بايدن يدرس التعامل مع المعارضة السورية وسط تبادل رسائل سرية

صحف أميركية تكشف إمكانية حذف واشنطن هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب، وطمأنة تلك الجماعة الإدارة الأميركية بأن لا نية لها بإشراك داعش.
الاثنين 2024/12/09
رسائل أميركية تحذر الجولاني من السماح لداعش بالمشاركة في الإطاحة بالأسد

واشنطن – يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن تحدي اتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع الجماعة المسلحة الرئيسية التي أطاحت بالرئيس السوري بشار الأسد، على الرغم من أنها لا تزال مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.

والفصيل المتمرد الرئيسي الذي أطاح بالرئيس المخلوع بشار الأسد هو جماعة تسمى هيئة تحرير الشام، والتي كانت ذات يوم تابعة لتنظيم القاعدة، وعلى الرغم من أنها انفصلت عن المنظمة الأقدم منذ سنوات، إلا أنها لا تزال مصنفة كجماعة إرهابية من قبل الحكومة الأميركية.

لكنها قدمت أيضا لبايدن تحديا أساسيا في أواخر رئاسته، فكيف تصادق الولايات المتحدة القوى الناشئة حديثا التي تتولى السلطة في سوريا عندما تعتبرها إرهابية؟ وهل يجب أن تفعل ذلك؟

ونقلت صحيفة واشنطن بوست الاثنين، عن مسؤول أميركي قوله إن واشنطن لا تستبعد حذف "هيئة تحرير الشام" من قائمة الإرهاب "لنتعامل معها من أجل استقرار سوريا".

وقال المسؤول الأميركي للصحيفة "قد نحذف "هيئة تحرير الشام" من قائمة الإرهاب، من أجل استقرار سوريا"، في إشارة إلى التطورات المتسارعة في سوريا.

وتابع "يجري حاليا تقييم جدي عن مدى استقلال "هيئة تحرير الشام" عن تركيا".

وفي السياق، كشف مسؤولون أميركيون لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن أن الولايات المتحدة كانت على تواصل "غير مباشر" مع قوات المعارضة السورية .

ووفقا للمسؤولين الأميركيين والأتراك الذين تحدثت معهم الصحيفة فإن واشنطن نقلت عبر تركيا رسائل إلى المعارضة قبل دخولها على دمشق "بما لا يجب عليها فعله"، وإن إحدى الرسائل كانت تحذر فصائل المعارضة من السماح لعناصر تنظيم "داعش" بالمشاركة في الهجوم ضد الأسد.

وردت فصائل المعارضة من خلال أنقرة بـ"تأكيدات بأنها لا تنوي السماح لداعش بأن تكون جزءًا من حركتها ضد الأسد". ووفقا للمسؤولين الأميركيين والأتراك المطلعين على الرسائل.

لكن الآن يناقش بايدن وكبار مستشاريه مدى مشاركتهم بشكل مباشر مع الجماعات المتمردة في المستقبل، وفقا للمسؤولين، الذين وصفوا المداولات الداخلية بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

وكان محللو الاستخبارات الأميركية وصناع السياسات في الإدارة يحاولون تحديد ما إذا كانت الجماعات قد غيرت بشكل كبير، أو كانت مستعدة لتغيير، طرقها في معالجة مخاوف الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة بشأن الانتماءات الإرهابية.

وفي أول رد فعلي أميركي على إطاحة فصائل المعارضة السورية المسلّحة بالأسد، أبدى بايدن تفاؤله، لكنّه نبّه إلى وجوب "البقاء متيقّظين" لاحتمال صعود جماعات إرهابية.

وقال بايدن في كلمة في البيت الأبيض "أخيرا سقط نظام الأسد"، متحدثا عن "فعل عدالة أساسي" و"فرصة تاريخية" للسوريين من أجل "بناء مستقبل أفضل"، مع تحذيره من "الغموض والأخطار" الناتجة من الوضع الراهن وتشديده على أنّ "الأسد ينبغي أن يُحاسَب".

وفيما أفادت وكالات الأنباء الروسية بأن الرئيس السوري المخلوع موجود في العاصمة الروسية مع عائلته، أشار بايدن إلى أن الولايات المتحدة "غير متأكدة" من مكان وجود الأسد، مضيفا "لكن يُقال إنه في موسكو".

وأكّد بايدن الذي تنتهي ولايته في يناير وسيخلفه سلفه دونالد ترامب أنّ واشنطن ستساعد السوريين في إعادة الإعمار.

وأوضح "سنعمل مع كل المجموعات السورية، ويشمل ذلك العملية التي تقودها الأمم المتحدة، وذلك بهدف إرساء مرحلة انتقالية بعيدا من نظام الأسد ونحو (سوريا) مستقلة وسيّدة مع دستور جديد".

لكنه لفت إلى أن واشنطن ستُجري تقييما لجماعات متطرّفة منضوية ضمن فصائل المعارضة لتبيان وضعها راهنا.

وقال إن "بعضا من الفصائل السورية المسلّحة التي أسقطت الأسد لديه سجل قاتم من الإرهاب ومن الانتهاكات لحقوق الإنسان".

ولفت الرئيس الأميركي إلى أن الولايات المتحدة "أخذت علما" ببيانات أخيرة لفصائل تشير إلى أنها باتت معتدلة، لكنّه نبّه إلى أنّ بلده "سيجري تقييما ليس فقط لأقوالها بل لأفعالها".

بايدن يشدّد على وجوب محاسبة الأسد
بايدن يشدّد على وجوب محاسبة الأسد

وجاءت تصريحات بايدن عقب اجتماع مع فريقه للأمن القومي في البيت الأبيض تناول التطورات في سوريا.

وقال بايدن إن واشنطن تدرك أن تنظيم الدولة الإسلامية "سيحاول استغلال أي فراغ لإعادة تشكيل صفوفه" في سوريا، مشدّدا على أن واشنطن "لن تسمح بحدوث ذلك".

وأضاف أنّ القوات الأميركية شنّت الأحد "عشرات" الضربات ضد التنظيم الجهادي.

وأعلن البنتاغون أنّ طائراته أغارت الأحد على أكثر من 75 هدفا لتنظيم الدولة الإسلامية الجهادي في سوريا "من أجل منع التنظيم الإرهابي من تنفيذ عمليات خارجية وضمان عدم سعيه للاستفادة من الوضع الحالي لإعادة تشكيل نفسه في وسط سوريا".

وقالت القيادة الأميركية الوسطى "سنتكوم" في بيان إنّ "الغارات الجوية الدقيقة" نفّذتها طائرات متنوعة من بينها قاذفات بي-52 ومقاتلات إف-15 وطائرات إيه-10، و"استهدفت معسكرات وعناصر" في التنظيم الجهادي في وسط سوريا.

وأوضح البيان أنّ "الغارات استهدفت قياديين وعناصر ومعسكرات" للتنظيم الجهادي وذلك "في إطار المهمّة المستمرة لتعطيله وإضعافه وهزيمته".

وتدعم الولايات المتحدة خصوصا قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهي ائتلاف فصائل معارضة للأسد يهيمن عليها الأكراد وتسيطر على مناطق واسعة في شمال شرق سوريا.

وكانت قسد ساعدت التحالف المناهض للجهاديين بقيادة واشنطن على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال مسؤول أميركي كبير طالبا عدم نشر اسمه إنّ "المستقبل هناك سيكتبه السوريون. نحن لا نضع خطة لمستقبل سوريا انطلاقا من واشنطن".

وفي ما يتعلق بمسألة مخزونات الأسلحة الكيميائية السورية، أشار المسؤول نفسه إلى أنّ الولايات المتحدة تبذل كل ما في وسعها "لضمان عدم وقوع هذه الأسلحة في أيدي أحد".

وقال المسؤول الأميركي أيضا إن دعم إدارة بايدن "الكامل" لإسرائيل وأوكرانيا ساهم "في أحداث هذا الأسبوع".

وأوضح أنّ "حماس في حالة تراجع فقد مات قادتها. وإيران في حالة تراجع. وحزب الله في حالة تراجع. وروسيا في حالة تراجع، فقد تخلّت للتو عن حليفها الوحيد في الشرق الأوسط. والآن نظام الأسد (...) انهار للتو. لم يكن أيّ من هذا ممكنا" لولا دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا وإسرائيل.

بدوره قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد إنه "بعد 14 عاما من النزاع، أصبح لدى الشعب السوري أخيرا ما يبعث على الأمل".

وأضاف في بيان "سندعم الجهود الدولية لمحاسبة نظام الأسد وداعميه على الفظائع وأعمال العنف المرتكبة بحق الشعب السوري، خصوصا استخدام أسلحة كيميائية واحتجاز مدنيّين تعسّفا".

وذكر بلينكن حالة أوستن تايس، الصحافي الأميركي المستقل الذي عمل خصوصا مع كل من مكلاتشي نيوز وواشنطن بوست ووكالة فرانس برس وغطى الحرب في سوريا قبل أن يُخطف في أغسطس 2012 في داريا، إحدى ضواحي دمشق.