بايدن يحذر إيران بعد الضربات الأميركية في سوريا: لن تفلتوا من العقاب

رسالة الرئيس الأميركي تثبت أن واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي أمام استمرار عرقلة طهران العودة إلى طاولة الحوار في الملف النووي.
السبت 2021/02/27
لا مهادنة مع إيران

واشنطن - قال الرئيس الأميركي جو بايدن مساء الجمعة، إن الضربات الجوية الأميركية الأخيرة في شرق سوريا يجب أن تنظر إليها إيران على أنها تحذير.

وأضاف بايدن، خلال جولة في تكساس لتفقّد الأضرار الناجمة عن عاصفة ضربت المنطقة "لن تُفلتوا من العقاب. احذروا"، موجها حديثه إلى طهران.

وقتل مسلحون موالون لإيران جراء قصف أميركي استهدف ليل الخميس الجمعة، بنى تحتية تابعة لهم في شرق سوريا، في أول عملية عسكرية لإدارة بايدن، ردا على هجمات طالت مؤخرا قوات أميركية وأخرى تابعة للتحالف في العراق.

وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان 22 قتيلا على الأقل من فصائل عراقية موالية لإيران، غالبيّتهم من "كتائب حزب الله".

وتأتي الضربات التي ندّدت بها دمشق وحليفتها موسكو، على خلفيّة توتّر بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي الإيراني والعودة إلى طاولة المفاوضات.

ويرى محللون وسياسيون أن إدارة بايدن أرادت أن تثبت للمسؤولين الإيرانيين أن لديها بدائل متعددة لجلب طهران إلى طاولة المفاوضات، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام رفضها العودة إلى طاولة الحوار في الملف النووي، والاستمرار في وضع الشروط المعرقلة قبل رفع العقوبات أولا.

ويعتبرون أن الرسالة الأميركية تعمل على تبديد ما حصل من التباس في أذهان الإيرانيين بشأن الإدارة الجديدة، وأن تبني مسار الحوار في الملف النووي أو في الأدوار الإقليمية لإيران، وخاصة في موضوع اليمن، لا يعني ضعفا وتسليما بالأمر الواقع.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، إن بايدن "يبعث رسالة لا لبس فيها بأنه سيتحرك لحماية الأميركيين. وعندما يتم توجيه التهديدات، يكون له الحق في اتخاذ إجراء في الوقت والطريقة اللذين يختارهما".

صورة

من جهته، قال المتحدّث باسم البنتاغون جون كيربي، إنّ طائرتَي "أف -15 إي" من طراز "سترايك إيغلز" أسقطتا سبع ذخائر دقيقة التوجيه الخميس، على منشآت في شرق سوريا تستخدمها مجموعات مسلّحة، يُعتقد أنّها وراء سلسلة هجمات صاروخيّة على القوّات الأميركيّة في العراق.

ووصف كيربي في بيان الضربات بأنها "دفاعية"، موضحا أنها دمّرت "بنى تحتيّة عدّة تقع في نقطة حدودية، تستخدمها ميليشيات مدعومة من إيران"، وتحديدا كتائب حزب الله وسيد الشهداء، وهما تنضويان في الحشد الشعبي العراقي.

وتنشر السلطات العراقية الحشد الشعبي، وهو ائتلاف فصائل عراقية بارزة شبه عسكرية، على طول الحدود المتداخلة مع سوريا، منذ الإعلان في العام 2017 عن الانتصار على تنظيم داعش. وتنفي قيادة الحشد عمل فصائلها خارج العراق، لكنّ مقاتلين من مجموعات منضوية فيه يشاركون في القتال داخل سوريا.

ودمّرت الغارات الأميركية وفق المرصد، ثلاث شاحنات تحمل ذخيرة عند الساعة الواحدة فجرا (23:00 ت غ)، لحظة دخولها من معبر غير شرعي من العراق إلى جنوب مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي.

وتخضع المنطقة الممتدة بين مدينتي البوكمال والميادين لنفوذ إيراني، عبر مجموعات موالية لها تقاتل إلى جانب قوات النظام السوري. وغالبا ما تتعرّض شاحنات تنقل أسلحة وذخائر أو مستودعات في المنطقة لضربات تُنسب لإسرائيل، التي تؤكد غالبا عزمها على إنهاء "التموضع الإيراني" في سوريا.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان الجمعة "طالما أنّي رئيس للوزراء، لن تمتلك إيران أسلحة نوويّة. سأفعل كلّ شيء لمنع ذلك، وقلت ذلك للرئيس بايدن. باتّفاق أو من دونه".

وندّدت وزارة الخارجية السورية بـ"العدوان الأميركي"، معتبرة أنّه "يشكّل مؤشّرا سلبيا" على سياسات الإدارة الأميركية الجديدة.

وحذّرت في بيان من أنّه "سيؤدّي إلى عواقب من شأنها تصعيد الوضع في المنطقة"، مطالبة واشنطن "بتغيير نهجها العدواني تجاهها".

ونفت وزارة الدفاع العراقية تلقّيها معلومات من الجانب الأميركي قبل تنفيذ القصف، فيما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أنّ واشنطن أخطرت الجيش الروسي قبل أربع أو خمس دقائق فقط. وقال "هذا النوع من التحذير، عندما تكون الضربات قيد التنفيذ، لا ينفعنا".

ونددت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا "بشدة" بالقصف الأميركي، داعية إلى "احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها من دون شروط".

صورة

وبينما ينتظر بايدن ردا من طهران حول العودة إلى طاولة التفاوض، قال كيربي إنّ الضربات جاءت "ردا على الهجمات الأخيرة على الطاقم الأميركي وقوات التحالف في العراق والتهديدات المستمرة ضد هؤلاء".

وسقطت صواريخ الاثنين بالقرب من السفارة الأميركية في بغداد، بينما استهدف قصف السبت قاعدة بلد الجوية العراقية الواقعة إلى الشمال، ما أدى إلى إصابة موظف عراقي في شركة أميركية مسؤولة عن صيانة طائرات "أف-16".

في 15 فبراير، أصابت صواريخ قاعدة عسكرية تتمركز فيها قوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في مطار أربيل (شمال). وقُتل شخصان أحدهما متعاقد مدني أجنبي يعمل مع التحالف.

ورغم أنّ كتائب حزب الله لم تعلن مسؤوليتها عن الهجمات، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن الفصيل مسؤول عنها. وقال لصحافيين على متن طائرة نقلته إلى واشنطن بعد جولة سريعة لحاملة الطائرات "يو.أس.أس نيميتز" قبالة سواحل كاليفورنيا "نحن متأكدون من الهدف الذي اخترناه". وأضاف "نحن على يقين بأنّ هدفنا كان الميليشيا التي نفذت الهجمات الأخيرة" ضد مصالح غربية في العراق.

وجاءت الهجمات الأخيرة بعد أشهر على هدوء نسبي في إطار هدنة وافقت عليها الفصائل الموالية لإيران، في مواجهة تهديدات من واشنطن بإغلاق سفارتها في العراق.

وأكد المتحدث باسم البنتاغون أنّ "هذا الرد العسكري المتكافئ، تمّ بالتوازي مع إجراءات دبلوماسية ولاسيما مشاورات مع شركاء" التحالف الدولي.

وبعد إطلاق النار الأخير الاثنين، أعلنت واشنطن أنّ إيران ستتحمّل "مسؤولية تصرفات شركائها الذين يهاجمون الأميركيين"، لكنها شددت على أن قواتها ستتجنب "التصعيد".

وقالت الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة، إنّ واشنطن تبدو كمن يرسل "إشارة إلى أنها لن تتساهل مع أنشطة إيران الإقليمية لصالح المحادثات النووية"، مضيفة "لا أرى في ذلك (القصف) موقفا متشددا على نحو خاص، إذ كان رد الولايات المتحدة موجها إلى هدف غير مهم نسبيا".

وتوجّه إدارة بايدن، وفق الباحث في معهد دراسات الحرب نيكولاس هيراس، رسائل إلى "خصوم سياسته تجاه إيران في الداخل بأن الولايات المتحدة قادرة على أن تكون قاسية تجاه إيران"، وأخرى إلى إسرائيل بأن "واشنطن قادرة أيضا على ضرب المجموعات التابعة لإيران".

وأضاف أن "الضربات الأخيرة لا تتعلق بما حصل في العراق فقط، بل إنها جزء من لعبة دبلوماسية أوسع تجاه إسرائيل والحزب الجمهوري".

وسبق للجيش الأميركي أن أعلن نهاية العام 2019، قصف خمس قواعد لكتائب حزب الله العراقي في كل من سوريا والعراق، بعد مقتل أميركي في هجوم بالصواريخ طال قاعدة عسكرية عراقية.