بايدن يعتبر دعم إسرائيل بالأسلحة أولوية رغم الخسائر المدنية في غزة

واشنطن - تعتبر الولايات المتحدة دعم إسرائيل في حربها على قطاع غزة بمختلف الوسائل بما فيها تقديم أسلحة من أولويات سياستها.
ورغم ان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تحاول الضغط على حليفتها إسرائيل للحد من سقوط قتلى مدنيين، لكن ذلك يتم دون اتخاذ أي إجراءات من شأنها إجبار الدولة العبرية على الإذعان مثل التهديد بتقييد المساعدات العسكرية وذلك مع تزايد عدد القتلى الفلسطينيين جراء الهجوم الإسرائيلي على جنوب قطاع غزة.
وحث كبار المسؤولين الأميركيين ومنهم نائبة الرئيس كاملا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، إسرائيل علنا على شن ضربات أكثر دقة وتحديدا في جنوب قطاع غزة لتجنب وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين مثلما تسببت هجماتها في الشمال.
ووفقا لوزارة الصحة في غزة، قُتل نحو 900 شخص في غزة في الغارات الجوية الإسرائيلية بين يوم الجمعة، الذي انتهت فيه الهدنة، وأمس الاثنين، وهو نفس العدد تقريبا الذي قُتل في الغارات على غزة خلال الأيام الأربعة التي أعقبت هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر.
لكنه أقل قليلا من 1199 قتلوا في الأيام الأربعة التي أعقبت بدء الهجوم البري الإسرائيلي على شمال غزة في 28 أكتوبر.
وقال مسؤولان أميركيان إن واشنطن تستبعد في الوقت الحالي حجب تسليم الأسلحة أو انتقاد إسرائيل بشدة كوسيلة لتغيير أساليبها لأن الولايات المتحدة تعتقد أن الاستراتيجية الحالية للتفاوض بشكل غير معلن فعالة.
وذكر مسؤول أميركي كبير "نعتقد أن ما نفعله يحركهم"، مشيرا إلى تحول موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من رفض السماح بدخول المساعدات إلى غزة إلى السماح بدخول نحو 200 شاحنة مساعدات يوميا. وأضاف المسؤول أن هذا التحسن جاء نتيجة لدبلوماسية مكثفة وليس تهديدات.
جاءت تصريحات المسؤول الأميركي بعد ثلاثة أيام من استئناف القصف الجوي لجنوب غزة حيث يواصل السكان انتشال جثث الأطفال والكبار من تحت الأنقاض. لكن المسؤول الأميركي قال إن خفض الدعم العسكري لإسرائيل ينطوي على مخاطر كبيرة.
وتابع "تبدأ في تقليل المساعدات المقدمة لإسرائيل، فتبدأ في تشجيع الأطراف الأخرى على الدخول في الصراع، تُضعف تأثير الردع وتشجع أعداء إسرائيل الآخرين".
وتصف الولايات المتحدة دعمها لإسرائيل بأنه لا يتزعزع. ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية غير متأثرة بالمطالبات الدولية بتغيير استراتيجيتها.
وقال أوفير فالك مستشار نتنياهو للسياسة الخارجية الأسبوع الماضي عندما سئل عن الضغوط الدولية على إسرائيل "يجب أن أقر بشعوري بأن رئيس الوزراء لا يشعر بأي ضغط، وأعتقد أننا سنفعل كل ما يلزم لتحقيق أهدافنا العسكرية".
وتمنح الولايات المتحدة إسرائيل مساعدات عسكرية بقيمة 3.8 مليار دولار سنويا، تشمل طائرات مقاتلة وقنابل قوية يمكنها أن تدمر أنفاق حركة حماس. كما طلبت إدارة بايدن من الكونغرس الموافقة على مبلغ إضافي قدره 14 مليار دولار.
وقال سيث بيندر مدير المناصرة في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط إن مثل هذا الدعم يمنح واشنطن "نفوذا كبيرا" على كيفية إدارة الحرب على حماس.
وأضاف بيندر "حجب أنواع معينة من العتاد أو تأخير إعادة ملء مخزونات الأسلحة المختلفة من شأنه أن يجبر الحكومة الإسرائيلية على تعديل الاستراتيجيات والأساليب لأنه لن يصبح مضمونا بالنسبة لها الحصول على المزيد". وتابع "حتى الآن، أظهرت الإدارة عدم رغبتها في استخدام هذا النفوذ".
وتضغط الانتخابات الرئاسية لعام 2024 على بايدن، حتى مع تكثيف كبار مساعديه دعواتهم لكبح جماح إسرائيل. وأي محاولة لخفض المساعدات يمكن أن تضر بالرئيس الديمقراطي من حيث الناخبين المستقلين المؤيدين لإسرائيل بينما يسعى لإعادة انتخابه.
ويواجه بايدن أيضا ضغوطا من فصيل من الديمقراطيين التقدميين الذين يريدون أن تضع واشنطن شروطا لتقديم المساعدات العسكرية لأقرب حليف لها في الشرق الأوسط، وأن يدعم الرئيس الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وأكد مصدر أمني إسرائيلي كبير أنه لم يطرأ أي تغير حتى الآن على الدعم الأميركي لإسرائيل، قائلا "في الوقت الحالي هناك تفاهم وهناك تنسيق مستمر".
وأضاف "إذا غيرت الولايات المتحدة مسارها، فسيتعين على إسرائيل تسريع عملياتها وإنهاء الأمور بسرعة".
استؤنف القتال بين إسرائيل وحماس يوم الجمعة بعد توقف دام سبعة أيام لتبادل المحتجزين وتسليم المساعدات الإنسانية. وتشن إسرائيل هجوما بريا وقصفا جويا عنيفا ردا على الهجوم الذي شنه مقاتلون من حماس في السابع من أكتوبر والذي تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز نحو 240 رهينة.
وذكر المكتب الإعلامي لحماس اليوم أن عدد القتلى الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر تجاوز 16248 جراء الهجمات الإسرائيلية، منهم 7112 من القصر و4885 امرأة، مع وجود آلاف آخرين في عداد المفقودين ويخشى أن يكونوا مدفونين تحت الأنقاض.
وبدأ الهجوم العسكري الإسرائيلي على شمال غزة بقصف جوي مكثف ثم توغل بري واسع النطاق أدى في النهاية إلى محاصرة القوات الإسرائيلية لمدينة غزة، وهي أكبر تجمع سكني بالقطاع، ودخولها.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم ينفذون العمليات في الجنوب بشكل مختلف، إذ يسمحون بالمزيد من الوقت للمدنيين لإخلاء مناطق القتال، لكنهم لا يستطيعون الوعد بوقف الخسائر في صفوف المدنيين.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي أمس الثلاثاء "سنواصل حملتنا لتدمير حماس، وهي حملة تتفق معنا الولايات المتحدة بشأنها". وكرر الاتهامات الإسرائيلية بأن حماس تستخدم النساء والأطفال كدروع بشرية.
وبدأ الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة في نشر خرائط على الإنترنت تأمر الفلسطينيين بمغادرة أجزاء من جنوب غزة وتوجههم نحو ساحل البحر المتوسط ورفح بالقرب من الحدود المصرية. وقال بعض السكان إن ما يطلق عليها "المناطق الآمنة" التي طلب منهم الذهاب إليها تعرضت أيضا لإطلاق نار مما أدى إلى سقوط قتلى.
وذكر مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان يوم الاثنين أن واشنطن تتوقع من الإسرائيليين الالتزام بعدم مهاجمة تلك المناطق.
وقال مسؤول أميركي ثان إن حقيقة أن إسرائيل أصبحت أكثر ترويا في تحديد المناطق التي يجب على المدنيين تجنبها هي علامة على أن الضغوط الأميركية توتي ثمارها.
وأضاف أن واشنطن تريد من إسرائيل أن تكون أكثر دقة في توجيه الضربات في جنوب غزة، ولكن من السابق لأوانه قول ما إذا كانت إسرائيل قد أخذت هذه النصيحة في الاعتبار.
وقال سكان وصحفيون على الأرض إن غارات جوية إسرائيلية مكثفة استهدفت جنوب غزة يوم الاثنين، مما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين.
وقال عمر شاكر مدير منظمة هيومن رايتس ووتش في إسرائيل وفلسطين "تشير جميع المؤشرات والتقارير إلى استمرار نفس نمط إسقاط القنابل الثقيلة واستخدام المدفعية في مناطق مكتظة بالسكان" منذ استئناف الهجوم الإسرائيلي.
وذكرت منظمة العفو الدولية أمس الثلاثاء أنها وجدت أن ذخائر أميركية الصنع قتلت 43 مدنيا في غارتين جويتين إسرائيليتين في غزة.

وفي ابرز مثال على الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل في تحقيق جديد قالت منظمة العفو الدولية إن الجيش الإسرائيلي استخدم ذخائر أميركية الصنع في غارتين جويتين على قطاع غزة أسفرتا عن مقتل 43 مدنيا، بينهم 19 طفلا و14 امرأة، في أكتوبر الماضي وذلك في تحقيق جديد للمنظمة نشرته على موقعها الإلكتروني، أمس الثلاثاء.
وجاء في التحقيق "خلصت منظمة العفو الدولية استنادا إلى تحقيق جديد، إلى أن الجيش الإسرائيلي استخدم ذخائر الهجوم المباشر المشترك أميركية الصنع في غارتين جويتين مميتتين وغير قانونيتين على منازل مليئة بالمدنيين في قطاع غزة المحتل".
وقالت المنظمة إنها "عثرت على شظايا بين أنقاض المنازل المدمرة وسط غزة، إثر غارتين أسفرتا عن مقتل 43 مدنيا، 19 طفلا و14 امرأة و10 رجال".
وأوضحت أن ناجين من الغارتين أخبروا المنظمة أنهم "لم يتلقوا أي تحذير بشأن غارة وشيكة".
ودعت المنظمة إلى "التحقيق" في الغارتين باعتبارهما "جريمتي حرب"، فيما لم يصدر أي تعليق فوري من الجانبين الأميركي والإسرائيلي على تحقيق المنظمة.
وأدت غارة شنها الطيران الإسرائيلي في 10 أكتوبر على منزل عائلة النجار في دير البلح (جنوب وادي غزة) إلى مقتل 24 شخصا، فيما أسفرت غارة أخرى في 22 من الشهر نفسه على منزل عائلة "أبو معيلق" في المدينة نفسها عن مقتل 19 شخصًا، وفق المنظمة.
ويقع كلا المنزلين جنوب وادي غزة، داخل المنطقة التي أمر الجيش الإسرائيلي سكان شمال غزة بالانتقال إليها في 13 أكتوبر باعتبارها "مناطق آمنة".
وقالت أنياس كالامار، الأمينة العامة للمنظمة إن "استخدام الجيش الإسرائيلي ذخائر أميركية الصنع في هجمات غير قانونية ذات عواقب مميتة على المدنيين يجب أن يدق ناقوس خطر لدى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن".
وأوضحت في تعليقها على التقرير، أن "الأسلحة الأميركية الصنع سهلت عمليات القتل الجماعي لعائلات كاملة"، وفق الموقع الإلكتروني للمنظمة الدولية.
وقالت العفو الدولية إنه "يجب على الولايات المتحدة والحكومات الأخرى، أن تتوقف فورا عن نقل الأسلحة إلى إسرائيل، التي من المرجح أن تُستخدم لارتكاب أو زيادة خطر ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي".
وقالت إنها أجرت مقابلات مع ستة ناجين وأقارب لضحايا في الهجومين، كما حللت صورا للأقمار الصناعية، أظهرت الدمار في المواقع ذات الصلة خلال فترة زمنية تتسق مع روايات الشهود.
وأشارت إلى أنها أرسلت أسئلة بشأن الهجومين إلى متحدث الجيش الإسرائيلي في 21 نوفمبر الماضي، ولم تتلقَّ أي رد حتى وقت نشر التحقيق.