبق الشيخ خالد الجراح الصباح، إلى جانب سبعة مسؤولين آخرين في القضية المعروفة بـ”صندوق الجيش” صدمة في الكويت وسط تساؤلات عن مصير 240 مليون دينار (790 مليون دولار) قيل إنه جرى اختلاسها من الصندوق.
وتقول أوساط سياسية ونيابية كويتية إن القرار الذي يهدف إلى طي صفحة إحدى أخطر قضايا الفساد التي شهدتها الإمارة خلال السنوات الماضية، يبدو أنه سيأتي بنتائج عكسية في ظل ردود الفعل المتواترة وحملة التشكيك الواسعة في صحته.
وتحذر الأوساط من استغلال بعض الأطراف للحكم الصادر في قضية “صندوق الجيش” من أجل توظيفه كأداة في سياق الصراع السياسي الدائر في البلاد، والذي يرجح أن يأخذ في الفترة المقبلة مدى تصعيديا جديدا، وهو ما يظهر في رفض النواب للتهدئة الضمنية التي دعا إليها أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح ونقلها عنه رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم الاثنين.
وقضت محكمة الوزراء في الكويت بتبرئة جميع المتهمين في قضية “صندوق الجيش”. ويشمل القرار إلى جانب رئيس الوزراء السابق ووزير الداخلية والدفاع الأسبق، وكيل وزارة الدفاع السابق جسار الجسار، والملحق العسكري في لندن فهد الباز، والملحق العسكري في البحرين علي العساكر.
محمد براك المطير: سنتقدم بطلب جلسة خاصة للنظر في صندوق الجيش
وبرأت المحكمة أيضا الملحق العسكري في لبنان عادل العنزي، وأمين صندوق الجيش السابق بوزارة الدفاع سمير مرجان، وأمين صندوق الجيش الحالي حمد البنوان، ومدير مكتب وزير الدفاع وائل الفريح.
وقال مصدر قضائي، فضل عدم ذكر اسمه كونه غير مخول للحديث مع الإعلام، إن الحكم نهائي وغير قابل للطعن أمام أي محكمة أخرى، ومن المقرر أن تصدر حيثياته (أسبابه) في غضون أيام لم يحددها.
وكانت محكمة الوزراء أصدرت في أبريل الماضي حكما بحبس رئيس الوزراء السابق ووزير الداخلية والدفاع الأسبق، لكنها عادت وأخلت سبيلهما على التوالي في أكتوير ويناير الماضيين.
وتعود قضية “صندوق الجيش” إلى نوفمبر 2019، حينما قام الشيخ الراحل ناصر الصباح الذي كان حينذاك وزيرا للدفاع، بتقديم بلاغ للنائب العام يتعلق بوجود شبهة جرائم تتعلق بالمال العام في مؤسسة الجيش خلال السنوات التي سبقت توليه الوزارة.
وكشف وزير الدفاع المقال، في سلسلة تغريدات آنذاك، عن “تجاوزات مالية في صندوق الجيش، عبارة عن مخالفات وشبهة جرائم متعلقة بالمال العام تجاوزت 240 مليون دينار كويتي (حوالي 768 مليون دولار)”.
في المقابل، نفى رئيس الوزراء المستقيل جابر المبارك الصباح تلك الاتهامات التي طالته، معتبرا إياها “أكاذيب لا صلة لها بالحقيقة”.
وتولّى المبارك الصباح رئاسة ست حكومات خلال الفترة الممتدة من نهاية عام 2011 حتى نهاية 2019، حيث تقدم باستقالة حكومته عقب الفضيحة التي أثارت صداما مع مجلس الأمة الذي طلب استجوابه واستجواب أكثر من وزير في حكومته، بينهم الشيخ خالد الجراح.
وتسببت الفضيحة بأزمة داخل الأسرة الحاكمة دفعت أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى قبول استقالة الحكومة.
أوساط سياسية ونيابية كويتية تقول إن القرار الذي يهدف إلى طي صفحة إحدى أخطر قضايا الفساد التي شهدتها الإمارة خلال السنوات الماضية، يبدو أنه سيأتي بنتائج عكسية
وتوفي الشيخ ناصر صباح الأحمد في ديسمبر 2020 بعد شهور قليلة من وفاة والده. ولكن القضية ظلت مطروحة أمام محكمة الوزراء التي استأنفت التحقيقات فيها، وقضت بإبقاء المداولات سرية، تحاشيا لإثارة الرأي العام. إلا أن أجواء البرلمان ظلت مشحونة بالتوترات بسببها، بالنظر إلى الحجم الكبير للاختلاسات.
وقد أحدث قرار المحكمة الأخير بتبرئة المتهمين جدلا واسعا في الأوساط السياسية والنيابية وحتى الشعبية في الكويت، وقال النائب محمد براك المطير “سنتقدم بطلب جلسة خاصة الأسبوع المقبل للنظر في صندوق الجيش.. وسندعو الشيخ حمد صباح الأحمد لسماع شهادته لأنه ابن الأمير الراحل وأخ للشيخ ناصر مقدم البلاغ الله يرحمهما.. وعلى الحكومة التعاون في هذه الجلسة وتقديم كافة المستندات، مع وجوب علنيتها ليحكم الشعب”.
وأبدى النائب بدر زايد الداهوم في تغريدة على تويتر عدم رضاه عن القرار قائلا “أموال الكويت التي سرقت من صندوق الجيش وغيرها من المليارات الكثيرة لا نعرف أين ذهبت ومن الذي سرقها“، مضيفا “لكني متيقن بأن الفاسدين وأعوانهم سينالون عقابهم في الدنيا والآخرة”.
وأنشئ “صندوق الجيش” منذ تأسيس الجيش الكويتي في خمسينات القرن الماضي، وله أغراض تختص بالأمن الوطني للبلاد، ويشرف عليه وزراء الدفاع.