بتكوين تتضاعف 20 مرة خلال عام
كسرت عملة بتكوين المشفرة مرة أخرى أمس جميع توقعات الأسواق المالية لتواصل قفزاتها إلى مستويات قياسية وتكسر قيمتها للمرة الأولى حاجز 8 آلاف دولار.
ولا يكشف ارتفاع سعر البتكوين بنحو 50 بالمئة خلال 8 أيام فقط حجم الظاهرة، حين تظهر البيانات أن قيمتها تضاعفت بنحو 20 مرة خلال عام واحد فقط، حين كانت تبلغ نحو 400 دولار قبل 12 شهرا.
وجاء المستوى المرتفع الجديد بعد أن قالت شركة سكوير الأميركية الرائدة للمدفوعات أواخر الأسبوع الماضي إنها بدأت السماح لبعض العملاء ببيع وشراء بتكوين على تطبيقها “كاش”.
وبلغ سعر بتكوين أمس أكثر من 8248 دولارا على بورصة بيتستامب التي مقرها لوكسمبورغ بزيادة أكثر من 3 بالمئة عن اليوم السابق وأكثر من 50 بالمئة عن قيمتها في 12 نوفمبر الجاري.
وأدى صعود قيمة العملة المشفرة شديدة التقلب بهذه السرعة الفلكية إلى اتساع التحذيرات من نشوء فقاعة في سوق العملات المشفرة، لكنها لا تزال تتحدى ذلك، رغم عزوف المستثمرين من المؤسسات عن العملة. لكن المستثمرين الأفراد وبعض صناديق التحوط والمكاتب العائلية يواصلون شراءها بكثافة في السوق.
وبلغت تقديرات القيمة السوقية لجميع العملات المشفرة أعلى مستوى لها على الإطلاق عند أكثر من 250 مليار دولار أمس، وفقا لموقع التداول كوين ماركت كاب. وتشكل عملة بتكوين لوحدها نحو 60 بالمئة من تلك القيمة الإجمالية.
وتتراكم يوما بعد يوم الأسئلة والتحديات الكبيرة التي تطرحها العملات المشفرة بشأن مستقبل النظام المالي العالمي والتهديد الذي تمثله لسيادة المصارف المركزية في العالم.
وتنطلق التحذيرات من أن هذه العملات لا تخضع لأي وصاية من السلطات المالية والجهات التنظيمية، ويمكن استغلالها من قبل العصابات والنشاطات المالية غير المشروعة، وهي تتحرك خارج نطاق الرسوم والضرائب والوسطاء.
يوجد اليوم عشرات العملات المشفرة في التداول وهناك أكثر من 8 آلاف عملة أخرى في مراحل متباينة على طريق الإصدار والانتشار. وبالتأكيد فإن الكثير منها لا يستند إلى أسس راسخة وقد تكون مرتبطة بعمليات نصب واحتيال ونشاطات إجرامية.
ومنذ صدور بيتكوين في عام 2009 كان الاعتقاد الشائع بأن المصارف المركزية ستحاربها عاجلا أم آجلا وستقضي عليها ذات يوم لأنها تهدد سيادتها. وقد صدرت بالفعل الكثير من التهديدات لكنها انحسرت حين أدركت السلطات المالية أنها لن تتمكن من تحقيق ذلك الهدف.
صعوبة محاربة العملات المشفرة تكمن في استحالة منع أشخاص أو مؤسسات من مقايضة ما يملكون في ما بينهم دون وسيط، حتى لو تم استخدام أقسى إجراءات القمع في تاريخ العالم. لو اتحدت جميع المصارف المركزية والمؤسسات المالية في جبهة واحدة وأعلنت حربا عالمية ضد العملات المشفرة فإنها لن تتمكن من القضاء عليها. لذلك فمن المرجح عاجلا أم آجلا أن تعترف بها، بل وقد تتسابق للتعامل بها وقد بدأ ذلك بالفعل.
وتلقت تلك العملات زخما جديدا بسبب سماح السلطات المالية اليابانية بتداولها والتحاق الكثير من دول العالم بموجة السماح بإنشاء منصات لتداولها. ولا بد أن المصارف المركزية منهمكة حاليا بدراسة سبل مواجهة هذه العاصفة وإيجاد حلول تمنع انهيار سلطات الحكومات المالية، لكن الأرجح أنها قد تستسلم لتلحق بهذه الظاهرة قبل فوات الأوان.
كاتب عراقي