بايدو تُطوّع خوارزمياتها في سباق المركبات الذكية

بكين- تدحرجت مؤخرا سيارة أجرة ذاتية القيادة طورتها شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة بايدو في أحد شوارع بكين مع عدم وجود أحد على عجلة القيادة، عندما رصدت مستشعراتها زاوية عربة توصيل تنطلق في ممرها.

وتتوقف السيارة على مسافة نصف سيارة ثم يخبر الذكاء الاصطناعي الركاب عبر صوت مسجل سلفا “آسف جدا”، وبعدها تدور عجلة القيادة من تلقاء نفسها بينما تشق سيارة الأجرة طريقها حول العربة، وكل هذا يراقبه فني بايدو من مقعد الراكب الأمامي.

والمركبة أحد طرز بايدو التي يطلق عليها أبولو آر.تي 6 ومن المتوقع أن تبدأ في العمل رسميا خلال النصف الثاني من 2023، وهي نموذج لكيفية تطويع الخوارزميات في سباق المركبات آلية التحكم.

وتحتوي أبولو آر.تي على عجلة قيادة قابلة للإزالة لتوفير مساحة أكبر للركاب ويمكن استخدامها حتى مع التطبيقات، وهذه هي أول سيارة ذاتية القيادة من الشركة الصينية لا تتطلب تقنية التعديل التحديثي للسيارات التقليدية.

وتعتبر بايدو اليوم أكبر المنافسين الصينيين في سباق بمليارات من الدولارات مع مطوري السيارات ذاتية القيادة بما في ذلك شركة وايمو التابعة لألفابت وشركة كروز التابعة لجنرال موتورز لتحويل التكنولوجيا المستقبلية إلى منتج عملي يمكن استخدامه.

وحصلت بايدو ومنافستها بوني دوت أي.آي على التراخيص الأولى في الصين في أبريل 2022 لتشغيل سيارات الأجرة مع عدم وجود أحد في مقعد السائق، ولكن مع وجود مشرف سلامة على متنها.

وجاء ذلك بعد عام ونصف العام من بدء وايمو خدمة حجز السيارات بدون سائق في فينيكس بولاية أريزونا الأميركية في أكتوبر 2020.
وتأسست بايدو في عام 2000 كمشغل محرك بحث، وتوسعت إلى الذكاء الاصطناعي ورقائق المعالجات وغيرها من التقنيات. وتقول إن مركباتها المستقلة يمكن، إذا نجحت، أن تجعل القيادة أرخص وأسهل وأكثر أمانًا.

ويعتقد وي دونغ نائب رئيس الشركة الصينية التي تطور وتبيع بالفعل نظام الملاحة وتقنيات أخرى لشركات صناعة السيارات، أن الهدف الأسمى للقيادة الذاتية هو تقليل الحوادث المرورية التي يتسبب فيها الإنسان.

والقيادة الذاتية هي واحدة من مجموعة من التقنيات الناشئة من الذكاء الاصطناعي إلى الطاقة المتجددة التي تضخ الشركات الصينية مليارات من الدولارات في محاولة لترسيخها. وتريد بكين مزاحمة الولايات المتحدة وأوروبا واليابان في صفوف القوى التكنولوجية.

وتم إطلاق منصة القيادة الذاتية أبولو التابعة لشركة بايدو في عام 2017 وخدمة سيارات الأجرة ذاتية القيادة أبولو غو بعد ذلك بثلاث سنوات.

وبدأت خدمة سيارات الأجرة مع سائق يقودها لتولي المسؤولية في حالة الطوارئ في عام 2020 وتوسعت إلى بكين وشنغهاي وثماني مدن أخرى.

وتقول أبولو غو إنها قدمت أكثر من 210 آلاف رحلة في الربع الأخير من العام الماضي، مما يجعلها أكثر خدمة لسيارات الأجرة ذاتية القيادة ازدحاما في العالم.

وبالنسبة إلى الركوب بدون سائق ومشرف في مقعد الراكب، بدأت رحلة أبولو غو في منطقة تبلغ مساحتها 60 كيلومترا مربعا من يشهوانغ، وهي منطقة صناعية على المشارف الجنوبية الشرقية لبكين مع شوارع واسعة وعدد قليل من راكبي الدراجات أو المشاة.

وقال تشاو هوي والذي يستخدم سيارات أجرة بايدو في ييشوانغ لوكالة أسوشيتد برس إنها “مريحة للغاية”. وأضاف “قد يبدو الأمر أكثر أمانا قليلاً” من السائق البشري. وتابع “في بعض الأحيان تكون هناك أشياء صغيرة، ربما بعض الأشياء التي لا يلاحظها الناس ويمكنهم اكتشافها والتوقف”.

ومن بين المطورين الآخرين دييب رووت دوت أي.آي وأوتو إكس وبوني دوت أي.آي في شينغجين، التي تأسست في 2016 وبدعم من رأس المال الاستثماري، هي سيارات ذاتية القيادة وشاحنات نصف مقطورة تختبر الطريق. وقال أوين تشين من وكالة أس آند بي للتنقل العالمي إن خطط الصناعة “جريئة جدا لتقديم سيارة الأجرة الآلية للمستهلك”.

وأعلن صانع السيارات جيلي، مالك فولفو ولوتس وبوليستار، عن خطط لمركبات ذاتية القيادة مرتبطة بالأقمار الصناعية، فيما يعمل عملاق التكنولوجيا الصيني هواوي لتصنيع معدات الشبكات على التعدين الذاتي والمركبات الصناعية.

ويقول بيت كيلي المدير الإداري لقسم السيارات في شركة داتا للبيانات إن الصين في سباق الوقت الحالي لتثبت أنها قادرة على قيادة الصناعة العالمية، وهم يقومون بذلك بسهولة بسبب طريقة اتخاذ القرارات وعمليات النشر في الصين.

وقدرت شركة ماكينزي في عام 2019 سوق الصين المحتمل لسيارات الأجرة ذاتية القيادة والحافلات والشاحنات وغيرها من المعدات والبرامج بتريليونات من الدولارات.

ووصلت بايدو ومنافسوها الأكثر تقدما إلى المستوى 4 في الصناعة من بين خمسة مستويات ممكنة من التكنولوجيا. وهذا يعني أن أنظمتهم يمكن أن تعمل بدون سائق، ولكن يجب تحميلها مسبقًا بخريطة مفصلة وهذا يحد من المنطقة التي يمكنهم العمل فيها.

وتتراوح المستويات الأقل من التكنولوجيا من التحكم في التطواف، وهي ميزة متاحة منذ عقود، حتى المستوى الثالث، والتي تتيح القيادة على الطرقات السريعة بدون استخدام اليدين.

وتُستخدم عربات الروبوت ذاتية القيادة بالفعل على نطاق واسع في المصانع والمستودعات وغيرها من الأماكن التي يتم التحكم فيها بإحكام.

وبمجرد أن تكون سيارات الأجرة ذاتية القيادة على الطريق، يجب على المشغلين جمع معلومات حول المشاة والظروف المحلية بناءً على القيادة اليومية، وهي عملية تستغرق وقتًا طويلاً من شأنها إبطاء نشر التكنولوجيا.

القيادة الذاتية هي واحدة من مجموعة من التقنيات الناشئة من الذكاء الاصطناعي إلى الطاقة المتجددة التي تضخ الشركات الصينية مليارات من الدولارات في محاولة لترسيخها

وبالنسبة إلى مناورة مثل الدوران على شكل حرف يو، يتتبع نظام أبولو ما يصل إلى 200 مركبة ومشاة وعقبات أخرى محتملة تصل إلى 100 متر.

وقال وي إن بايدو ستكون سعيدة بوجود شركاء أجانب يكيّفون تقنيتها مع أسواقهم، لكن ليس لديها خطط تصدير حتى الآن بينما تركز على المدن الصينية.

وأوضح أن التقاطعات ما زالت تمثل تحديا، حيث اعتاد المشاة في الصين على السائقين الذين يشقون طريقهم تدريجيًا عبر الحشود في ممر المشاة أثناء تشغيل الضوء الأخضر، لكن سيارة الروبوت لا يمكنها فعل ذلك. وقال وي “سيارتنا دائما ستخضع للناس وقد ينتهي الأمر بعدم المرور عبر الضوء”. وأطلقت بايدو علامتها التجارية الخاصة بالسيارات ذاتية القيادة، جيدو، والتي كشفت عن سيارة مفهوم في يونيو الماضي، والتي تستهدف سوق المركبات العائلية.

وتتعامل الشركة مع ثلاث علامات تجارية صينية للسيارات الكهربائية لإنتاج سيارات مزودة بأجهزة كمبيوتر ورادار وأجهزة استشعار قائمة على الضوء مدمجة بدلاً من تثبيتها على السقف.