بدور القاسمي أول امرأة عربية تترأس قطاع النشر العالمي

الاتحاد الدولي للناشرين ساهم في تعزيز مرونة واستدامة قطاع النشر رغم الظروف الصعبة التي واجهت القطاع.
الثلاثاء 2023/01/17
الرئيسة السابقة للاتحاد كانت لها بصمتها

الشارقة– عاش الاتحاد الدولي للناشرين خلال السنوات الثلاث الأخيرة مرحلة مفصلية في مسيرته، ويظهر ذلك في عدد جمعيات الناشرين التي انضمت إليه وعدد المبادرات النوعية التي شهدها قطاع النشر العالمي والرؤية التي تبناها على مستوى التنوع والتعددية وتوسيع مساحة فعل الاتحاد والمجتمعات المستفيدة منه، إلى جانب مساهمته في وضع قطاع النشر ضمن ركائز محركات التنمية في عدد من البلدان والمجتمعات محدودة الدخل والفرص.

وقدمت إنجازات الاتحاد الدولي للناشرين خلال فترة تولي الشيخة بدور القاسمي رئاسته عامي 2021 و2022 وقبل ذلك كنائبة للرئيس في عامي 2019 و2020 ع نموذجا في قيادة قطاع النشر العالمي ورسم ملامح مستقبله في فترة صعبة شكلت تحدياً ليس لصناعة الكتاب وحسب وإنما لكل العالم وتجسّدت في جائحة كورونا، والتي نقلت الاتحاد من مرحلة التركيز على قطاعات النشر في البلدان المركزية إلى اتحاد دوليّ بالمعنى الحقيقي للكلمة، حيث نجح في وضع بلدان بعيدة عن الحراك العالمي في مركز الاهتمام وقدّم أسواقها بوصفها الفرص المقبلة لصناعة الكتاب في العالم.

نجحت في تغيير ليس ثقافة الاتحاد وحده بل والثقافة السائدة والأفكار النمطية حول المرأة
نجحت في تغيير ليس ثقافة الاتحاد وحده بل والثقافة السائدة والأفكار النمطية حول المرأة

ومثّل تولي القاسمي لهذا المنصب العالمي الرفيع سبقا بحد ذاته، فهي أول امرأة عربية وثاني امرأة على مستوى العالم تتولى رئاسة الاتحاد الدولي للناشرين منذ تأسيسه في العام 1869، إذ نجحت في تغيير ليس ثقافة الاتحاد وحده بل والثقافة السائدة والأفكار النمطية حول المرأة في قطاع النشر والنساء العربيات بشكل عام، ونجحت في تعزيز حضور المرأة بقطاع صناعة الكتاب وأطلقت مبادرة “ببلش هير” لتكون منصة حاضنة للنساء الناشرات وجاءت ثمار جهودها بنتائج مستقبلية حيث ستخلفها في رئاسة الاتحاد للدورة المقبلة والدورة التي تليها سيدتان قياديتان في قطاع النشر الأولى كاريني بانسا والثانية فانتسا جوبافا.

وجسّدت القاسمي رؤيتها تجاه النساء ليس من خلال ما قدّمته من نموذج عالمي قاد قطاع النشر في أصعب الأوقات وحسب، وإنما من خلال مشاركاتها في الملتقيات ومعارض الكتب الدولية وحواراتها الخاصة، كما نقلت التحديات التي فرضتها جائحة كورونا على قطاع النشر من معوقات صعبة تهدد بتراجع حجم أسواق الكتاب في العالم وتعطل نموه وتطوره إلى فرص كبيرة لوضع التصورات والمتغيّرات المستقبلية والمتوقعة على أرض الواقع فقد بدأت مسيرتها في الاتحاد بترسيخ مفهوم الشراكة بين الناشرين من مختلف الثقافات لتحديد التحديات والفرص التي ستتعامل معها لاحقاً.

وتجسّدت شراكة المجتمع الدولي للناشرين في العمل على تقرير “من جهود التصدي للجائحة إلى التعافي منها 2020 – 2021” وهو بمثابة استطلاعات رأي ودراسات حالة للتعرف على آراء ممثلين عن صناعات المعرفة والكتاب، إذ تواصل فريق الاتحاد بقيادة مع أكثر من 33 اتحاد نشر حول العالم تمثل بمجملها نسبة 70 في المئة من سوق النشر العالمية، أي نحو 90 مليار دولار أميركي سنويا وتوزعت الاستطلاعات والاتصالات جغرافيا وفق النسب التالية: آسيا 40 في المئة وأفريقيا 27 في المئة وأوروبا والأميركتين بنسبة 17 في المئة لكل منهما.

وسعت القاسمي من خلال التقرير لتوفير قاعدة معرفية متنوعة ومرجع نظري للجهود العملية الهادفة إلى تعزيز مرونة واستدامة قطاع النشر والتعلّم من التجربة العالمية الصعبة التي خاضها الناشرون فجاءت النتيجة من خلال “الخطة العالمية لتعزيز استدامة صناعة النشر ومرونتها” – إنسباير – التي تم تطويرها بناء على التقرير المبني على استطلاعات رأي الناشرين ورواد صناعة الكتاب والمعرفة في العالم.

وعمل الاتحاد على تحقيق التناغم بين العمل النظري والعمل على أرض الواقع وتحقيق التناغم بين مخرجات استطلاعات الرأي والدراسات من ناحية وبين خطط اتحادات وأطر النشر المحلية في العالم من ناحية أخرى، لذا نفذّت رئيسته السابقة 40 زيارة ميدانية واسعة، شملت آسيا وأفريقيا والأميركتين وأوروبا، التقت خلالها الناشرين في ساحاتهم وبلدانهم وبشكل خاص في المجتمعات التي عانت تغييبا طويلا عن مشهد الثقافة والنشر العالميين.

وكانت ثمار الاستطلاعات والزيارات المتواصلة التي اقتربت فيها القاسمي من واقع التحديات التي يواجهها الناشرون خطوات نوعية في راهن قطاع النشر ومستقبله أيضا إذ أطلقت “أكاديمية الاتحاد الدولي للناشرين” المبادرة الأولى من نوعها منذ تأسيس الاتحاد.

وجاءت الأكاديمية نتيجة جهود كبيرة حيث تم التواصل مع أكثر من 150 من كبار المسؤولين والمدراء التنفيذيين بصناعة النشر في أكثر من 40 دولة بما في ذلك دور النشر والموزعين والمؤلفين والمعلمين ومعارض الكتب ودعاة الثقافة والمعرفة ونشطاء حرية التعبير، ووصلت إلى ثمار ذلك بأن باتت الأكاديمية تقدم حوارات ومحاضرات وتحليلات علمية حول مهارات النشر الحديث وتوجهات أسواق وخيارات قرائه لأكثر من 15000 ناشر في أكثر من 70 دولة.

واستكملت القاسمي جهودها بالإعلان عن منح “الصندوق الأفريقي للابتكار في النشر” حيث وجهت باعتبارها رئيسة لجنة الصندوق هذه المنح لدعم ممارسات النشر التنموية وفي مقدمتها النشر التعليمي والمبادرات التي توفر مصادر المعرفة للمجتمعات متواضعة الدخل لتيسير وصول الكتب للمناطق النائية، وبذلك جسّدت فكرة أن تنمية المجتمعات المحتاجة تبدأ بإتاحة مصادر المعرفة والتعلّم ورعاية الثقافة والمثقفين والمبدعين.

وكان للناشرين العرب نصيب كبير من رعاية رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين ليس لكونهم عربا فقط، بل لأنهم يمثلون أسواق نشر ضخمة لها تاريخها وتأثيرها الكبير في تشكيل ثقافة نحو 430 مليون عربي ينتشرون حول العالم، كما تحظى المؤلفات العربية باهتمام الناشرين الأجانب الذين يقبل قراؤهم على الأعمال المترجمة من الثقافة العربية بمختلف مجالاتها.

12