"بانوراما التحدي والإبداع" كتاب يوثق لمهرجان العراق الوطني للمسرح

عبدالعليم البناء يكشف كواليس الحدث بالكلمة والصورة.
السبت 2022/04/16
المهرجان أعاد الأمل إلى المسرح العراقي ("ميت مات" أفضل عمل في المهرجان)

التوثيق أمر ضروري اليوم في مختلف المجالات، وليست المهرجانات في غنى عنه. ورغم أن أغلبيتها توثق لفعالياتها من خلال الصور والفيديوهات، كوسائل توثيقية حديثة وشاملة، إلا أن التوثيق الكتابي أيضا له سحره الخاص وأهميته البالغة، خاصة إذا تعلق الأمر برصد خفايا الحدث وما لا تصل إليه الصورة. وفي هذا الإطار يرد كتاب “بانوراما التحدي والإبداع” الذي يوثق لمختلف فعاليات مهرجان العراق الوطني للمسرح.

بغداد – أصدرت نقابة الفنانين العراقيين في بغداد كتاب “بانوراما التحدي والإبداع” للكاتب والإعلامي والناقد الفني عبدالعليم البناء، ويعتبر هذا المؤلف توثيقا لمهرجان العراق الوطني للمسرح (دورة المعلم سامي عبدالحميد) الذي أقامته النقابة تحت شعار “المسرح حياة” في مطلع شهر أغسطس من عام 2021 بالشراكة مع الهيئة العربية للمسرح.

وحضر الكاتب مختلف فعاليات المهرجان منذ إقرار تنظيمه، إذ وقّع أمين عام الهيئة العربية للمسرح الكاتب الإماراتي إسماعيل عبدالله، على هامش الدورة الحادية عشرة لمهرجان المسرح العربي في القاهرة، اتفاقية مع نقيب الفنانين العراقيين الدكتور جبار جودي لتنظيم هذا المهرجان في العاصمة بغداد ضمن قرارها الذي يقضي بتنظيم ودعم سلسلة من المهرجانات المسرحية الوطنية في العديد من البلدان العربية التي لا توجد فيها مهرجانات مسرحية لأسباب عدة.

توثيق شامل

كتاب توثيقي شامل يمثل معادلاً موضوعيا وإحاطة شاملة لكل برامج مهرجان العراق الوطني للمسرح وأنشطته وفعالياته

واجه المهرجان كمّا كبيرا من التحديات الذاتية والموضوعية المتنوعة التي أدت إلى تأجيله مرات عدة، ومن ضمنها احتجاجات تشرين وجائحة كورونا إضافة إلى الإجراءات الإدارية ذات الطبيعة البيروقراطية المتكلسة، ومثل الحدث حراكاً إبداعياً فاعلاً في المشهد المسرحي العراقي والعربي منح المسرحيين العراقيين فرصة تقديم أعمالهم التي طال انتظارها.

كتاب “بانوراما التحدي والإبداع” قدم له نقيب الفنانين العراقيين الدكتور جبار جودي، مؤكداً أن “إقامة المهرجان في هذا التاريخ تعد انتصاراً للنقابة من أجل تثبيت كيانها، لكونها نقابة مستقلة معنية بالحركة المسرحية العراقية، ومن حقها أن تعقد اتفاقيات مع جهات تنظيمية عربية من أجل الارتقاء بالحركة الفنية في العراق”.

وجاء هذا الكتاب التوثيقي الشامل ليكون معادلاً موضوعياً وإحاطة شاملة لكل برامج وأنشطة وفعاليات المهرجان الأساسية والمصاحبة وكل تفاصيل هذا المنجز الاستثنائي والنادر شكلاً ومضموناً، إذ حاول المؤلف ألا يترك أي شاردة أو واردة، حيث أكد البناء أنه “يحصل للمرة الأولى في تاريخ المهرجانات المسرحية العراقية على حد علمي، وإذا كان بعض الإصدارات النظيرة قد توقف عند جوانب محددة من هذا المهرجان أو ذاك، فإن هذا الكتاب قد توقف عند أدق التفاصيل النوعية التي كانت بمثابة الرافعة الأساسية التي تضيء وتجوهر جماليات الخطاب الإبداعي للمهرجان، ليشكل علامة فارقة في عملية التوثيق التي لا غنى عنها لدى المعنيين والمهتمين من باحثين ودارسين وإعلاميين وغيرهم”.

وتوزع الكتاب على ثمانية فصول وملحقين أحدهما مصور لفعاليات وكواليس المهرجان مع السيرة الذاتية للمؤلف؛ إذ تناول الكاتب بداية كلمات حفل الإفتتاح التي شملت: كلمة ممثل رئيس جمهورية العراق، وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور حسن ناظم، وكلمة رئيس اللجنة العليا للمهرجان المخرج المسرحي (عراب مسرح الصورة في العراق) الدكتور صلاح القصب، وكلمة الأمين العام للهيئة العربية للمسرح الكاتب إسماعيل عبدالله، وكلمة رئيس المهرجان الدكتور جبار جودي”.

وتناول الفصل الثاني “الجلسات والأوراق النقدية” لعروض المهرجان داخل وخارج المسابقة التي بلغ مجموعها سبعة عشر عرضاً، والتي أدارها عدد من النقاد البارزين والفنانين المعروفين، وشارك في تقديم مداخلاتها عدد من أبرز نقاد المسرح العراقي، الذين سلطوا الضوء عليها شكلاً ومضمونا بقراءات نقدية رصينة.

وكرس البناء الفصل الثالث للمحاور الفكرية التي شكلت أحد مرتكزات النجاح المدوي للمهرجان، وشملت: “الملتقى الفكري.. المسرح والمدينة”، “العيادة المسرحية وبناء الذات”، “الإضاءة المسرحية البديلة”، “خصائص في المسرح البديل”، “تجليات النص المسرحي الاحتجاجي”، فضلاً عن حفلات لتوقيع أربعة كتب مسرحية بمضامين متنوعة، أصدرها المهرجان بدعم مباشر من الهيئة العربية للمسرح.

امتلأت صفحات الكتاب بمعلومات ثرية عن فعاليات المهرجان وحيثيات انبثاقها وتحديات ظهورها والظروف التي واكبتها

وخصص الكتاب فصلا كاملا لبيان لجنة التحكيم وإعلان الفائزين بجوائز المهرجان، إضافة إلى جائزة نقاد المسرح، في حين جاء الفصل الخامس الذي حمل عنوان “قالوا في المهرجان” لرصد العديد من المقالات التي كتبتها نخبة من الفاعلين المسرحيين العراقيين والعرب، وتضمنت انطباعاتهم الإيجابية عن المهرجان، والتي حاول المؤلف حصر معظمها قدر ما يستطيع ويسمح به المجال.

وعرض البناء تحت عنوان “في المتن المسرحي” الدراسات المسرحية التي عالجت الظواهر والرؤى المسرحية بتجلياتها المختلفة، والتي جرى نشرها بعد تكليف خاص من كتابها (أساتذة أكاديميين ونقاد وفنانين) في “يومية المهرجان” التي كانت متميزة ومغايرة في شكلها ومضمونها ورسالتها، حيث تم إصدار تسعة أعداد يومية منها وكانت ملونة من الغلاف إلى الغلاف لتصبح بمثابة “ميني مكازين”، وقد ترأس هيئة تحريرها المؤلف عبدالعليم البناء الذي تولى في الوقت ذاته رئاسة اللجنة الإعلامية للمهرجان.

 أما الفصل السابع فقد تم تكريسه لـ”الفعاليات المصاحبة” التي تميزت بنوعيتها وتنوعها وشملت: المعرض التشكيلي الشخصي “لا أحد يأتي.. لا أحد هناك” للمصور المسرحي الفنان صلاح القصب، حسب ما كتبه في دليل المعرض، ليمثل وجها آخر من مظاهر إبداعه حيث عرف عراقياً وعربياً بأنه “عراب مسرح الصورة في العراق”، فضلاً عن معرض “أفق” للفنان التشكيلي الرائد محمد حياوي، وكذلك مسرح النقابة الصيفي الذي تم إنشاؤه وافتتاحه بالتزامن مع انعقاد المهرجان، ونصب “شهداء تشرين” للفنان فاضل وتوت.

كما تطرق المؤلف إلى معرض الكتاب الذي نظمته دار الفنون والآداب للطباعة والنشر والتوزيع ضمن فعاليات المهرجان، مع إضاءة لـ”يومية المهرجان” ووظيفتها الإعلامية والثقافية في ترسيخ الخطاب الإبداعي والجمالي للمهرجان، متناولا دور الإعلام الإلكتروني الذي وضع هذه الفعاليات في قلب الحدث المسرحي داخل العراق وخارجه.

معلومات ثرية

عبدالعليم البناء يؤرخ للمسرح العراقي
عبدالعليم البناء يؤرخ للمسرح العراقي

اختتم البناء كتابه بـ”الرسائل الإعلامية للمهرجان” التي أنجزتها اللجنة الإعلامية لتقدم صورة شاملة عن كل فعالياته الأساسية والمصاحبة، والتي تم تزويد وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية بها.

كما احتوت خاتمة الكتاب ملحقا حمل رقم واحد وضم تفاصيل “دليل المهرجان”، وملحقا آخر ضم صوراً لأبرز فعالياته، والسيرة الذاتية للكاتب والإعلامي عبدالعليم البناء الذي يمثل هذا الكتاب حلقة أخرى في سلسلة إصدارته التوثيقية ومن ضمنها كتابه المعروف “أوراق فنية” والذي كان بمثابة أنطولوجيا فنية للمشهد الإبداعي بكل تمظهراته وتجلياته في العراق.

وأول ردود الأفعال والانطباعات الإيجابية حول الكتاب جاءت على لسان الصحافي العراقي المخضرم زيد الحلي الذي كتب على صفحته الشخصية في فيسبوك “الذي لم تسمح له ظروفه بمتابعة عروض مهرجان العراق الوطني للمسرح، دورة سامي عبدالحميد، يكفيه قراءة كتاب الزميل العزيز عبدالعليم البناء ‘بانوراما التحدي والإبداع’ الذي صدر مؤخرا، فهو ملف كامل، جامع عن المهرجان، كُتب بأسلوب ورؤى راقية، وبمتعة ذهنية عميقة منبعثة عن فهم سليم للفن المسرحي، فتشعر أنك تعيش دقائق المهرجان الكبير”.

مضيفاً “لقد أسدى المؤلف معروفاً  للتاريخ المسرحي العراقي بنشر هذا الكتاب الجميل بتصميمه وطباعته، فالرجل دقيقٌ يُحِبُّ دائمًا أن يتثبت في كل ما يقول أو يفعل، فقد امتلأت صفحات الكتاب بمعلومات ثرية عن هذه الفعالية الكبيرة، وحيثيات انبثاقها وتحديات ظهورها في الظروف المعروفة، وبما كُتب من نقد أكاديمي عن العروض بأقلام بيضاء”.

وجاء الكتاب في 218 صفحة من الحجم الوزيري وبأربعة ألوان، وقد قام بتصميمه الفنان عبدالحميد موسى، وتمت طباعته في الدار الجامعية للطباعة والنشر والترجمة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في بغداد. وجرى حفل توقيعه بالتزامن مع الاحتفال بيوم المسرح العالمي مع كتابين آخرين أصدرتهما نقابة الفنانين العراقيين مؤخراً، في أمسية ثقافية أدارها الناقد المسرحي رياض موسى سكران وسط حضور نوعي لعدد من المعنيين والمهتمين بالمسرح فنانين ونقاداً وإعلاميين.

13