بحث طبي يمهد الطريق أمام علاج جديد لسرطان الأمعاء

تمكن علماء يريطانيون من اكتشاف كيفية خداع السرطان لجهاز المناعة لدى مرضى سرطان الأمعاء، ما يوفر إمكانية لعلاجات جديدة يمكن أن تعيد تنشيط هذه الخلايا المناعية. ويعد سرطان الأمعاء ثاني أكثر أسباب الوفيات الناجمة عن السرطان شيوعا في المملكة المتحدة، وتعتمد خيارات العلاج الأفضل بالنسبة إلى المريض على نوع سرطان الأمعاء الذي يعاني منه وعلى مرحلته.
لندن - يأمل العلماء في اكتشاف طريقة جديدة لعلاج سرطان الأمعاء بعد أن حل بحث أجروه لغزا دام عقودا، ويتعلق بالسبب الذي يجعل الجهاز المناعي لدى المرضى يتجاهل المرض.
وذكرت وكالة الأنباء البريطانية “بي آيه ميديا” أن باحثين من جامعة جلاسكو ومعهد بيتسون لأبحاث السرطان في المملكة المتحدة اكتشفوا كيفية تسبب سرطان الأمعاء في تعمية جهاز المناعة كي لا يستطيع رؤية السرطان ويصبح غير قادر على تدميره.
وقال الدكتور سيث كوفلت الذي قاد البحث “عادة ما تحتفظ الخلايا المناعية بالأشياء كما ينبغي، وتراقب الأمعاء مثل حراس الأمن، وتتصدى لأي بكتيريا ضارة وتحافظ على صحة الأمعاء”.
وأضاف كوفلت “ومع ذلك، عندما تصبح الخلايا في الأمعاء سرطانية، فإنها تقضي على ‘حراس الأمن’ هؤلاء، وكل الطرق التي تستخدمها هذه الخلايا المناعية للتواصل مع بعضها البعض لتنسيق الاستجابة المناعية”.
الباحثون اكتشفوا كيفيةَ تسبّبِ سرطان الأمعاء في تعمية جهاز المناعة كي لا يستطيع رؤيته ويصبح عاجزا عن تدميره
وقال “السرطان لا يريد أن تتعرف الخلايا المناعية عليه كتهديد، لذا فهو يتلاعب بالخلايا المناعية حتى لا ترى التهديد”.
وقال العلماء إن هذا الاكتشاف، الذي نشرت أنباءه مجلة “كانسر ايميونولوجي ريسيرش” لأبحاث مناعة السرطان وهي مجلة تابعة للجمعية الأميركية لأبحاث السرطان، يفتح الباب لعكس هذه العملية أو منعها، مما يسمح للجهاز المناعي برؤية خلايا سرطان الأمعاء ومنعها من النمو والتكاثر.
ويعد سرطان الأمعاء ثاني أكثر أسباب الوفيات الناجمة عن السرطان شيوعا في المملكة المتحدة، حيث يتم تسجيل نحو 16800 حالة وفاة في البلاد كل عام، بمعدل 46 حالة وفاة يوميا.وفي أسكتلندا يتم تشخيص نحو 4000 مريض بسرطان الأمعاء كل عام.
وقال باحثون إن اكتشاف كيفية خداع السرطان لجهاز المناعة يوفر إمكانية لعلاجات جديدة يمكن أن تعيد تنشيط هذه الخلايا المناعية.
ويعرّف خبراء “مايو كلينيك” سرطان الأمعاء الدقيقة بأنه نوع غير شائع من السرطان يحدث في الأمعاء الدقيقة. والأمعاء الدقيقة هي عبارة عن أنبوب طويل يحمل الطعام المهضوم من المعدة إلى الأمعاء الغليظة (القولون).
والأمعاء الدقيقة مسؤولة عن هضم وامتصاص العناصر المغذية من الطعام الذي يتم أكله. إنها تنتج هرمونات تساعد على الهضم. وتلعب الأمعاء الدقيقة أيضًا دورًا في الجهاز المناعي المقاوم للجراثيم؛ لأنها تحتوي على خلايا تقاوم البكتيريا والفايروسات التي تدخل الجسم من خلال الفم. وتعتمد خيارات العلاج الأفضل بالنسبة إلى المريض على نوع سرطان الأمعاء الدقيقة الذي يعاني منه وعلى مرحلته.
وتتضمَّن مُؤشرات سرطان الأمعاء الدقيقة وأعراضه ألم البطن واصفرار البشرة وبياض العينين (اليرقان)، وشعورًا غير معتاد بالضَّعف أو التَّعب، وغثيانا وقيئا، وفقدان الوزن دون محاولة القيام بذلك، ودمًا في البراز الذي قد يظهر باللون الأحمر أو الأسود، واحمرار الجلد. ووفق الخبراء لا يعلم الأطباء على وجه اليقين أسباب الإصابة بسرطان الأمعاء الدقيقة.
السرطان لا يريد أن تتعرف الخلايا المناعية عليه كتهديد، لذا فهو يتلاعب بالخلايا المناعية حتى لا ترى التهديد
وبوجه عام يحدث سرطان الأمعاء الدقيقة عندما تُحدِث الخلايا السليمة في الأمعاء الدقيقة تغيرات (طفرات) في الحمض النووي الخاص بها. ويحتوي الحمض النووي للخلية على مجموعة من التعليمات تُوجِّه الخلية إلى ما يجب فعله.
وتنمو الخلايا السليمة وتنقسم بطريقة مُنظَّمة للحفاظ على عمل وظائف الجسم بشكل طبيعي. ولكن عندما يَتْلَف الحمض النووي للخلية ويُصاب بالسرطان، تستمرُّ الخلايا في الانقسام، حتى في حالة عدم الحاجة إلى خلايا جديدة. وعندما تتراكم هذه الخلايا تُشكِّل ورمًا.
وبمرور الوقت يُمكِن أن تنمو الخلايا السرطانية لتغزو الأنسجة الطبيعية المجاورة وتُدمِّرها. ويُمكن للخلايا السرطانية أن تنتشر (تنتقل) إلى مناطق أخرى في الجسم. وتتضمَّن العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء الدقيقة ما يلي:
- الطفرات الجينية الموروثة: يُمكن لبعض الطفرات الجينية الموروثة من الوالدين أن تزيد من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء وغيره من أنواع السرطان. ومن الأمثلة على ذلك متلازمة لينش وداء السلائل الورمي الغدي العائلي ومتلازمة بوتز جيغرز.
- أمراض أخرى في الأمعاء: قد تُؤَدِّي الأمراض والحالات الأخرى التي تُصيب الأمعاء إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان الأمعاء الدقيقة، بما في ذلك داء كرون ومرض الأمعاء الالتهابي والداء البطني.
- ضعف الجهاز المناعي: ضعف الجهاز المناعي المقاوم للجراثيم في الجسم قد يساهم في التعرض بشكل أكبر لخطر الإصابة بسرطان الأمعاء الدقيقة. ومن الأمثلة على ذلك الأشخاص المصابون بعدوى فايروس نقص المناعة البشرية، وأولئك الذين يتناولون الأدوية المضادة للرفض بعد عملية زراعة الأعضاء.