باكستان تحذر من حرب نووية في شبه القارة الهندية

اسلام أباد - حذر مستشار الأمن القومي الباكستاني ناصر خان جانجوا، من نشوب حرب نووية في جنوب آسيا، متهما الولايات المتحدة بمحاولة تقويض الاستقرار في شبه القارة الهندية، من خلال تواطؤها مع الهند، لضرب المصالح الباكستانية.
وقال جانجوا في كلمة ألقاها خلال ندوة حول قضايا الأمن القومي، في العاصمة إسلام آباد إن “الهند تقوم بتخزين مجموعة من الأسلحة الخطرة، حيث إنها تهدد باكستان باستمرار بالحرب التقليدية”.
وأضاف أن “الاستقرار في منطقة جنوب آسيا على المحك وآيل للسقوط، ولا يمكن استبعاد إمكانية نشوب حرب نووية”.
وأشار إلى أن “الولايات المتحدة، وكجزء من سياستها لمواجهة النفوذ الصيني في جنوب آسيا، تتآمر جنبا إلى جنب مع الهنود ضد مشروع “ممر الصين – باكستان الاقتصادي”.
ولفت إلى أن “التحالف الهندي الأميركي يتخذ موقفا متطابقا بشأن قضية كشمير، وكثيرا ما تفضّل أميركا الهند على باكستان”.
ويشمل مشروع الممر الاقتصادي، الذي وقعته بكين وإسلام آباد قبل عامين، إنشاء شبكة طرق تمتد لنحو 3 آلاف كلم بين البلدين، ويشمل كذلك السكك الحديد، ومشروعات اقتصادية في مجالات مختلفة.
وأعرب جانجوا، عن اعتقاده بأن “باكستان نجحت في هزيمة مخططات العدو الشنيعة” في إشارة إلى الهند، مشيرا إلى أن خير دليل على ذلك كان إلقاء المسلحين أسلحتهم في أجزاء حساسة من البلاد.
وتابع “الوضع الأمني العام في محافظة كراتشي تحسن تحسنا ملحوظا، وأن الأوضاع في إقليم بلوشستان (جنوب غرب) تتجه في نفس الاتجاه”.
ويعتبر إقليم كشمير، في قلب الصراع الدائر بين باكستان والهند والذي استمرّ منذ خمسينات القرن الماضي، من دون أن يشهد حلا سلميا، حيث استمر التوتر على درجة من الخطورة، خصوصا وأن طرفي النزاع فيه هما اليوم دولتان نوويتان.
وخاضت باكستان والهند ثلاث حروب من أجل السيطرة على إقليم كشمير المتنازع عليه، ففي حين تؤكد إسلام آباد أنها اﻷحق بالسيطرة على كشمير ﻷن أغلبية سكانها مسلمون، تقول نيودلهي إن كشمير هي إحدى محافظاتها.
|
واقتسمت الهند وباكستان إقليم كشمير، في خطوة لم تأت أكلها من أجل إنهاء الصراع، حيث نص الاتفاق على أن تخضع المناطق ذات الأغلبية المسلمة للدولة الباكستانية، فيما تُضمّ المناطق ذات الأغلبية الهندوسية إلى الدولة الهندية.
وتتوجه الهند في تسلحها وبناء قواها العسكرية إلى التوازن مع الصين كخصم محتمل في المستقبل للسيطرة على جنوب آسيا، بينما تسعى الباكستان إلى بناء قوة رادعة تمنع الهند من اجتياحها، لذلك لجأت الى بناء قدرة نووية ووسائل إيصالها من صواريخ عابرة وبعيدة المدى.
ويرى مراقبون أن ميزان القوى بين الهند وباكستان يميل إلى صالح الهند بشكل واضح، ذلك أن عدد سكان الهند يبلغ حوالي 1.125 مليار نسمة، بينما عدد سكان الباكستان يبلغ حوالي 165 مليون نسمة، حيث شكل الإنفاق العسكري الهندي حوالي 100 مليار دولار، فيما لم يتجاوز الإنفاق العسكري الباكستاني 12 مليار دولار.
ونفى المسؤول الباكستاني الاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة لبلاده حول تقاعسها في محاربة الإرهاب والمتطرفين في الداخل.
وأكد جانجوا أن باكستان بدأت تواجه تهديد الإرهاب، منذ بدئها دعم العمليات التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان، معربا عن رفضه للمخاوف الدولية بشأن دور بلاده في محاربة الإرهاب ومعالجة القضايا المتعلقة بالعلاقات مع الدول الأجنبية.
وقال إن بلاده تعاني من مشاكل أمنية، منذ أربعة عقود، و”إن السلام في أفغانستان لا يزال على رأس أولوياتنا”، مشيرا إلى أن دعم بلاده للقوات الأميركية في أفغانستان أدى إلى ظهور الإرهاب في البلاد.
وأضاف “باكستان عانت كثيرا من الحرب ضد الإرهاب سواء من حيث الخسائر في الأرواح أو من الجانب الاقتصادي، إلا أن المجتمع الدولي لم ينظر إلى تضحياتنا في هذه الحرب من منظور إيجابي”.
وتابع “عندما زادت قوة طالبان في أفغانستان، بدأت أميركا بإلقاء اللوم على باكستان لتبرير فشلها”.
وكان وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس قد زار باكستان، في أوائل ديسمبر الجاري، حيث التقى القادة المدنيين والعسكريين هناك وحثهم على مضاعفة جهودهم لكبح جماح المسلحين المتهمين باستخدام البلاد كقاعدة لشن هجمات في أفغانستان المجاورة.
ويشعر المسؤولون الأميركيون بالإحباط، منذ فترة طويلة، بسبب ما يرونه من تردد من قبل باكستان في ردع الجماعات المتشددة مثل طالبان وشبكة حقاني حيث يعتقدون أنها تستغل الملاذ الآمن على الأراضي الباكستانية لشن هجمات في أفغانستان.
وفي أغسطس الماضي، كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عن تغييرات جديدة في السياسات التي تنتهجها بلاده بكل من أفغانستان وباكستان والهند، حيث تعهّد بتعزيز الدور العسكري لبلاده في مواجهة حركة طالبان المتشددة.
واتهم ترامب في استراتيجيته باكستان بـ”توفير ملاذات آمنة للمنظمات الإرهابية”، وداعيا إلى تعزيز دور نيودلهي (الخصم التقليدي لإسلام آباد) في أفغانستان.
وأمام تخلي واشنطن عن حليفتها التاريخية، باكستان، وتوجهها للهند، ألغت إسلام آباد ثلاثة اجتماعات عالية المستوى مع مسؤولين أميركيين، ومررت مشروع قرار بالبرلمان ينتقد سياسة الولايات المتحدة الجديدة، ويصفها بـ”المعادية”.
وتسيطر إسلام آباد على العديد من طرق الإمداد إلى أفغانستان، وهذه الطرق تعتبر ضرورية بالنسبة إلى واشنطن لدعم حملتها الجديدة ضد الإرهاب.