"بحر من الخشخاش".. رواية الشخصيات الهاربة

رواية "بحر من الخشخاش" تعد الجزء الأول من ثلاثية كتبها أميتاف غوش بعنوان "ثلاثية أيبس" وتتناول حرب الأفيون التي شنتها بريطانيا على الصين عام 1840.
الاثنين 2020/09/28
رحلة في سفينة متألمة (لوحة للفنان معتوق بوراوي)

أبوظبي- أصدر مشروع “كلمة” للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، ترجمة رواية “بحر من الخشخاش” لمؤلفها أميتاف غوش، ونقلتها إلى اللغة العربية سحر توفيق، وراجعها الدكتور أحمد خريس.

وحسب بيان للدائرة، تعد هذه الرواية الجزء الأول من ثلاثية كتبها أميتاف غوش بعنوان “ثلاثية أيبس”، وتتناول حرب الأفيون التي شنتها بريطانيا على الصين عام 1840، واستمرت مدةَ عامين، ثم دارت حرب ثانية اشتركت فيها فرنسا أيضاً في الأعوام 1856 – 1860. حيث أرادت بريطانيا فرض بيع الأفيون على الشعب الصيني، مثلما فرضت زراعته على الشعب الهندي، وذلك للأرباح الكبيرة التي نتجت عن تجارة الأفيون مع الصين.

ويدور الجزء الأول من الثلاثية “بحر من الخشخاش”، في الفترة السابقة لحرب الأفيون الأولى (ثلاثينات القرن التاسع عشر)، على ضفاف نهر الغانج المقدس، وفي مدينة كالكتا، ثم على السفينة أيبس، التي تترك النهر وراءها متوجهة إلى المحيط.

الرواية فازت بجائزة كتاب فودافون عبر العالم عام 2009 مناصفة
الرواية فازت بجائزة كتاب فودافون عبر العالم عام 2009 مناصفة

ويصور المؤلف الشخصيات وكأنها بذور خشخاش تتبرعم بأعداد كبيرة في الحقل، لتشكل في النهاية بحراً، كل بذرة فيه لا تدري كيف سيكون مستقبلها.

وعبر التصوير البارع يروي المؤلف حكاية “ديتي” التي هربت من حرقها حية بعد وفاة زوجها، و“كالوا” سائق عربة الثيران الذي أنقذها من المحرقة فتزوجته، رغم الاختلاف والفوارق بين طائفتيهما، وهربا معاً على ظهر السفينة أيبس.

في الرواية ثمة شخصيات كثيرة أخرى مثل “زكاري”، البحار الأميركي الأبيض، لكنه ملوث بوصمة -وفق العرف البريطاني آنذاك- من أثر أحد أجداده السود، و”بوليت”، الفتاة الفرنسية التي تربت على العلم في محراب الحدائق النباتية على يد أبيها، ثم تشردت بعد موته، واضطرت إلى ركوب السفينة أيبس متخفية في زي عاملة هندية.

من الشخصيات نجد كذلك “جودو”، الذي تربى مع بوليت. ورغم كونه هنديا ومن طبقة فقيرة، فإنه هو وبوليت يتبادلان مشاعر أخوة حقيقية.  ويتتبع الراوي حكاية “سرانغ علي”، قائد مجموعة من البحارة الهنود الذين يسمون “اللسكر”، وهو الذي تعامل بمودة بالغة مع زكاري، وحاول تعليمه كيف يرتقي بملبسه وأفعاله.

كما نجد “نيل”، الراجا الهندي الثري الذي يمتلك أراضي وعقارات كثيرة، ولكنه يقع فريسة سذاجته والطمع في ثروته، فيفقدها كلها، ويُحكم عليه بالترحيل على أيبس، ليسجن في جزيرة موريشيوس، و“آه فت”، الصيني – الهندي، الذي حلم برحلة إلى الغرب، ولكنه الغرب المذكور في رواية صينية لها العنوان نفسه، وهو في الواقع الهند، موطن والده، فيقع فريسة إدمانه الأفيون، ويرتكب الإثم الذي يضعه في الزنزانة نفسها مع نيل.  كل هذه الشخصيات الثرية للغاية تلتقي في السفينة أيبس، التي تنتهي إلى محيط من الأمواج المتلاطمة والأحداث المتلاحقة، حتى النهاية المدهشة، حيث يرسم المؤلف عبرها صورة ضبابية عن المستقبل، هذا المستقبل الذي سيحمل في طياته حرباً ستشنها بريطانيا على الصين، وعلاقة شخصياته بتلك الحرب وأهوالها.

ونذكر أن المؤلف أميتاف غوش روائي هندي بنغالي، ولد عام 1956. تلقى العلم في جامعات دلهي والإسكندرية وأوكسفورد، ونال درجة الدكتوراه في الأنثروبولوجيا الاجتماعية، وأصبح منذ عام 2005 أستاذاً زائراً في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة هارفارد، وتحصل على العديد من الجوائز، منها جائزة “بادما شري” من الحكومة الهندية عام 2007، وجائزة أكاديمية ساهيتيا، وجائزة أناندا بوراسكار. وفازت روايته “بحر من الخشخاش” بجائزة كتاب فودافون عبر العالم عام 2009 (مناصفةً).

أما مترجمة الكتاب سحر توفيق فهي أديبة ومترجمة، ومن مؤلفاتها روايتا “طعم الزيتون” و“رحلة السِّمان”، ولها مجموعة قصصية بعنوان “بيت العانس”، وقد تَرجمت ما يزيد عن ثلاثين كتاباً، وصدرت لها عن “كلمة” رواية “كالام”، للكاتب إم. تي. فاسوديفان ناير.

14