بايدن يتوقع امتناع إيران عن مهاجمة إسرائيل حال توقيع صفقة غزة

حماس ترفض المشاركة في محادثات وقف إطلاق النار بسبب عدم تلقيها ضمانات بالتزام إسرائيل بالتفاوض على أساس اقتراح الرئيس الأميركي.
الأربعاء 2024/08/14
سياسات نتنياهو تعرقل جهود بايدن لمنع حرب إقليمية

قطاع غزة (الاراضي الفلسطينية) – اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قد يثني إيران عن شن هجوم على اسرائيل ردا على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران الذي أجج التوترات الإقليمية، بينما أكدت حماس أنها لن تشارك في مفاوضات جديدة.

ولدى سؤاله الثلاثاء عما إذا كانت هدنة بين إسرائيل وحماس قد تحول دون وقوع هجوم إيراني، قال بايدن للصحافيين "هذا ما أتوقعه".

وأضاف للصحافيين في نيو أورلينز إنه على الرغم من أن المفاوضات "أصبحت صعبة"، إلا أنه "لن يستسلم".

وجاءت تعليقات بايدن بعدما قال ثلاثة مسؤولين إيرانيين كبار إن السبيل الوحيد لمنع الرد الإيراني على إسرائيل عقب اغتيال هنية هو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة خلال المحادثات المزمعة هذا الأسبوع.

وقال أحد المصادر، وهو مسؤول أمني إيراني كبير، وفقاً لوكالة "رويترز"، إن إيران وحلفاءها، مثل حزب الله، سيشنون هجوماً مباشراً إذا فشلت محادثات غزة، أو إذا شعروا أن إسرائيل تطيل أمد المفاوضات. ولم تحدد المصادر المدة التي ستسمح بها إيران للمحادثات بالتقدم قبل الرد.

ورفضت إيران الثلاثاء دعوات غربية للتراجع عن تهديدها بالردّ على إسرائيل بعد مقتل هنية، في وقت تسود المخاوف من توسّع الحرب في قطاع غزة الى المنطقة.

وألقت الجمهورية الإسلامية وحلفاؤها باللوم على إسرائيل في مقتل هنية أثناء زيارته للعاصمة الإيرانية لحضور تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان. ولم تعلّق إسرائيل على ذلك.

لكن إيران تعهّدت الانتقام لمقتله الذي جاء بعد ساعات من ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت قتلت القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر. وتوعّد حزب الله بالردّ.

وتتصاعد الضغوط الدبلوماسية الغربية منذ ذلك الحين في محاولة لتجنيب الشرق الأوسط مزيدا من التصعيد.

ودعت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روز ماري ديكارلو الثلاثاء "جميع الأطراف" إلى وقف التصعيد، مضيفة "بعد عشرة أشهر على بدء الحرب، أصبح خطر التصعيد الإقليمي أكثر وضوحا ورعبا من أي وقت مضى".

وأشارت إلى أنه في قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل "لا يزال الوضع كارثيا بالنسبة للمدنيين. لا يوجد مكان آمن في غزة، ولكن إجلاء المدنيين يتواصل إلى مناطق لا تنفك تضيق".

وكان البيت الأبيض حذّر من أن إيران قد تشنّ مع وكلائها "هجمات كبرى" على إسرائيل هذا الأسبوع، لافتا إلى أن إسرائيل لديها تقديرات مماثلة.

وخلال الأيام الأخيرة، أرسلت الولايات المتحدة مجموعة حاملة طائرات وغواصة مزوّدة بصواريخ إلى المنطقة دعما لإسرائيل.

ووافقت إدارة بايدن الثلاثاء على صفقات أسلحة جديدة لإسرائيل بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار، متجاهلة ضغوطا تمارسها منظمات حقوقية تدعو لوقف إمداد الدولة العبرية بالأسلحة على خلفية ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين في غزة.

وانتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني دعوات الغرب، وقال في بيان "الجمهورية الإسلامية مصمّمة على الدفاع عن سيادتها... ولا تطلب الإذن من أي كان لممارسة حقوقها المشروعة".

وندّد بإعلان لا يتضمّن "أي مأخذ على الجرائم الدولية التي يرتكبها النظام الصهيوني... ويطلب بوقاحة من إيران عدم الردّ بشكل رادع (على من) انتهك سيادتها".

وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الثلاثاء خلال زيارته قاعدة عسكرية في شمال إسرائيل على الحدود مع لبنان "نعمل في آن واحد على إزالة التهديدات والاستعداد لكل الاحتمالات لنكون قادرين على شن هجوم في المكان الذي نقرره".

ودعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون أيضا إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة، مع ترقّب جولة محادثات صعبة دعت الدول الوسيطة (واشنطن والدوحة والقاهرة) الى عقدها الخميس أملا في التوصل إلى هدنة.

كما دعت الدول الغربية إلى إيصال المساعدات "بدون قيود" إلى قطاع غزة المحاصر والمدمّر بعد عشرة أشهر من الحرب.

من جهته، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يزور موسكو عن "قلقه" إزاء أعداد القتلى المدنيين في غزة.

اندلعت الحرب إثر هجوم نفّذته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1198 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة، بمن فيهم 39 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.

وأسفرت الغارات والقصف والهجمات الإسرائيلية الانتقامية في غزة عن مقتل 39929 شخصا على الأقل، وفقا لوزارة الصحة في القطاع التي تؤكد أن القسم الأكبر من القتلى مدنيون لا سيما من النساء والأطفال، من دون أن تعطي تفاصيل عن القتلى بين المقاتلين.

وفي التاسع من أغسطس، وبعد أيام على مقتل رهنية بضربة في طهران، وافقت إسرائيل على استئناف المحادثات الرامية للتوصل إلى هدنة والإفراج عن الرهائن في غزة، ردا على دعوة أطلقها الوسطاء الأميركيون والمصريون والقطريون.

وتعارض الأحزاب اليمينية المتطرفة في الائتلاف الحاكم الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أي وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وهو موقف كرره وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي دخل الثلاثاء مع أكثر من ألفي إسرائيلي باحات المسجد الأقصى.

وقال بن غفير في فيديو من باحات المسجد الأقصى إن إسرائيل "ستهزم حماس"، داعيا إلى عدم الذهاب إلى أي مفاوضات.

وأضاف "يجب أن ننتصر في هذه المعركة، يجب أن ننتصر وألا نذهب إلى مباحثات في الدوحة أو القاهرة"، في إشارة إلى الدعوة الى مفاوضات الخميس.

من جهته، قال ممثل حركة حماس في لبنان أحمد عبدالهادي لشبكة "سي بي إس نيوز" إن وفدا من الحركة لن يحضر محاولة استئناف محادثات وقف إطلاق النار مع إسرائيل الخميس، مضيفا أن حماس لم تتلق ضمانات بأن إسرائيل ستلتزم بالتفاوض على أساس الاقتراح السابق المؤرخ في 2 يوليو.

وأوضح عبدالهادي، في تصريح للشبكة الثلاثاء "لسنا ضد مفهوم المفاوضات وكنا مرنين في الجولات السابقة".

وأضاف "لكن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وحكومته رفضا الاقتراح، ووضعا شروطا جديدة، واغتالا رئيس حركتنا"، في إشارة إلى اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في العاصمة الإيرانية طهران في نهاية الشهر الماضي.

وكان هنية المفاوض الرئيسي لحماس في محادثات وقف إطلاق النار.

وأضاف عبدالهادي "لذلك لن نشارك" في محادثات 15 أغسطس، "وسنعود إلى المربع رقم واحد."

وقالت حماس إنها مستعدة للاجتماع مع الوسطاء بعد محادثات الخميس في قطر، إذا قدمت إسرائيل ما وصف بـ"استجابة جادة"، وفقا لدبلوماسي مطلع على المحادثات.

وأكد عبدالهادي "نحن جادون في التوصل إلى اتفاق لأنه من مسؤوليتنا تجاه شعبنا إيقاف المجازر والحرب المجاعة التي يرتكبها (الاحتلال) ضد شعبنا".

وباءت بالفشل جولات تفاوض عدة أجريت سعيا للتوصل إلى هدنة في غزة. وتم التوصل في نهاية نوفمبر إلى هدنة يتيمة استمرت أسبوعا.

في تلك الهدنة تم الإفراج عن عشرات الرهائن في مقابل إطلاق سراح عشرات السجناء الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

وكان بايدن عرض في 31 مايو خطة من ثلاث مراحل، تنص في مرحلة أولى على وقف لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع وانسحاب إسرائيل من "كل المناطق المأهولة في غزة".

وفي المقابل، تنص الخطة على إفراج حماس عن "عدد" من الرهائن المحتجزين منذ السابع من أكتوبر، وبينهم نساء ومسنون ومصابون. على أن تعاد أيضا جثامين رهائن قتلوا.

وتلحظ الخطة إطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين. وتنص الخطة أيضا في مرحلتها الأولى على السماح لمدنيين فلسطينيين بالعودة إلى "منازلهم وأحيائهم" في غزة، بما في ذلك في الشمال المدمر من جراء القصف الإسرائيلي.

وخلال فترة الأسابيع الستة الأولى، تجري إسرائيل وحماس "مفاوضات بشأن الترتيبات اللازمة للوصول إلى المرحلة الثانية، وهي وضع حد دائم للأعمال العدائية".

وقال بايدن حينها إن وقف إطلاق النار سيتم تمديده إذا استمرت المفاوضات، مع حرص الوسطاء على استمرارها.

وفي المرحلة الثانية التي يفترض أن تستمر أيضا نحو ستة أسابيع أخرى، تنسحب القوات الإسرائيلية بالكامل من غزة.

وتفرج حماس في المرحلة الثانية عن "كل الرهائن الأحياء المتبقين" بمن فيهم الجنود الإسرائيليون الذكور. وكانت هذه سابقا نقطة خلاف رئيسية بالنسبة لحماس.

وقال بايدن حينها إنه إذا التزم الجانبان بالاتفاق فإن ذلك سيؤدي إلى "وقف الأعمال العدائية بشكل دائم" مشيرا إلى أن الخطة هي اقتراح إسرائيلي.

وفي المرحلة الثالثة والأخيرة، تبدأ خطة كبرى لإعادة الإعمار وإرساء الاستقرار في غزة، بدعم من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.

ومن المحتمل استئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس في قطر أو مصر، الخميس، في محاولة جديدة للتوصل إلى اتفاق، بينما تواصل تل أبيب حربا مدمرة على غزة للشهر الحادي عشر.