بايدن يضغط على أمير قطر لمنع تراجع الدوحة عن الوساطة

الدوحة – قال الديوان الأميري القطري إن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الأميركي جو بايدن بحثا في اتصال هاتفي الثلاثاء جهود الوساطة المشتركة لإنهاء الحرب في غزة.
ويحمل اتصال بايدن بالشيخ تميم رسالة ضغط أميركية على قطر بعد أن أرسلت إشارات تفيد بأنها لا تنوي الاستمرار في الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس لتأمين إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، في وقت بدأ فيه القطريون يشعرون بأن علاقتهم بحماس يمكن أن تجلب لهم الكثير من المشاكل وأن توتر علاقتهم بإسرائيل والدوائر الداعمة لها في الولايات المتحدة.
وعقّدت حماس مهمة القطريين في حال قرروا الاستمرار في الوساطة، وهو الأمر الأقرب، حيث أعلنت عن تعيين يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي خلفا لهنية، وما تحمله هذه الخطوة من موقف معقد يضع القرار في يد الشخصية الأكثر تشددا في الحركة، كما أنها تهمش قيادات حماس الموجودة في الخارج، والتي تتفاوض معها قطر وتوجهها بما يخدم دورها كوسيط مقبول من الولايات المتحدة.
وقد وجد القطريون في اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، فرصة للانسحاب بعد أن بات واضحا أن إسرائيل ماضية في معاقبة من يقف وراء هجوم 7 أكتوبر 2023 من قريب أو بعيد، من قيادات حماس وحزب الله وإيران وحتى قطر التي غابت عن اجتماع الوسطاء الأخير في القاهرة.
لا يُعرف كيف ستتصرف قطر من أجل الوصول إلى السنوار وتأمين قبوله بالتنازلات التي تطالب بها إدارة بايدن
وجاء أول رد فعل قطري على اغتيال هنية على لسان الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وزير الخارجية ورئيس الوزراء القطري، حين قال إن “لا معنى للمفاوضات” و”إنك لا تقتل المفاوض وأنت تتفاوض معه”، في رسالة تظهر رغبة في إنهاء الوساطة طالما أنها لم تفض إلى نتيجة واضحة، خاصة أن تبعاتها يمكن أن تكون في غير صالح الدوحة.
وأكثر ما يثير المخاوف في الدوحة هو اتهام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قطر بأنها لا تضغط على حماس بما يكفي لتقديم التنازلات المطلوبة لإطلاق سراح الإسرائيليين، وأنها مع ذلك تستمر في تقديم الدعم المالي للحركة في موقف يظهر الدوحة وكأنها تشجع حماس على الاستمرار في المكابرة.
وسيكون الأسلم بالنسبة إلى القطريين هو استثمار حادث اغتيال هنية لدعوة قادة حماس إلى مغادرة الدوحة. لكن إدارة بايدن لديها حسابات أخرى، وهي تضغط للتوصل إلى هدنة بين حماس وإسرائيل دون مراعاة التأثيرات التي سيخلفها اغتيال هنية داخل حماس وميل قيادتها نحو المزيد من التشدد، وهو ما يفسر قرار تعيين السنوار خلفا لهنية.
ومن الواضح أن تعيين السنوار تم بشكل مستعجل، وقد يكون القرار صدر من دائرة مضيقة محيطة بزعيم حماس الجديد دون أي انتخابات أو استشارة واسعة بين قيادات حماس في الداخل والخارج كما يحصل عادة.
ويرى مراقبون في تعيين السنوار استهدافا مباشرا لمسار التفاوض، وهو ما يعني إحراجا إضافيا لقطر أمام الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة أن نقل قيادة المكتب السياسي إلى داخل غزة سيعني تحييد قيادات الخارج في حماس وسحب البساط من تحت أقدامهم ومنعهم من إطلاق الوعود والتعهدات والرهان على هذا الحلف أو ذاك.
وكان مصدر مسؤول في حماس أكد أن الحركة أغلقت ملف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل حتى إشعار آخر.
وأوضح المصدر أن حماس “تتعرض حاليا لضغوط عربية ودولية لحثها على العودة إلى مربع المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار”.
ويُعد يحيى السنوار، الذي انتُخب في فبراير 2017 رئيسًا لحركة حماس في قطاع غزة، من مؤيدي الخط المتشدد القريب من محور إيران. وأمضى السنوار، البالغ من العمر 61 عامًا، 23 سنة في السجون الإسرائيلية قبل أن يُطلق سراحه عام 2011 ضمن صفقة تبادل.
ووُلد في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وانضم إلى حركة حماس عند تأسيسها عام 1987، وهو العام الذي انطلقت فيه الانتفاضة الأولى. بعد ذلك أسس “مجد”، جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس.
ويعد قائد النخبة السابق في كتائب القسام وتلاحقه إسرائيل بصفته العقل المدبر لهجوم السابع من أكتوبر، وهو مدرج على قائمة “الإرهابيين الدوليين” الأميركية. ويحيط السنوار تحركاته بمنتهى السرية.
مخاوف قطرية من احتمال أن يتطور المناخ المناوئ لهم بسبب حماس إلى مرحلة تهدد مصالحهم الاقتصادية والمالية
ولم يشاهَد علنًا منذ اندلاع الحرب في غزة.
ولا يُعرف كيف ستتصرف قطر من أجل الوصول إلى السنوار وتأمين قبوله باستئناف المفاوضات وتقديم التنازلات التي تطالب بها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يريد تحقيق مكسب انتخابي لحزبه قبل الانتخابات عبر التوصل إلى تسوية ترضي إسرائيل وتسكت مزايدات المرشح المنافس دونالد ترامب.
ويشعر القطريون بأن المزاج العام الحالي في الولايات المتحدة لا يسمح لهم بالمناورة أو طلب مهلة إضافية لإنجاح الوساطة. والمزاج الانتخابي لا يتحمله بايدن نفسه، فكيف سيتحمله القطريون.
وظهرت أصوات تطالب الدوحة بقطع التمويل عن حماس وطرد قادتها خارج قطر، محذرة من إمكانية أن يعيد الأميركيون تقييم علاقتهم بها، ما قد ينتهي إلى مراجعة تصنيف قطر كدولة صديقة.
ويتخوف القطريون من احتمال أن يتطور المناخ المناوئ لهم إلى مرحلة تهدد مصالحهم الاقتصادية والمالية.
وكان منتدى الشرق الأوسط الذي يُحسب على اللوبي اليهودي الأميركي قد وجه رسائل إلى 12 شركة وصندوق تحوط، يحثها فيها على قطع علاقاتها الاستثمارية مع جهاز قطر للاستثمار.
وأطلق المنتدى حملة رقمية على موقعه الإلكتروني يحض من خلالها “شركات الاستثمار الأميركية والشركات الخاصة على قطع علاقاتها الاستثمارية مع قطر ردا على دعمها مذبحةَ حماس في إسرائيل”.